وجع و ضغوطات هائلة كما وكيفا إكتنفت مراحل تنفيذ أداء موازنة الدولة للعام 2012 ويبدو جليا أن المعاناة قد تضاعفت بظهور عورات الإقتصاد وعلى رأسها الفقر وتفشى المرض والبطالة ونال جسد الوزير على محمود من نصال النقد والقدح مايكفى لقتل فيل إستوائى ناهيك عن بشر من لحم ودم ضمد كل جراحاته بلعاب الصبر الذى ظل يلعق به مواقع النصال الواحد تلو الآخر ...وفى إنضباط حزبى نادر تحمل الأخ وزير المالية والإقتصاد كل سقطات السياسة وإسقاطاتها على الاقتصاد وإدارة المال وتصدى سرا وعلانية لكل حملات التشكيك في كفاءة وقدرات ونوايا من هم على كابينة قيادة الشأن الإقتصادى رغم الشواهد الشاخصة للعيان والتى بدت في تدهور سعر صرف العملة الوطنية (6.9ج للدولار ) وإختلال الميزان التجارى (تدفق مفرط لسيول الواردات ) وجموح التضخم (61%) وتفشى البطالة التى تجاوزت حدود الصبر والإحتمال بين الشباب (65%) وبالتالى كساد الاقتصاد وتراجع معدلات النمو وإزدياد الطلب على الهجرة .. ويضاف إلى ذلك سوء إستخدام الموارد المتاحة لغياب التخطيط المهنى والإنحياز للقطاع غير المنتج وعدم ترتيب الأولويات ولو في حدها الأدنى وإهمال كامل الدسم للريف الذى تفرق دمه بين المدن على إمتداد الوطن.. ويتحمل الجهاز التشريعى الرقابى الوزر كاملا لغياب دوره الحاسم في تعضيد دور وزارة المالية والإقتصاد فى المسائلة لتصحيح المساربقوة القانون وللأسف إجتاح طوفان السياسة كل شىء ومن ثم إستغلت بعض الجهات ميوعة الموقف ( سياسة التجنيب مثالا) وضعف حلقة الجهاز التشريعى وغياب مبدأ المحاسبة فقامت برفع وتيرة العصيان والتحايل على المنشورات والقوانين واللوائح التى تمثل أسورة لحماية التصرف في المال العام وتمكن لولاية وزارة المالية مما أعطى الإنطباع بضعف وزارة المالية وعجزها عن التمام في متابعة وتفعيل النصوص الإجرائية التى تكفل حماية المال العام ..وقد بدأ ذلك العقوق جليا في تقرير المراجع العام أمام المجلس الوطنى (تقرير 2011)والذى خضع لكثير من التمحيص والتداول حوله عبر مسيرة طويلة من النقاش الديوانى التقليدى نتفت ريشه و حرمته من الطيران والتحليق في سماوات الفعالية والشفافية مما ترتب عليه ردم تلال من الطمى السفسطائى سدت مسارات تنفيذ موازنة الدولة فأوجدت التجنيب للإيرادات وشجعت اللامبالاة في الإنصياع لوزارة المالية رغم زئير الوزير الذى لم يخيف ثعالب الغابة .. وهكذا تولدت الإشكالات وتناسلت فتراكمت وحجبت البصر والبصيرة وأضرت بمسيرة التطور والنماء بتوجيه جل حركة الانفاق العام بعيدا عن مظلة القانون والرقابة (أنظر ملامح من تقارير المراجع العام المنشور بالصحف السيارة ) .. ويبدو أن الشعب السودانى موعود بصيف موازنة حارق على ضوء عدة إعتبارات جدلية غير محسومة نجدها في ضبابية موقف وزارة المالية والإقتصاد تجاه فلسفة الدعم وزيادة الأجور ومحدودية فرص التمويل الاجنبى لحراك التنمية المحلية والمؤسسية لرفع قدرة الصادرات المحصولية (2مليون طن حبوب) والحيوانية (الحية واللحوم ) والمعدنية (الذهب) على المنافسة الخارجية وعلى الجانب الآخر من المعادلة المعيشية في مفردات موازنة 2013 تظل السيدة الوزيرة أميرة الفاضل وزيرة الرعاية الإجتماعية صاحبة نوايا طيبة لم يتجاوز صداها مرحلة زغرودة فرح إرتدت عند حائط صد الإجراءات البيروقراطية لدراسة مقترحات الموازنة طرف لجان المجلس الوطنى ولأن الوزيرة تغرد خارج الشبكة لم يتردد وزير المالية والإقتصاد في التصدى لهاومطالبتها بالإستقالة لتكفر عن خطئها في سوء فهمها لدورها كعضو في مجلس الوزراء يفترض فيها الانضباط والالتزام برؤية المجلس الموقر بغض النظر عن موقفها الشخصى من قضايا تمس عصب وزارتها.. وخطأ الوزيرة الجوهرى في عنادها المكابر على تسويق مسألة تخصيص الدعم للفقراء (100 مليون ج ) خارج قنوات وضوابط تراها وزارة المالية والاقتصاد .. وكان من الاوفق أن يتم التنسيق بين الوزارتين ( المالية والرعاية ) في مرحلة عرض الموازنة على مجلس الوزراء ولكن هيهات ..وأخيرا إنتفاضة وزير المالية هزمت إصرار الوزيرة لكسر المنظومة الإجرائية لموازنة الدولة 2013وأخشى على سلامة هيكل الموازنة من (مناقرة) ومشادات السادة الوزراء التى ربما تتجاوز العنف اللفظى الى العنف المادى ويمكن لرئاسة مجلس الوزراء حفاظا لهيبة السلطة أن تستبق ذلك (التفلتات الوزارية ) بعقد دورات تدريبية تثقيفية متخصصة لطاقم الحكومة في إدارة الحوار وفنون البروتوكول وضوابط إعداد موازنة الدولة.. وليس هناك ما يحول فكريا وعمليا دون حسم الجدل المعلق حول زيادة جرعة الدعم لضروريات الحياة الاساسية (18مليارج) عبر معالجات ضريبية أفقية وليست رأسية دون المساس برفع غطاء الدعم عن بالوعة الوقود (6.4مليار ج ) والمعادلة في بعدها الإستراتيجى تتيح للدولة الإستفادة الحقيقية من كعكة التمويل المقترحة لرفع الاجور (14.3 مليار ج )وإمكانية توظيفها في تشحيم مفاصل هيكل الموازنة وتضييق فجوة العجز المقدرة بمبلغ (10 مليار ج ).. وكل المدارس الفكرية في إدارة المالية العامة للدولة تقر مبدأ هيكلة بنود الانفاق العام لتنسجم منطقيا وواقعيا مع المأمول والمنظور من بنود إيرادات الدولة (الحقيقية مضافا اليها القروض النظيفة ).. وعافية الاقتصاد القومى مرهونة بشفافية صناعة وتصميم فلسفة موازنة الدولة التى تحرسها قوانين مفعلة وليست (مقرشة ) تتيح للوطن الإستفادة المثالية من إستغلال موارده بتحقيق الإكتفاء الذاتى وتصدير الفائض (ضبط رمانة الميزان التجارى )عبر قنوات مدروسة تلعب السياسة الخارجية المرنه فيها دور المسهل (تجربة كينيا مثالا ) وأحسب ان أس الداء في الاقتصاد السودانى هو إختلال معادلة الميزان التجارى لصالح الواردات خصما على الصادرات وخاصة الزراعية التى مازالت في مرحلة التسول والبحث عن الاسواق الخارجية لتسويقها .. ولاجل ذلك يعتبرفى العرف الاقتصادى العالمى أن بناء موازنة أى دولة من عجينة رفع الدعم عن ضروريات الحياة وتهميش الريف هو بمثابة اللعب بالنار في منطقة ملغومة ممنوع الاقتراب منها أو التصويرفيها .. ولاداعى لاى مغامرة غير محسوبة فوالله قد بلغ السيل الزبى وبنج التخدير فكه!!! ووأسفاى إذا لم تحصن وزارة المالية والإقتصاد نفسها بالإستثمارفى مخرجات الملتقى الاقتصادى الاخيرمضافا إليها رؤية الولايات في تطوير نفسها .. ولاخير في موازنة 2013 إذا لم تحمل بالحلال وفي أحشائها مولود يسمى طريق الإنقاذ الغربى والحديث موجه بالدرجة الأولى للأخوين على محمود (وزير المالية ) وأحمد نهار (وزير النقل والطرق)... ودممممتم !!