في زيارتنا الى مدينة النهود حرصنا على تلبية دعوة سكرتير مجلس شورى قبائل الحمر الشيخ عبد الحي صافي الدين الذي اتاح لنا في امسية كردفانية جميلة معرفة اتجاهات الرأي العام بمدينة العلم والعلماء ،وذلك لأن الجلسة ضمت معظم شرائح المجتمع ،حيث اتفق الجميع بمن فيهم اولئك المنتمون للمؤتمر الوطني على ان المحلية وحاضرتها تتعرضان لتهميش وظلم فادحين،وهذا ماعبر عنه بحسرة واسى القيادي بالحزب الحاكم العم ابراهيم حسن ،فالرجل السبعيني ظل يجاهد كثيرا لحبس دموعه وتكاد العبرة تخنقه وهو يتحدث عن عدم اهتمام الحكومة والمؤتمر الوطني بالنهود ووضعها في آخر الاجندة ،واخرج الرجل هواء ساخنا يبدو انه ظل يعتمل في دواخله وقتا ليس بالقصير. حكاية محلية مظلومة وما اكد لنا صدق كلمات العم ابراهيم حسن ماتكشف لنا خلال تجوالنا على بعض انحاء المحلية وخاصة مدينة النهود فمن خلاصتها نستطيع التأكيد على ان النهود تتعرض لظلم فادح من الحكومة فالظلم يتبدى جليا في فقر الخدمات الذي يجول على ساقين في انحاء المنطقة وتجده اينما ذهبت ،وبكل اختصار نقول بان الخدمات منهارة وفقيرة وتدعو الى الرثاء ،والرمال التي اعاقت حركتنا حتى داخل المدينة تفضح ادعاءات ثورة الطرق ، فالنهود لم يعرف الاسفلت اليها طريقا ولو الى متر واحد داخلها،وشبكة المياه لاتغطي سوى حاجة 40% من سكان حاضرة المحلية،وتجول عربات الكارو (ربنا يخليها) لتوزع على المواطنين مياه الشرب، اما في القرى فحدث ولاحرج ،على صعيد التعليم يجلس 80% من تلاميذ المحلية في فصول قشية ومعظمهم يتخذون الرمال وحدات اجلاس ،اما الكهرباء فهي رغم استقرارها بواسطة مولدات الا انها لاوجود لها في الطرق ويلف الظلام كل انحاء المدينة لعدم وجود اعمدة اضاءة كما انها حصريا على احياء وسط المدينة ،اما المستشفى فهو حكاية حزينة التفاصيل ويكفي ان نشير فقط الى ان المرضى ومرافقيهم يقضون حاجتهم في العراء نعم في العراء وخلف العنابر بل حتى النفايات الطبية يتم حرقها داخل المستشفى ،والادهى والامر ان محلية النهود تدر على خزانة ولاية شمال كردفان وبعض مؤسسات الدولة الاتحادية كالضرائب وادارة الغابات 25 مليار سنويا ،ورغم ذلك لاتحظي بادنى اهتمام ،فضلنا الاستماع الى اهل المنطقة الذين بلغ الغبن عندهم مداه لتوضيح الواقع وذلك انطلاقا من المثل الشعبي(الجمرة بتحرق الواطيها)،وقبل استعراض افادات قيادات المنطقة نوضح بعض المشاهد في النهود. مستشفى في غرفة الإنعاش مدير مستشفى النهود فضل وضع يده على الجرح ومثل غيره تحدث بكل شفافية عن واقع المستشفى حيث كشف الدكتور معتصم عبد الله ان المستشفى يواجه الكثير من العقبات التي تؤثر سلبا في ادائه لدوره تجاه سكان المحلية ،وقال ان التسيير يمثل لهم هاجسا كبيرا لجهة اعتماد المستشفي مواردها الذاتية ،وشكى من ارتفاع تكلفة الكهرباء التي تتحمل المستشفى شراؤها دون دعم من جهة بالمحلية او الولاية بنسبة ،مبينا ان هناك نقصا حادا في ادوية الطوارئ التي يتم سداد تكلفتها من ايرادات المستشفى الشحيحة هذا بخلاف توفير الاكسجين ومستلزمات العملية ، وبنك الدم ، الجونتات الطبية ، تكلفة الصيانة بالاضافة كلفة الترحيل والماموريات الى الابيض وترحيل الادوية كلها تتم من موارد المستشفى الشحيحة،ويؤكد عدم تلقي المستشفى لدعم خارجي وزاد: بخلاف ذلك ورغم الكثافة العالية للمحلية هناك الكثير من التخصصات لاوجود لها في المستشفى مثل العيون ، العظام ، الحنجرة والجلدية ،كما يفتقد المستشفى للمعدات الطبية المتطورة ،كما ان الاشعة تحتاج لصيانة وهناك فحوصات لايمكن اجراؤها بمعمل المستشفى ،وابدى الدكتور معتصم حسرته على عدم وجود مرافق صحية بالمستشفى وقال ان هذا الامر يمثل لهم حرجا كبيرا وهاجسا واردف:المستشفى غير جاذب للكوادر الصحية خاصة اطباء الامتياز والعموميين كما هناك نقص في السسترات وكوادر التمريض ،وكشف المدير العام عن ان عدد الاطباء الاختصاصيين يبلغ عشرة اخصائي 7 منهم يتبعون للجامعة و3 فقط لوزارة الصحة. مركز للايدز بالنهود؟؟ في جولتنا داخل مستشفى النهود تفاجأنا بوجود مركز لمكافحة الايدز ويشير مديره أسعد الخير بأن المركز يتبع للبرنامج القومي لمكافحة الايدز وانه من المراكز العلاجية بالسودان وقال:من أهداف المركز التوعية بآثار واخطار فيروس ومرض الايدز ، تقليل الوصمة ، التعايش الايجابي ، تقديم الخدمات للمتعايشين ، الخدمات الوقائية للمجتمع وتقديم خدمات البحوث والمعلومات ،ويشتمل المركز على مركز الارشاد (الفحص الطوعي ) مركز الانتقال الرأسي من الام للجنين ، والداعم الاساسي للمركز هو برنامج الاممالمتحدة الانمائي ،و صندوق الامم للدراسات السكانية ،و اليونسيف ، منظمة الصحة العالمية تقوم بعملية التدريب ،وقال بأن اكثر الفئات عرضة للاصابة بائعات الجنس والمثليين و اعتذر مدير مركز الايدز عن الافصاح عن أرقام النسبة للوصمة ولكنه اكد وجود اصابات . شمعة في عتمة الظلام زارت الصحيفة مركز الدكتور سليمان محمد احمد الطبي بالنهود الذي وفق افادة عدد كبير من المواطنين بمثابة الشمعة الوحيدة التي تضئ ظلام النهود الدامس وطافت الصحافة على جميع وحدات المركز الذي يشتمل على تسع عيادات طبيب اختصاصي من بطانية ، نساء وتوليد ، عظام ، أسنان ، صدرية ، عيون ، عيادة امومة وطفولة و مجمع عمليات و غرفة ولادة تعمل على مدار الساعة. وأكد الدكتور سليمان محمد احمد شرف الدين المدير العام للمركز الطبي بأن هذا المركز تم تشييده بمواصفات عالية الجودة يشتمل على احدث ماتوصلت اليه اجهزة الطب الحديث مشيرا الى المركز يساهم في توطين العلاج بالمنطقة حيث يوجد بالمركز اكثر من تسعة طبيب اختصاصي بالاضافة الى الموجات الصوتية والاشعة وتوجد صيدلية ملحقة بالمركز كما توجد غرف لتنويم المرضى بالمركز وابان ان المركز يقدم وجبات وفق النظام الغذائي للمرضى ومرافقيهم واوضح دكتور سليمان اهتمام المركز بالمرضى وتقديم أفضل الخدمات لهم مشيرا الى ان المركز باشر أعماله منذ فترة واضاف نسعى دوما الى تقديم خدمة افضل الى سكان المنطقة . سواعد الشباب .. معاٍ من أجل النهود في جولة الصحيفة بالمنطقة توقفنا عند احدى التجارب التي يجب ان تحتذى .. انها تجربة منظمة (معا الخيرية) بالنهود التي يؤكد ناشطوها انها ولدت من رحم المعاناة بجهد شبابي خالص رغم العراقيل التي وضعت في طريقها حتى افلحوا في تسجيلها في مفوضية العون الانساني بشمال كردفان ، يقول التجاني عبد الرحمن الشيخ رئيس المنظمة انهم مجموعة من الشباب آلوا على انفسهم المساعدة في دفع عجلة التنمية بمدينة النهود مشيرا الى عقد الملتقى الاسري لابناء النهود في نادي السلام بحضور صلاح صاغة وعلي جرقندي وتداعى له الجميع الذين خلعوا عباءات الاحزاب ولفت الى ولادة المنظمة تمت بعد عسر ومعاكسات كثيرة حيث تم التسجيل في 17/1/2013م واكد ان المنظمة قبل التسجيل احتفلت باعياد الاستقلال لعامين منصرمين اشتملت على معارض تشكيلية و فلكور وتراث شعبي و رفع للعلم وغناء وطني وحديث ، وابان ان المنظمة صانت نادي السلام وأنشأت حوض ماء وصهريج وبناء دورات مياه وبناء مسرح داخل النادي وكشف التجاني عن خططهم المستقبلية بتأهيل عنبر الاطفال بمستشفى النهود وتشييد فصول دراسية لبعض المدارس بالنهود والمساهمة في عمل دراسة شبكة مياه النهود بالاضافة الى تكريم رموز خاصة المرأة وتأهيل الشباب وعمل ورش لكيفية إدارة عمل المنظمات. ظلم كبير يؤكد القيادي بالمؤتمر الوطني بالنهود حبيب الهادي حاجة المنطقة للخدمات كهرباء ، تعليم ، مياه ، صحة وكشف حبيب عن النهود كمحلية تعاني من العطش وان شبكة المياه الموجودة عفى عليها الزمن وانها شيدت في عهد الفريق عبود ،وزاد: ووضعت دراسات لحل ازمة المياه لكنها لم ترَ النور رغم حوض النهود المائي من اكبر الاحواض بالسودان ولكن فشلت الحكومة في استغلاله لمصلحة المواطن ، ونحن اول مدينة في غرب كردفان تدخلها الكهرباء القومية ولكنها لم تتمدد لمعظم الاحياء والآن اصبح المواطن يقوم بالجهد الشعبي لتوصيل الكهرباء ،كما تعاني المدينة من انعدام الطرق الداخلية ووعدنا المركز كثيرا في هذا الصدد لكنه للاسف لم يفِ ،وطرقنا كل الابواب وفي كل عام يتم وضع ميزانية سفلتة الطرق الداخلية للمدينة ولكنها تذهب ادراج الرياح ،ومانزال في انتظار تنفيذ وعود النائب الاول للرئيس الذي اطلقه عام 2005 الذي اكد من خلاله سفلتة 22 كيلو متر بالمدينة ،اما حال مستشفى المدينة فهو يغني عن السؤال وبصفة عامة النهود تتعرض لتهميش كبير وواضح ولانعرف حقيقة اسبابه. روح إنهزامية ويشير رئيس حزب المؤتمر السوداني علي مهدي الى ان النهود تعرضت لاهمال وظلم من كل الحكومات التي تعاقبت على السودان وخاصة حكومة الانقاذ ،مشيرا الى ان كل الانظمة المتعاقبة تستغل ابناء المنطقة لمكاسب سياسية ،واصفهم بالسدنة الذين يخدمون اجندة المركز ويهملون قضايا اهلهم ،وقال انهم يتصفون بالشعور الانهزامي والدونية لذلك لايطالبون ولايعارضون ولايرفعون صوتهم داخل الاحزاب الحاكمة،معتبرا ان الثروات التي تمتلكها النهود تكفي لتحويلها الى محلية متطورة يتمتع مواطنوها بكل الخدمات ،ودعا الى تجميع القرى المتناثرة ليسهل تقديم الخدمات ،مطالبا الحكومة بانصاف النهود وعدم اعتبارها حديقة خلفية وبقرة حلوباً تدر دخلا دون ان تقدم لها علفا وغذاء،وقال ان الريف يعاني وزراعة الصمغ العربي لم تشهد تطويراً للمزارع ،مبديا تعجبه من شرب الانسان والحيوان من اناء واحد،معتبرا ان ذلك يتنافى مع حقوق الانسان في حياة كريمة. دراسات من جانبه يشير الاستاذ بجامعة غرب كردفان الدكتور مامون حمد الى ان انعدام التنمية والخدمات بالنهود يعود الى عدم وجود الخطط والدراسات الاستراتيجية ،داعيا الى اتخاذ العلمية منهجا لتحديد احتياجات المنطقة والمواطنين وكيفية تقديمها ،مطالبا بوحدة الصف الداخلي والتحرك في كل الاتجاهات لاقناع المركز بضرورة الاهتمام بالمنطقة وتوفير الخدمات لمواطنيها. شعور بالتهميش ويؤكد القيادي عبدالرحمن احمد ملوسه شعور كل مواطني المنطقة بانهم مهمشون من قبل الدولة ،قاطعا بعدم وجود تنمية أو خدمات وقال ان هذا خلق حالة من الغبن وسط المواطنين وان بعضهم مضى بعيدا في التعبير عن شعوره بالظلم و دعا الى حمل السلاح،واصفا الوعود التي يتم اطلاقها من قبل المسؤولين بالجوفاء ،مؤكدا بان ردهم على الظلم الذي تتعرض له المنطقة سيكون من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة. ثراء وفقر ويبدي القيادي عوض الزين دهشته من تمتع المحلية بامكانيات هائلة وفي ذات الوقت فقرها في الخدمات ،وقال ان المنطقة لم يتم انصافها لتنال حقوقها كاملة،ويرى بان الدولة مطالبة بانصاف اهل المنطقة على صبرهم وذلك عبر توفير الخدمات والتنمية والاهتمام بالزراعة والثروة الحيوانية. التنمية في شمال السودان فقط؟ ويطالب الاستاذ بتنمية الانسان اولا وقال ان المواطن في المنطقة لم يحظَ بأدنى اهتمام لترقيته وتطويره ،مبديا دهشته من حرمان المنطقة من حقوق اصيلة ،لافتا الى ان التنمية والمشاريع الخدمية يتم تنفيذها في شمال السودان فقط ،وقال ان التعليم في المحلية يشهد انهيارا تاما ويفتقر الى البيئة المدرسية والكتاب المدرسي لافتا الى ان معظم مدارس المحلية تفتقر الى المرافق الصحية. استياء وغضب أما عميد كلية التربية بجامعة غرب كردفان الدكتور آدم ابراهيم حمدي فيشير الى ان كل المحليات الغربية تعاني الكثير من الاشكاليات بسبب سوء التخطيط لافتا الى ان كل المحليات الغربية تعاني من اشكاليات مشيرا الى أن ذلك يرجع لسوء التخطيط بالمنطقة واكد ان هذه المناطق تزخر بنشاط اقتصادي كبير ذو عائد مالي ضخم و اراضي صالحة للزراعة والرعي وإنسان عامل و يشخص حمدي المعضلة في غياب المجالس التشريعية المحلية ويدعو الى الاسراع في تكوينها لتؤدي عملها في مراقبة الجهاز التنفيذي ومساعدته في انفاذ مشاريعه ويؤكد حمدي ان الكوادر بالمنطقة تشعر باستياء واضاف انها مغبونة أو مظلومة ،مشيرا الى تمتع المنطقة بالسلم الاجتماعي بيد ان حمدي يؤكد أن كل التزامات المركز تجاه المنطقة لم تنفذ مما جعل الاحباط كبيراً أغنياء ولكن؟ ويشدد مدير مؤسسة السودان العلمية للعلوم والمعارف بالنهود آدم محمد احمد سليمان على انهم مصرون في مطالبتهم بولاية النهود مشيرا الى ان الولاية المقترحة تعتبر من أغنى الولايات في السودان لما تتميز به من ثروة حيوانية وزراعية والبترول بالاضافة الى الاستقرار الامني والتعايش الاجتماعي بين مكونات المنطقة الاجتماعية وابان انهم وعدوا من جانب نائب الرئيس في مقابلتهم الاخيرة معه بإنشاء صندوق لتنمية المحليات الست بدار حمر واضاف نحن ننتظر قيام هذا الصندوق الذي وعد به النائب الاول. الولاية هي الحل بينما اكد سكرتير مجلس شورى حمر الشيخ عبد الحي صافي الدين على ضرورة قيام ولاية وعاصمتها النهود مشيرا الى ان الولاية ستمثل كل الوان الطيف وهي ليست ولاية قبيلة ولاتوجد عنصرية كما يزعم البعض واضاف (نحن في دار حمر نجاور 12 قبيلة ونجاور 3 ولايات وتم تخيرنا مابين الفولة او الابيض ولايوجد أي خلاف بيننا واهلنا المسيرية ولكننا فقط نريد أن نحكم أنفسنا ) وتساءل صافي الدين على لماذا يغضب اهالي النهود ؟ ويجيب ان النهود تنهض دوما ضد الظلم والغبن الذي لحق بالمنطقة واكد صافي الدين ان في امارة دار حمر اكثر من 1382 قرية و35 شرتاي وأمير ومجلس شورى للقبيلة كلهم يطالبون بقيام الولاية.