تقرير: ماجد محمد علي: من دون سابق انذار طفت على سطح الصحف اخبار عن خلافات جديدة بين قيادات حزب الأمة، واشارت لتصدعات وانشقاقات وشيكة في جدار الحزب الصامد منذ اعوام على مواقفه المعلنة تجاه قضايا البلاد. خرجت الخلافات هذه المرة ، بحسب الصحف، من مكتب الامين العام المنتخب الدكتور ابراهيم الامين، والسبب هو عدة قرارات ، غير سليمة، بتعيين واعفاء اعضاء في امانته العامة. فهل اسباب هذه الخلافات الخطيرة « تنظيمية» وليست بسياسية، ام ماذا؟ وهل يمكن معالجتها في اطارها المؤسسي المرسوم حسب لوائح الحزب ودستوره. ما يؤكد على الفرضية الاخيرة حتى الان الكثير ، ومما يؤكد على هذا الاتجاه اكثر القرارات الصادرة من السيد الصادق المهدي رئيس الحزب في هذا الصدد، اذا نقلت عنه وسائل الاعلام توجيهات بابطال قرار الأمين العام بتعيين اسماعيل آدم نائباً له وعدته مخالفاً للوائح ودستور الحزب، وتكليفه كل من صديق محمد اسماعيل وعبد الرحمن دوسة وعبدالرحمن الغالي بصياغة القرار وتوزيعه. لكن البعض يذهب بالوقائع تلك الى اتجاهات اخرى مخالفة، فالانباء المتداولة تتوقع صراعا شرسا بين الامين العام ومجموعته والمكتب السياسي حول هذه القضية، وربما تعتمد في ذلك على ما جري ايام انعقاد الهيئة المركزية للحزب بين الدكتور ابراهيم الامين واعضاء المكتب السياسي حينما رفضوا اول قائمة من ترشيحاته للامانة العامة،فضلا عنه انها توحي بان هذا الخلاف حول تعيينات واعفاءات الامين تخفي صراعا اعمق داخل مؤسسات الحزب الكبير حول المشاركة في السلطة. غير ان المتابع لكواليس الحزب يدرك انه قد ربط اي مشاركة حقيقية في السلطة بجملة اشتراطات يتفق فيها مع قوى المعارضة الاخرى. ومنع هذا الالتباس ربما هو ما دفع بمساعد الأمين العام للعلاقات الخارجية بالأمانة العامة لحزب الأمة القومي السفير نجيب الخير عبدالوهاب الى ان يجدد من موقف حزبه من قضية الحوار مع المؤتمر الوطني حتى لا يتم خلط الاوراق، انطلاقا من الأزمة التنظيمية الماثلة في الأمة، فقد قال الرجل امس ان الحوار مع المؤتمر الوطني لا قيمة له ان لم يكن مقتنعاً تماماً بحتمية انهاء سلطة الأمر الواقع. وأضاف أنه لا فرص لنجاح الحوار ان لم يكن هنالك اتفاق شامل بين القوى السياسية والمؤتمر الوطني حول اطار مرجعي للحوار يشمل الاتفاق على المفاهيم الأساسية المرتبطة بالحوار وعلى رأسها مفهوم الشرعية والتحول الديمقراطي ووضعية أطراف الحوار ووحدة منابره، هذا الى جانب ترتيبات المحاسبة والمساءلة. واشار الخير الى أن ربع قرن من تجارب الحوار السابقة قد رسخت قناعة القوى السياسية بأنه ساذج من يعتقد أن المؤتمر الوطني الذي صعد للسلطة دون انتخاب يمكن أن يرتب انتخابات تقوم على أساس التنافس الحر والعادل، قاطعا بأن لا سبيل لحل أزمة الحكم الراهنة ووضع نهاية للحروب الراهنة دون التوافق على ترتيبات انتقالية تنقل البلاد من سلطة الأمر الواقع الى سلطة التفويض الشعبي. والشاهد على ان الرجل يعبر حقيقة عن مواقف الحزب، تتطابق مع ما ادلى به مع توضيحات كانت قد قدمتها رئيس المكتب السياسي سارة نقدالله «للصحافة» في اطار ردها على تساؤلات عن حقيقة موقف الأمة من الحكومة ودعواتها للحوار، اذ شددت على ان الحزب يرغب في حوار شامل يضم كل الاطراف ويستند على ارضية من الحريات العامة . وليس بعيدا عن ذلك قالت مصادر داخل الحزب بالامس «للصحافة» ، بعد ان طلبت حجب هويتها، ان الأزمة قد اوشكت على الانتهاء بعد اجتماع ضم السيد الصادق المهدي والامين العام ابراهيم الامين بحضور مجموعة من اعضاء المكتب السياسي. واشارت المصادر الى قرب صدور قرارات من الامانة العامة بتعيينات جديدة تستكمل الشواغر فيها، بعد توافقات بين الجميع. والمحت المصادر الى وجود احساس داخل دوائر الحزب باستهدافه وفق مخطط علمت به قيادة الحزب، مؤكدة على ان الرئيس والامين العام اتفقا على التعامل مع رؤوس الفتنة داخل البيت بالشدة والحزم. عضو المكتب السياسي للحزب صالح حامد محمد أحمد يوضح «للصحافة» بان دستور الأمة يضع حدا فاصلا بين المؤسسة السياسية ممثلة في المكتب السياسي والمؤسسة التنفيذية ممثلة في الامانة العامة، مشيرا الى ان عملية صناعة القرار السياسي حق مطلق للمكتب السياسي فيما تعنى الامانة العامة المنتخبة من الهيئة المركزية بتنفيذ القرارات وادارة الحزب ادارة تنفيذية . اذن، والكلام لصالح، فان من صميم عمل ومهام الامين العام اختيار وترشيح الطاقم التنفيذي الذي يناسبه « بشرط ان يتم الاختيار استنادا على الاسس التنظيمية والتدرج التنظيمي فضلا عن توافر الشروط والمتطلبات الواجبة لاي موقع». الدكتور سامي عبد العاطي استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية يحلل تلك المجريات والوقائع فيشير من جهته الى ان الامين العام لحزب الامة ظل طوال الشهور الماضية على وفاق مع قيادات الحزب الاخرى رغم افشالها في اجتماعات المكتب السياسي للمرة الثانية على التوالي تمرير القائمة التي اختارها لتولي امانات الامانة العامة المختلفة، ورغم رفض أعضاء المكتب السياسي للحزب قائمة الدكتور ابراهيم الامين و احتكام الفرقاء الى التصويت المباشر على القائمة كخطوة غير معهودة في الحزب الكبير، وهو ما يعني في اعتقاده امكانية تجاوز هذه الخلافات بين الاطراف بصورة غير مكلفة. ويرى المحلل السياسي ان ما يحدث في الحزب الان لا يتعدى خلافات تنظيمية يمكن حسمها عن طريق لوائح ودستور الأمة ، معتبرا ان شخصية الامين العام نفسها ستساعد على تجاوز هذا المنعطف لانها وفاقية ولانها ذات ارتباط وثيق بمختلف التيارات المنادية بالاصلاح،والداعية الى انتصار المؤسسية في الحزب.