على الرغم من انتشار الذهب الصيني المقلد، يظل للذهب الاصلى طعم خاص يشير إلى أنه لا يعني الا الذهب. وانت داخل باحة عمارة مجمع الذهب كلما جال بصرك لا مفر من أن يستقر على قطعة ذهب معروضة خلف الالواح الزجاجية لا يمكنك تجاوزها وتظن انها الاجمل، فكل قطعة تتحدث عن تميزها ولها بريقها الخاص، لكن بعد ارتفاع اسعاره صرفت المرأة النظر عنه، ووجدت البديل الذى لا يقل عنه جمالاً وبريقاً غير فترة الضمان التى لا يستطيع الذهب الصينى ان يصمد بعدها محافظاً على لونه الذهبى «الصحافة» التقت مجموعة من الناس عندما قامت بجولة داخل عمارة الذهب بالسوق العربى، وفي الصالة الخارجية للمجمع كان صوت من ينادون لاستقطاب الزبائن هو الاعلى. وعلى الممر الجنوبي التقينا اعتدال قسم الله التى كانت فى طريقها الى احد التجار الذين تتعامل معهم كما قالت لنا، وكانت اعتدال تحمل بين يديها كمية من الذهب تريد صيانتها، فقالت: انا لم اشتر ذهباً منذ اعوام حيث كان سعر الجرام لا يتجاوز ال «40» جنيهاً، ومنذ ذلك الحين لم احضر الى محلات الذهب على الاطلاق الا بغرض البيع او التغيير. واضافت اعتدال ان دخول الذهب الصينى الذي اغرق السوق جعل منه منافساً خطيراً للذهب، خاصة انه يصعب تمييزه من الذهب الاصلي، وفى ظل ظروف الغلاء وارتفاع الأسعار فإن كثيراً من النساء قمن بصرف ذهبهن ولم يستطعن تعويضه الا بالذهب الصينى. ومن جانبها تحدثت هالة السيد التى كانت تتحلى بصيغة جميلة من الاكسسوارات الذهبية قائلة ان الذهب الصينى جاء رحمة للمساكين ومنافساً خطيراً للذهب الاصلى، مبينة انهم باعتبارهن نساءً لم يميزن فى المناسبات بين النساء اللاتى يلبسن الصينى أو الاصلى، والذهب الصينى لديه اشكال اجمل واروع من الاصلى، اضافه الى ان له فترة ضمان بين ستة شهور وعام كامل، وكذلك اسعاره مناسبة للجميع. كان يجلس متأملاً القطع الذي وقع عليها اختياره، خاصة أنه لأول مرة يدخل محلات الذهب، او كما قال لنا محمد عبد الرحمن الزبون الذي كان جالساً مع صاحب المحل، وتحدثنا اليه قليلاً فقال انها المرة الاولى في حياته التي يدخل فيها محل مجوهرات، وانه قليل المعرفة بانواع واسعار الذهب وثقافته فيه ضعيفة للغاية، ولولا ظروف الزواج لما دخل الى محل ذهب، وقد تفاجأ بغلاء سعر «الأطقم»، واضاف محمد مازحاً انه سيشترى للعروس ذهباً صينياً حيث انه لا فرق بينه وبين الذهب الاصلى. وفي سوق ام درمان التقينا مجاهد بائع ذهب صيني، فقال ان ارتفاع اسعار الذهب جعلت الذهب الصيني يغزو السوق بكميات كبيرة حتى باتت محلاته تنافس الذهب الاصلى، لأن اسعار الذهب الحقيقي باتت خرافية ولا يستطيع رجل شراءه لزوجته. واستبعد مجاهد عودته لسابق عهده، وبهذا الوضع باتت الكرة فى ملعب تجار الذهب الصينى لأنه أكثر طلباً ولا فرق بينهما من ناحية التصميم واللون، لذا نحن نقول «مصائب قوم عند قوم فوائد»، والذهب الصيني أصبح العريس يقدمه فى الشبكة كأنه ذهب اصلى، وتجاوز العرسان الحرج في عدم تقديم الذهب للعروس، وجاء منقذاً لهم.