استحوزت قضيتا تعليق 9 من أعضاء تشريعي شرق دارفور لنشاطهم البرلماني ، ومقتل العمدة أحمد سالم ، علي اهتمام الشارع بالولاية ومدينة الضعين، واضفي تزامنهما مع تولي والي الولاية عبد الحميد موسى كاشا مهامه رسميا بعدا اخر علي الحدثين. ظاهريا قد لا يبدو هناك رابط بين الحدثين، ولكن لنستعرض تفاصيلهما بدءا، فالحدث الاول يتمثل في تعليق تسعة من اعضاء تشريعي الولاية لنشاطهم البرلماني الي اجل غير مسمي، والتسعة اعضاء ينحدرون من قبيلة المعاليا احدي كبري مكونات الولاية ولها وجود طاغ بعدد من محليات الولاية ابرزها ابو كارنكا وعديلة ، والاعضاء جزء منهم ينتسبون للمؤتمر الوطني واخرون للحركات التي اختارت السلام وتشارك في اجهزة حكومة الولاية ومنها التحرير والعدالة ، ويرجع الاعضاء استقالتهم الي ما اسموه بان هناك ممارسات شبه قبلية تتم داخل قبة برلمان الولاية وذلك علي خلفية اسقاط المجلس تقريري اداء وزيري الزراعة والشؤون الاجتماعية وهما ينحدران من ذات قبيلة الاعضاء التسعة ، والذين دفعوا بمذكرة الي رئيس المجلس وقيادة المؤتمر الوطني بالولاية وعدد من الجهات اوضحوا من خلالها ان البرلمان المحلي وبالطريقة التي يدار بها لايمكن ان يقدم مايفيد المواطن ،ويعتقد عضو بالتشريعي «رفض الكشف عن هويته» ان تعليق ممثلي المعاليا لنشاطهم يعود الي تشكيل الاعضاء المنحدرين من قبيلة الرزيقات اغلبية ميكانيكية تمكنهم من التحكم في قرارات المجلس، وقال ان عددهم يتجاوز العشرين عضوا ما يتيح لهم فرض سيطرة غير معلنة برغم ان رئيس المجلس لاينتمي الي الرزيقات. ويوضح العضو محمد أحمد محمد اسماعيل انهم من خلال المذكرة التي قاموا بتسليمها لرئاسة المجلس استهجنوا الطريقة التي يدار بها التشريعي، وقالوا انه لايمكنها تقديم مايفيد انسان الولاية ،لافتا في حديث ل«الصحافة» الي انهم علقوا نشاطهم وتقدموا بالمذكرة دون النظر الي جوانب قبلية وجهوية ، مؤكدا ان هدفهم ان يكون لتشريعي الولاية تواجد مؤثر وقوي يسهم في دفع عجلة الحياة بشرق دارفور ويعود حراكه ونشاطه بالنفع علي انسان الولاية، مبينا انهم تركوا المسؤولين ان يحددوا المطلوب وكيفية معالجة اوجه القصور، هذا مايتعلق بشأن المجلس التشريعي وعلمت«الصحافة» ان هناك تحركات مكثفة تمت خلال يوم امس تهدف لاحتواء القضية والوصول بها الي بر الامان حتي لا تتشعب وتؤثر علي اداء اجهزة الولاية ، علما بان المجلس ليس منتخبا وتم تعيينه عقب انفصال شرق دارفور من ولاية جنوب دارفور قبل عام ونصف . اما القضية الثانية التي استحوزت علي اهتمام واسع من قبل كل مجتمع شرق دارفور بمكوناته المختلفة فتمثلت في حادثة مقتل العمدة بقبيلة المعاليا ورئيس شوري الحزب الحاكم بمحلية ابوكارنكا أحمد سالم مساء امس الاول علي ايدي معتادي اجرام كما اشار مصدر، وتعود تفاصيل مقتله الي يوم السبت الذي صادف حضور عبدالحميد موسى كاشا للولاية ،حيث قاد العمدة أحمد سالم وفدا اهليا كبيرا من قبيلة المعاليا للمشاركة في استقبال الوالي وبعد الانتهاء من الاحتفال بالضعين قفل راجعا مع وفده مساء الي منطقة دار السلام التابعة لمحلية ابوكارنكا، الا ان متفلتين يقودون دراجة بخارية اعترضوا طريق عربة العمدة أحمد سالم واطلقوا عليه اعيرة نارية اصابته في مقتل وقاموا بنهب اموال ومقتنيات ، وعقب الحادثة مباشرة وبقيادة وزير الشؤون الاجتماعية ومعتمدا ابوكارنكا والفردوس تحرك سريعا من امام امانة الحكومة فزع 15 علي متن عربة من القوات الشرطية والامنية وشعبيين لتعقب الجناة الذي استمر طوال ليل الاول من امس حتي تمكن الفزع من القبض علي المعتدين بمحلية عسلاية صباح امس ، وخرجت الضعين لاستقبال الفزع الذي خاطبه الوالي كاشا مشيدا بالانجاز وسرعة القبض علي المتهمين ، مؤكدا علي ان حكومته ستتصدي بقوة وحسم لكل اشكال التفلت الامني . الرابط مابين الحدثين كان عنوانا بارزا تجسد في مشاركة وفد مكون من 400 من قيادات الضعين الرسمية بقيادة الوالي كاشا والشعبية وتقدمها ناظر الرزيقات في مراسم عزاء العمدة أحمد سالم الذي كان يتمتع بمكانة كبيرة في الولاية لما كان يمتاز به من حكمة وخدمة لكل مكونات شرق دارفور ، ويشير القيادي بالمؤتمر الوطني وإحد اعيان قبيلة الرزيقات محمد عثمان خميس حراز الي ان العمدة أحمد سالم ذرف عليه افراد قبيلة الرزيقات الدمع الثخين قبل اهله المعاليا وذلك للمكانة الكبيرة التي يحتلها في قلوبهم ، مشيرا في حديث عبر الهاتف ل«الصحافة» من داخل سرادق العزاء بمنطقة دار السلام الي ان الحزن سيطر علي كل اهل الولاية لفقدان العمدة الذي وصفه بحمامة السلام ، معتبرا ان مشاركة اهل الولاية في مراسم العزاء تأتي تأكيدا علي التقدير الذي يكنه الجميع للراحل، معتبرا اياه فقدا لشرق دارفور. رغم رياح السياسة التي هبت علي تشريعي شرق دارفور مثيرة خلافا في وجهات النظر بين الاعضاء المنحدرين من قبيلة المعاليا ونظرائهم في قبيلة الرزيقات ،الا ان وزير الشؤون الاجتماعية عثمان قسم علي يؤكد على متانة العلاقات الاجتماعية بين مختلف مكونات الولاية ،مشيرا في حديث ل«الصحافة» الي ان مايربط بين المعاليا والرزيقات تاريخ ضارب بجذوره في الاعماق البعيدة واحترام متبادل وتعايش سلمي فريد ،وقال»هي علاقة قوية وممتدة وستظل كذلك». ويعود القيادي محمد عثمان حراز ليعضد من حديث وزير الشؤون الاجتماعية ،مؤكدا ان مايجمع بين الرزيقات والمعاليا تاريخ مشترك من المجاهدات والتعاون والمصاهرة ،وقال ان شرق دارفور ظلت تحافظ علي متانة نسيجها الاجتماعي بفضل العلاقة القوية التي تجمع بين مكوناتها. ويقطع نائب رئيس المؤتمر الوطني بشرق دارفور الدكتور حسن بعدم تأثر علاقة القبيلتين بالخلافات السياسة ،مشيرا في حديث ل«الصحافة» الي ان المشاكل الصغيرة التي تظهر دائما ماتجد العلاج السريع ،مؤكدا علي تماسك النسيج الاجتماعي بالولاية ، وقال «الاشكال بالتشريعي ليس قبليا وقيادة المجلس تملك القدرة والامكانية علي حله والتوفيق بين مختلف الاطراف لما فيه خير ومصلحة الولاية. قد يبدو للاعضاء التسعة قضية عادلة حسب تقديرهم وفي ذات الوقت ربما يكون للاعضاء الاخرين وجهات نظر مغايرة ،الا ان مراقبين يؤكدون علي ضرورة سرعة حل القضية ،مستبعدين ان تتسبب في حدوث أزمة سياسية وإثنية بشرق دارفور.