بعد معارك دامية دارت على جبهات القتال واخرى حروب إعلامية ؟ وبعد موج صاخب ابتلع كل جبال الممكن رست سفينة البلدين أخيراً على جودي السلام ؟والتجربة خير برهان أذ أيقن كل من قادة البلدين أن لعنة النفط قد أدركتهما بعدما وقفا سويا على حافة الهاوية ؟؟الآن أدرك كل طرف أهمية الآخر بالنسبة له ..والخرطوموجوبا أدركتا أخيراً أن جبال الجليد التي كانت تحجب رؤية الحقيقة ذوبتها حرارة الحرب فأدرك قبطانا السفينتين الجنوبية والشمالية أن مسافة اليابسة قريبة جداً حجبتها سحب ضباب مصنوعة ؟؟؟وبعيداً عن الأفكار المأزومة لبعض النخب في البلدين في الجلسات المخملية في المكاتب والصوالين المكيفة ؟ وتنظير بعض المثقفين المتشنجين وزعيق بعض العنصريين في فضاء العاصمتين الذين يرون بضيق أفقهم وآرائهم المنغلقة استحالة قيام علاقات جيدة بين دولتي السودان. لشئ في نفس يعقوب ؟ هنالك خلف هذه الأبواب المغلقة (شمس) تسطع على السواد الأعظم من هذا الشعب السوداني شمالاً وجنوباً هم المكتوون الحقيقيون بأي نار خلاف بين الدولتين وهؤلاء الغبش البسطاء من المواطنين هم أصحاب المصلحة الحقيقية في رؤية علاقة قوية واستراتيجية تتم بين دولة السودان ودولة جنوب السودان تراعي مصالح الجميع وتحفظ للجميع حقوقهم وتلبي طموحات شعبي البلدين الشقيقين في العيش بسلام ..إن اتفاق التعاون الذي وقعه الرئيسان البشير وسلفاكير في أديس ابابا هو الخطوة الصحيحة لإعادة الأمور الى سيرها الطبيعي وتأكيد للعلاقة الحقيقية للشعب السوداني الجنوبي والشمالي ؟إذ أنه رغم انفصال الجنوب وتكوينه لدولة مستقلة القرار السياسي والاقتصادي إلا أن كثيراً من السودانيين (جنوبيين وشماليين) ينظرون الى علاقات اجتماعية ومصالح اقتصادية كبيرة وتاريخ مشترك ووجدان سوداني واحد ومزاج سوداني موحد لا يمكن أن يُمحى بجرة قلم أو مزاج سياسي عكر؟إن ما يربط بين جوباوالخرطوم أكبر من أي (صبينة سياسية )مؤقتة أو (مراهقة سياسية )أو تكتيك مرحلي لكسب وقت اضافي فالوضع على الأرض لا يحتمل أي تأجيل وكذلك الوضع الاقتصادي الصعب للمواطنين لا يحتمل التسويف والمماطلة ولأن مصير البلدين مرتبط مع بعض ك(توأمين سياميين)لا يمكن فصلهما من بعض حتى لو كان الطبيب الجراح حازقاً ؟؟هذه الحقيقة في علاقة البلدين يجب النظر اليها بعيون مفتوحة حتى لو زعق الموترون فكرياً أو بعض الأقلام الصدئة المصابة بانفصام الشخصية (الشيزوفرينيا)التي تنادي بالبعد عن الجنوبوجوبا وكأن ذلك القرب يُدخل الإنسان مرحلة الكفر ؟نسأل الله لهم السلامة العقلية ..لقد انتهت مرحلة (عض الأصابع) ولعبة من يصرخ أخيراً؟؟في علاقة البلدين بعدما وقفا سوياً فوق الصفيح الساخن وأدرك كل طرف (سذاجة التفكير )في الاستمرار في ذلك المسلسل المؤلم للجميع .لأن أي خلاف سياسي بين البلدين لو تطور الى نزاع دائم سوف يدفع ثمنه ويسدد فاتورته (المواطن الغلبان )البسيط في البلدين هذا المواطن الذي سحقته آلة السوق المجنونة بدون رحمة ؟لذلك فإن العلاقة التي تربط الخرطومبجوبا يجب أن تكون علاقة استراتيجية وليس سياسية (رزق اليوم )التي ظللنا نمارسها دائماً أما أولئك الذين يصرخون ويملؤون المنابر ضجيجاً بخطورة علاقة اسرائيل بالجنوب ؟فلماذا لا نساهم في تغيير هذه العلاقة من درجة الخطر الشديد الى درجة التحييد بحيث لا تتسبب في الحاق أي ضرر بنا مثل علاقة اسرائيل بمصر فالمعروف أن هنالك سفارة اسرائيلية في قلب القاهرة وهنالك سفارة مصرية في قلب تل أبيب في إطار العلاقات الدولية العادية ؟؟؟إن تقوية العلاقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع جوبا سوف يجنب الخرطوم الضرر المباشر من أي تداعيات محتملة لعلاقة اسرائيل بجنوب السودان ؟فالدول تحسب مصالحها جيداً وأعتقد أن الجنوبيين أذكى من أن يضحوا بمصالح كبيرة مباشرة في حال تحسن العلاقات مع السودان واستمرارها ونحن لو احتوينا الجنوب ووطدنا علاقة متينة واستراتيجية معه فعند ذلك تتبدد خطورة اسرائيل على حدودنا الجنوبية ؟ولكن لو نظرنا للأمر بريبة وتركنا الجنوب تحتضنه اسرائيل فإن ذلك سوف يوسع من درجة الخطر ؟إن علاقتنا بالجنوب ضرورية وهامة جداً لنا من كل النواحي (اقتصادياً وأمنياً )فالاقتصاد السوداني تأذى كثيراً بانفصال الجنوب وخروج ثروة كبيرة تتمثل في النفط والمياه والثروة الغابية والثروة الحيوانية التي كانت تمثل رافداً مهماً من روافد تغذية الاقتصاد الوطني الكلي وتحسب من الناتج القومي للسودان هذا إضافة لفقد ملايين الأيدي العاملة المهرة في شتى المجالات وقد ظهر تأثيرها الكبير في المجال الزراعي وقطاع البناء والمنشآت ؟ومع الآلاف من الكيلو مترات الحدودية بيننا والجنوب وهذه الملايين من القبائل المتداخلة وملايين الرؤوس من الثروة الحيوانية السودانية التي تتغذى على المراعي الجنوبية يظل تهدئة الحدود وصنع سلام دائم يخدم اقتصاد البلدين وينشط التجارة أمر في غاية الأهمية ويحقق لشعبي البلدين الفائدة والمنفعة المتبادلة ..الفرص الواعدة التي تحققها علاقة استراتيجية فاعلة مدعومة بسند جماهيري من شعبي البلدين هي البوابة الحقيقية للمستقبل المشرق للبلدين للتطور والمواكبة وهي الحصن الآمن الذي نصد به أي ضرر يأتي من اسرائيل أو أي طرف أجنبي خارج نطاق الاقليم له مصلحة في تعكير صفو الجوار الآمن والعلاقات الاقتصادية بين السودانين؟؟نعم نحن أحق بأخواننا الجنوبيين من كل العالم ونحن يجب أن نمد يد العون لأخواننا في الدولة الوليدة حتى يلحقوا بركب الأمم والحضارة فالسودان يجب أن يكون السباق الى إقامة علاقة ندية محترمة وصداقة قوية ومتينة مع دولة جنوب السودان... والخرطوم يجب أن تنظر بأفق واسع لدورها في إقامة علاقة متينة مع جوبا ستكون هي المستفيد الأول منها والسودان يجب أن يقدم كل عون للجنوب في كل المجالات والخبرات والمساهمة بفعالية في تنمية الجنوب عبر تقديم فرص ومنح الدراسة والدراسات العليا والكورسات وتبادل الخبرات وهذه العلاقة سوف تثمر مستقبلاً واعداً للبلدين وتطفئ بؤر التوتر .كما أن الأبواق والحلاقيم الكبيرة التي تثير ضجيج الاختلاف وتُعظم الخلافات الصغيرة وترى الخطر في علاقة آمنة ومستقبلية بين الخرطوموجوبا هذه الأبواق يجب أن تصمت أو تحجيمها ووضعها في الأرفف منذ الآن حتى لا تسمم جو العلاقة لهذا فإن التصريحات الهوائية المتضاربة يجب أن تتوقف وأن تعتمد الخرطوم إعلاماً دبلوماسياً فاعلاً ؟السودان بلد واعد يجب أن تقوده الأفكار المستنيرة التي ترى مصلحة الشعب وليس مصلحة النخب المعزولة في أبراج عاجية وتغرد من خلف الصوالين المخملية ؟ والقائد الحقيقي هو الذي يراعي مصالح شعبه حتى لو تعارض ذلك مع أفكاره الخاصة .للأسف كثير من القادة السياسيين السودانيين يقرنون كلمة (استراتيجية )بالعواطف والحقيقة أن العلاقة الاستراتيجية لا صلة لها بالعاطفة أبداً فالدول لا يمكن أن يحكمها الشعراء ؟لدينا مصالح حقيقية مع دولة جنوب السودان ويجب مراعاة تلك الحقيقة جيداً والعمل بإخلاص لمصلحة البلد العليا فالعالم اليوم تحكمه المصالح وليس العواطف و الآيديولوجيات ...دولة جنوب السودان هي أهم دولة جارة للسودان ومصالحنا معها تفوق أي مصلحة أخرى مع دول الجوار حتى مصر ليست بأهمية دولة جنوب السودان لذلك علاقة الخرطوموجوبا علاقة استراتيجية مهمة جداً ويجب العمل على تدعيم هذه العلاقة بمد جسور الصداقة والثقة وتمتين الجسور السياسية والاقتصادية عبر تفعيل أكبر للدبلوماسية الرسمية والشعبية .إذاً آن الأوان لكي نترك سياسة (دفن الرؤوس في الرمال)وينتبه الساسة السودانيون لحقيقة تأثر المواطن البسيط بالسياسة المتأرجحة (بين بين)إن دخول المواطن البسيط الى ساحة توجيه بوصلة السياسة الخارجية أصبح الآن في كل العالم من المؤثرات الخاصة في صناعة السلام ؟إن تأثير (حرب هجليج) وأثرها الأقتصادي علي شعبي البلدين جنوباً وشمالاً وتأثيراتها المدمرة على المعيشة اليومية للمواطن السوداني البسيط أمر لا يمكن تجاوزه عند النظر الى مستقبل العلاقة السياسية بين الخرطوموجوبا ؟؟؟الا إذا كان السياسي ليس ذكياً ،فالارتفاع الجنوني لأسعار السلع والبضائع في الأسواق وانهيار قيمة العملة الوطنية في البلدين واقتراب اقتصاد السودان وجنوب السودان من حافة الإنهيار التام والشلل الاقتصادي الذي ضرب دولتي السودان مؤشر يمكن تحليله في الغضب المكتوم للمواطنين في الجنوب والشمال الذين تأثرت حياتهم بشكل مأساوي بالحرب التي دارت بين دولتي السودان وتبعاتها الاقتصادية ؟إذ أن كثيراً من المواطنين السودانيين في السودان وجنوب السودان نظروا الي عبثية حرب جديدة بعد الانفصال وخصوصاً بعد الدماء التي سالت طيلة خمسين عاماً تحت مسميات عدة تأرجحت من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وفي ظل أنظمة متعددة وحكومات متعاقبة وآيديولوجيات مختلفة ؟الآن دخول المواطن السوداني في دولتي السودان الى خانة رفض الحرب وحسم الخلافات سلمياً بعدما تأذى كثيراً من غلاء المعيشة وجحيمية الحياة نفسها التي لم تثمر الا كثيراً من الخيبات والاحباط اليومي .هذا رد الفعل الحاد الذي بات يتبلور في شكل آراء حادة ونقاش يومي في الطرقات وفي وسائل المواصلات يجب أن تنظر اليه القيادات السياسية في البلدين بأفق واسع وأن تحترم رأي المواطن الذي يريد علاقات جيدة وجواراً آمناً وتطويراً للتعاون بين البلدين حتى ينعكس ايجاباً في حياة الناس البسطاء ؟فبعد الانفصال وما جرى يرى كثير من السودانيين أن ليس بعد الكُفر عيب ....في السودان حتى الشيطان نفسه طلب أن تبرئ ساحته من ما ينسب له .المشكلة أن النفوس يجب أن تمتلئ بالصدق ومواجهة الحقيقة مجردة والعقدة تكمن في الجدية لحل الصراع سلمياً لصالح الوطن والمواطن .