انتهت الانتخابات التي وصفت بأنها الأعقد في العالم، رغم مطالبات البعض من قبل أن تبدأ بتأجيلها، ورفض المؤتمر الوطني لهذا الأمر، ومن ثم كانت مقاطعة بعض الأحزاب لهذه العملية. ونحمد الله أنها انتهت بخير بغض النظر عما يحكى عنها. لكن ماذا بعد هذه الانتخابات؟ الحزب الحاكم صرح بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، والبعض يطالب بحكومة قومية، وآخرون يرون أن المؤتمر الوطني لا يريد تحمل مسؤولية فصل الجنوب لوحده في حال اختار الجنوبيون هذا الخيار عند الاستفتاء، وبالتأكيد هذا التحليل غير دقيق، لأن تقرير المصير من ثمرات اتفاقية نيفاشا، وشريكا هذا الاتفاق هما من يتحمل المسؤولية التاريخية في أعظم حدث في تاريخ السودان، وبالتالي لا مسؤولية لأي كيان سياسي سيشارك في الحكومة المقبلة، وهذا أيضاً غير مهم، ودعونا نتأمل السيناريوهات التالية: - في حال انفصال الجنوب وهذا الأرجح حسب واقع الحال، هل الحكومة جاهزة لهذا الانفصال وتبعاته؟ وهل انتهت من ترسيم الحدود؟وهل هي جاهزة ومحتاطة للتداعيات الأمنية التي يمكن أن تحدث؟ وغير ذلك الكثير، ولم نسمع أي حديث من المسؤولين في هذا الإطار، ولا يمكن قبول التفاهمات السرية بين الطرفين في المسائل المصيرية. - في حال كانت نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة، هل في هذه الحالة لا توجد مخاطر أو مهددات؟ اعتقد توجد كثير من المهددات، ويتمثل ذلك في رفض بعض القوى الجنوبية الانفصالية لهذه النتيجة، وفي هذه الحالة لا خيار لها إلا الحرب ليس على الجنوب فقط وإنما على الشمال تركيزا، وسوف تشتعل الحرب في الجنوب «مع بعضهم البعض» فماذا أعدت الحكومة لمثل هذا السيناريو، فهذه السيناريوهات شبه أكيدة، والدليل على ذلك أين نتيجة التعداد السكاني الذي صرفت عليه ملايين الدولارات. لكن نأمل من المؤتمر الوطني وكل الأحزاب والقوى السياسية السودانية أن تتجاوز المرارات والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة من أجل السودان الذي يبعد الآن بضع شهور من أن يكون أو لا يكون، فليس المهم في هذه المرحلة الحرجة المشاركة في السلطة من عدمها، ولا نريد معارضة تناطح بل نريدها تصالح وتناصح، ولا نريد التفاخر بالفوز بنسبة 95%، ورفع الشعارات الاستفزازية، ولكن نريد أن نسمع البشير والصادق المهدي والميرغني والترابي ونقد وبقية القوى السياسية، وقد اتفقوا جميعاً على أن تكون كلمتهم واحدة، هل هذه «أحلام ظلوط»؟!