رغم وصول الخلاف بين الجهازين التشريعي والتنفيذي بولاية نهر النيل الي ردهات المحكمة الدستورية مؤخرا، وبالرغم من اثارة البرلمان المحلي لعدد من القضايا التي استحوزت علي اهتمام الرأي العام بالولاية خاصة تلك المتعلقة بالفساد والتجاوزات، الا ان المجلس لم يسلم من سهام النقد التي ظلت توجه له من قبل مواطنين ومراقبين يؤكدون ضعفه وعجزه عن اداء ادواره وعدم مخاطبته لجذور القضايا الحقيقية التي تهم سكان نهر النيل. ويعترف عضو المؤتمر الوطني بالولاية خضر النعمان بضعف اداء المجلس التشريعي وعدم قيامه بمهامه التشريعية والرقابية المناط بها ،عازيا في حديث ل«الصحافة» عدم وجود تأثير ملموس للمجلس في حياة المواطنين الي تكوينه الخاطئ ،لافتا الي انه قام علي محاصصات قبلية في المقام الاول ،وان معظم اعضائه باتوا وجوها قديمة ومتكررة منذ سنوات طوال خلت ،ويري ان النائب البرلماني في الولاية ظل بعيدا عن القواعد التي اتت به ،ضاربا المثل بنائب دائرتهم ، «منطقة المناصير الجديدة لديها ممثلون في تشريعي الولاية، احدهما فاز في النسبية وهذا لم نراه منذ ان انتهت الانتخابات في 2010،وعلي ذلك قس». الا ان المتتبع لتشريعي نهر النيل يلحظ ارتفاع صوته في وجه الجهاز التنفيذي في اكثر من قضية خاصة تلك المتعلقة بالاوامر المحلية واختصاصات الوزراء وتجاوزات الاراضي والفساد ،وهي شجاعة بحسب مراقبين قد تبدو غائبة بعدد من المجالس التشريعية بولايات البلاد،وقد أدى خلاف حول نص دستوري بين الجهازين التشريعي والتنفيذي بنهر النيل للوصول الي المحكمة الدستورية للبت فيه، وتأتي الخطوة بحسب البرلمان ضمن مهامه الدستورية الهادفة لتصحيح ممارسة الجهاز التنفيذي لدوره،والاختلاف بين الجهازين التشريعي والتنفيذي يدور حول تفويض الوزراء ومسؤولياتهم، وارتضي الطرفان الفصل في الخلاف عبر المحكمة الدستورية بعد استنفاد كل الخطوات نحو الحل، ويري تشريعي نهر النيل أن اختصاصات الوزراء منصوصة بتفويض حسب الدستور، وانه لابد من تحديد اختصاصات الوزراء حيث لابد أن تكون بقانون يجاز عبر المجلس. والخلاف بين الجهازين التشريعي والتنفيذي ليس وليد القضية الاخيرة فقد سبق في العام 2010 ان تقدمت لجنة الشئون القانونية والأمنية بالتشريعي بطلب عاجل لديوان الحكم اللامركزي للنظر في اقامة محاكم دستورية ولائية بالبلاد وذلك بهدف الرقابة على الدساتير الولائية والحيلولة دون انتهاكها، وللفصل في مخالفات الولاية وأجهزتها لنصوص الدستور الولائي وان يتبني ديوان الحكم اللامركزي تعديل ماتضمنه قانون الحكم المحلي من مصطلح الأوامر المحلية، واعادة تسميتها «بقوانين محلية». واكد رئيس المجلس التشريعي يحي محمد حبيب السيد أن الأوامر المحلية التي لم يجزها المجلس لا قيمة لها، داعيا المواطن لمعرفة حقوقه ،وقال ان المجلس قام بتشكيل لجنة للطواف على المحليات، واوضح أن الاختلاف بين المجلس والجهاز التنفيذي ينحصر في وجهات النظر والممارسة، معلنا أن العلاقة محكمة بين الجهازين، مشيرا الى اختلاف السلطة التشريعية مع التنفيذية حول اختصاصات الوزراء والتفويض، مؤكدا توافقهم علي رفع الأمر للمحكمة الدستورية للفصل فيه وتحديد صلاحيات الوزير. الا ان كل ذلك يبدو في نظر البعض مجرد ذر للرماد في العيون وان الخلاف بين الجهازين التنفيذي والتشريعي ماهو الا مسرحية لصرف انظار المواطنين عن ضعف ادائهما ،وهذا مايذهب ناحيته الناشط في مجال حقوق الانسان بالولاية عمر كبوش الذي يؤكد علي ضعف الجهازين التشريعي والتنفيذي بنهر النيل ،معتبرا الخلاف الاخير بينهما لايعني المواطن في شئ،وينتقد كبوش في حديث ل«الصحافة» اداء المجلس التشريعي الذي دمغه بعدم متابعة قراراته وتوصياته والصمت عنها ، واردف: كثيرا مانسمع ان المجلس التشريعي وجه بفتح بلاغ في قضية تجاوز ضد الجهاز التنفيذي ،ولكن لايعرف المواطن ماذا حدث بعد ذلك ،ضاربا المثل بالشركة التي استولت علي 2 مليار تخص الحفائر والدوانكي دون وجه حق ،وباراضي سوق العبيدية وقضايا اراضي شندي وسوق السعف و المحجر البيطري بالدامر والمسجد الذي استولي احد قيادات الحزب الحاكم علي مساحة كبيرة منه دون وجه حق وشيد فيها فندقا ومتاجر وغيرها ،ويري كبوش ان ضعف المجلس يعود الي سيطرة شخصية واحدة علي كل قراراته ،معتبرا ان قوة شخصية رئيسه وهيمنته لاتعود بالنفع علي مواطن الولاية بل له فقط. تشريعي نهر النيل اثار من قبل الكثير من قضايا الفساد منها الفندق السياحي بالدامر ،كما رفض التصديق بقناة تلفزيونية،ووجه انتقادات الي الكثير من الوزراء ووسم اداءهم بالضعف ابرزهم وزراء الصحة والمالية ،واخيرا خلافه مع حكومة الولاية حول صلاحيات الوزراء والاوامر المحلية ،ولكن رغم ذلك يظل متهما بالضعف والتبعية المطلقة للجهاز التنفيذي ،وهنا ينفي رئيس اللجنة القانونية بالمجلس مولانا جمال حسن سعيد وجود خلاف جوهري بينهم وحكومة الولاية،لافتا في حديث ل«الصحافة» الي ان التناغم بين الجهازين لايعني تذويب احدهما في الاخر،مؤكدا علي ان المجلس ظل حاضرا في كل القضايا التي اثيرت مؤخرا، وزاد:قضية اموال الحفائر والدوانكي وصلت الي مراحل متقدمة عبر النيابة العامة ووزارة التخطيط ونحن نتابعها رغم اختفاء صاحب الشركة،كما ان قضية اراضي شندي وجدت اهتماما وطلبنا تقريرا مفصلا من الوزير يتوقع ان يقدمه في بداية دورة الانعقاد القادمة ،وكذلك سوق العبيدية اهتممنا بامره بعد ان حدثت تجاوزات في توزيعه،وينفي سعيد معرفة المجلس بقضية سوق السعف،لافتا الي انهم لايقومون بدور الشرطي ولكن يتفاعلون ويهتمون بكل شكوى يتقدم بها المواطنون،ويرفض رئيس اللجنة القانونية اتهامهم بالضعف وبهيمنة رئيس المجلس علي القرارات ،مؤكدا صدورها بعد اخضاعها للتداول بكل شفافية وحرية بواسطة لجنة شؤن المجلس والاعضاء ،وقطع قائلا»شخصية رئيس المجلس ليست طاغية ،كما انه ليس بمقدوره فرض السيطرة علي الاعضاء ،انهم منتخبون مثلما هو منتخب». ويعود القيادي بالحزب الحاكم بنهر النيل خضر النعمان، مشيرا الي ان قضية المناصير الاخيرة اظهرت ضعف المجلس الذي وقف متفرجا وان حلها جاء من قبل المركز ،مشيرا الي ان المجلس لايهتم بالقضايا الحقيقية للمواطنين، وزاد:في الوقت الذي اهتم فيه بانفاذ قرار منع استعمال اكياس النايلون ،نجد انه غض الطرف عن قضايا حقيقية مثل الاثار السالبة المترتبة علي نشاط تعدين الذهب بالولاية مثل تفشي المخدرات وانتشار الخمور وزيادة التفلتات الامنية والعزوف عن الزراعة وحالة الغلاء بالولاية ،وكذلك لم يهتم بتزايد اعداد العطالي خاصة في شريحة الخريجين ،محملا قيادة المؤتمر الوطني بالولاية اسباب ضعف التشريعي، وقال ان الحزب الحاكم بدوره ليس له نشاط الا عند زيارة رئيس الجمهورية او الانتخابات ،ما انعكس ذلك علي المجلس ،وقال ان هناك قنبلة موقوتة تحاشي المجلس حسمها منذ ثلاث سنوات وانها قابلة للانفجار في اي لحظة وهي تلك المتمثلة في الاراضي المصادرة لتوطين المتأثرين من المناصير بالدامر ،وقال ان هذه القضية من شأنها ان لم تجد الحسم من المجلس التشريعي التأثير سلبا علي النسيج الاجتماعي بالولاية. الا ان رئيس اللجنة القانونية بتشريعي نهر النيل مولانا جمال حسن سعيد يؤكد علي اهتمام المجلس بكافة القضايا التي تهم المواطن ،مشددا علي قيامهم بادوارهم التشريعية والرقابية.