هي واحدة من القلائل اللائي حصلن على درجة الدكتوراة في هندسة أداء البرمجيات، ولها خبرة أكاديمية مقدرة تقارب «16» عاماً في التدريس والاشراف على طلاب المستوى الجامعي وفوق الجامعي بجامعة الخرطوم وجامعة برادفورد وجامعة إمبريل بلندن، اضافة لمساهماتها في التعليم العالي، فقد اكتسبت خبرة مهنية بوصفها مهندسة برمجيات ومستشاراً لعدد من الشركات السودانية المرموقة، بالاضافة الى ذلك فهي حاصلة على عدة جوائز ومنح، أبرزها منحة من مؤسسة شلمبرقر التي مكنتها من متابعة بحوثها بقسم علوم الحاسوب بجامعة إمبريل بلندن، وتدور بحوثها الحالية في مجال تطبيق النماذج الاحتمالية للتنبؤ بأداء نظم قواعد البيانات، وقد تصدرت احدى منشوراتها العلمية «قائمة الأوراق الأكثر شهرة» لأهم الدوريات في مجال هندسة أداء البرمجيات ( Elsevier Performance Evaluation )، كما حازت على زمالة أكاديمية التعليم العالي بالمملكة المتحدة، وهي حالياً عضو بجمعية الحاسوب البريطانية، وهي أيضا عضو في ال (IEEE )، إنها الدكتورة رشا عز الدين محمد عثمان، الحائزة على جائزة «لوريال اليونسكو» فى العلوم لعام 2013م للزمالة العربية، وقد تحدثت ل «الصحافة» من مقر اقامتها بلندن عبر حوار الكتروني عن أبحاثها ورحلتها العلمية. حوار: عبد السلام الحاج ٭ أولاً مبروك لك وللسودان هذا الإنجاز ؟ بارك الله فيك وفي السودان إن شاء الله، والفضل في ذلك أولاً لله، والحمد لله كذلك، ومن بعد الشكر للأسرة الكريمة، مع شكر خاص لجامعة الخرطوم، وكلية العلوم الرياضية وللدكتور محسن حسن عبد الله وكيل الجامعة ود. هدى محمد أحمد الحاج وكل الزملاء بقسم علوم الحاسوب، كما أتوجه بالشكر والامتنان للمؤسسات السودانية التي وثقت بقدراتي وأتاحت لي فرصة العمل في البرمجة والاستشارات، وأخص بالذكر الإخوة والأخوات ببنك أم درمان الوطني ومجموعة معاوية البرير الصناعية وشركة الأمن الغذائي والمركز القومي للمعلومات. ٭ المراحل الدراسية؟ البكالريوس والماجستير بجامعة الخرطوم مدرسة العلوم الرياضية قسم علوم الحاسوب، والدكتوراة بجامعة برادفورد بإنجلترا2010م. ٭ من أين جاءت فكرة البحث الذي فزت به؟ فكرة البحث امتداد للأفكار التي قدمتها لنيل درجة الدكتوراة، وأصل تلك الأفكار يرجع إلى فترة عملي مهندسة برمجيات عند تطوير نظام خاص بمجموعة معاوية البرير الصناعية، حيث بدأت تتغير سرعة عمل أحد البرامج من ثوانٍ معدودة حتى صارت عدة ساعات! وقد كنت أظن آنذاك أن السبب يرجع إلى تزايد كمية البيانات المخزونة، ولكن بعد بحث مضنٍ تبين أن هنالك خطأ في تصميم احدى خطواته، فوجدت نفسي أتساءل: هل هناك طريقة لاختبار تحمل البرنامج كمية متزايدة من البيانات ومن ثم اصلاح تصميمه قبل أن تظهر المشكلة؟ وهل يمكن التنبؤ بالمرحلة التي يبدأ فيها تحول أداء النظام إلى الأسوأ لنتداركها قبل فوات الأوان؟ وكان الهدف، ومازال، هو الارتقاء بجودة صناعة البرمجبات عالمياً ومحلياً. ٭ ما هي أهمّ الأبحاث التي قمت بها؟ مجال بحثي في هندسة أداء البرمجيات( Software Performance Engineering ) وهو أحد أقسام علوم الحاسوب، وتتميز هندسة أداء البرمجيات باستخدام الطرق الرياضية والاحصائية لتقييم سرعة استجابة النظم الحاسوبية والبرمجية لطلبات المستخدمين، وأهمية المجال تتلخص في الحاجة الملحة التي نتجت عن اتساع نطاق استخدام أنظمة الحاسوب، وهذا يستدعي الاهتمام بالجوانب التي تؤثر على أداء هذه النظم لوظائفها واستمرار خدماتها، أما ما يميز ما قدمته حتى الآن فهو تقديم طرق جديدة لتطبيق أُسس هندسة أداء البرمجيات على نظم قواعد البيانات، وبالتالي توسيع امكانية ايجاد حلول عملية لتحسين أدائها، وقد ساهم هذا العمل في لفت النظر إلى قلة الاصدارات والبحوث في هذا المجال، حيث كُلل احد منشوراتي العلمية بقبول واسع بين المهتمين والباحثين في هذا المجال، وذلك بعد زمن وجيز من نشرها، ومن جانب آخر فلدى أبحاث في تدريس هندسة البرمجيات وأثره على صناعة البرمجيات في الدول النامية، وقد نتج عن ذلك اصدارتان، احداهما مع باحثة من غانا، وهنالك عمل آخر بالتعاون مع باحث من جامعة اقليم الأمزون بالبرازيل، سيرى النور قريبا إن شاء الله. ٭ كيف تقيّمين وضعية البحث العلمي في السودان؟ لا أستطيع الفتوى في تقييم البحث العلمي في السودان ككل، وذلك لأن المجالات كثيرة ومتخصصة وتختلف طرق تقييمها، وأما في ما يخص مجال علوم الحاسوب فإن مساهمة السودان في بحوث الحاسوب على المستوى العالمي والاقليمي مازالت تحتاج لكثير من الجهود والتطوير إن قورن بالمجالات العلمية الأخرى، ولكي نرتقي بهذا الواقع علينا الاهتمام برعاية البحث العلمي بإنشاء مجموعات بحثية متخصصة في مجالات الحاسوب التي تناسب امكانات البلاد وحاجتها، على الأقل بأقسام الحاسوب في الجامعات الكبرى، والضمير هنا يرجع إلى أساتذة الجامعات والباحثين بها، إذ لا بد من أن يكون الدافع ذاتياً، وإلا أصبح ذلك اهداراً للمال والوقت، كما أشدد على أهمية ربط التدريس الجامعي وفوق الجامعي بالأبحاث، أي توسعة المقررات باستعراض جانب من الأبحاث المحلية والعالمية، فيتعرف الطلاب على ما يقوم به الباحثون داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى إلمامهم بأساسيات البحث العلمي وأصوله، وكل هذا لا يتحقق إلا إذا كانت جودة البحث العلمي مع جودة التدريس الجامعي هو الهم الأكبر للاستاذ الجامعي. ٭ ما هي القيمة المعنوية للجائزة التي حصلت عليها؟ أولاً تشكل تكريماً واعترافاً بدور المرأة في البحث العلمي، وتحفيزاً لكل باحثة للابداع في مجال تخصصها، كما أنه يفتح المجال للاعتراف العالمي بانجازات المرأة في الاقليم العربي، ثانياً الجائزة دعم لبحوثي واعتراف إقليمي وعالمي بها، وهو أيضاً تحدٍ كبير، لأن مجال الحاسوب يتطور بسرعة مذهلة، وهنالك كثير من المعلومات المتجددة التي ينبغي على الباحث الالمام بها ومواكبتها. ٭ ماذا ينقص الباحثة السودانية؟ هنالك كثير من التحديات التي تواجه الباحثين السودانيين رجالاً ونساءً، وتعيق تقدم البحث العلمي، وعلى رأسها عدم وجود استراتيجية لتحديد أولويات الأبحاث التي تخدم المصلحة العامة، فلا بد من هدف من البحث وإلا صار تخبطاً وارتجالاً، وغياب الاستراتيجية يؤدي لا محالة الى ما نراه من ضعف في البنى التحتية والمعينات اللوجستية وغياب التمويل، والجامعات هي محضن النهضة العلمية، فيجب تمليك ولو عدد منها مقومات تؤهلها لتقوية وتطوير الأبحاث العلمية التي توجد بالبلاد. كما يجب تنمية الشراكة ما بين الباحثين بالجامعات والقطاعين العام والخاص، لتتم ترجمة النتائج الى واقع عملي في كل المجالات، مما يكون له أثره في النهوض الاقتصادي والاجتماعي والخدمي باذن الله. ٭ ما هي أمنياتك لبلدك وأنت تتسلمين الجائزة؟ هذه الجائزة شرف وتكريم للسودان على مستوى الوطن العربي وعالمياً، وأتمنى أن يكون السودان من بين الفائزين في كل دورة إن شاء الله. ٭ ماذا يعني لك حصول الدكتورة صحوة نورين على جائزة لوريال يونسكو 2013م؟ أولاً مبروك للدكتورة صحوة ومبروك للسودان ولجامعة الخرطوم، وأتمنى لها ولأخواتها التوفيق إن شاء الله، وحصول د. صحوة على جائزة لوريال يونسكو العالمية يعزز ما هو معروف من المستوى الرفيع للطالب والأستاذ السوداني داخل وخارج الوطن، وهنا لا بد من التنويه بأن مؤسسة لوريال العلمية التي تشرف على هذه الجوائز، تهتم بالجانب الإعلامي للفت أنظار العالم إلى اسهامات النساء في الأبحاث العلمية، سواء أكان ذلك على المستوى العالمي أو الإقليمي، وذلك لقناعتهم بأن إسهامات النساء العلمية لا تحظى بالتغطية الإعلامية الكافية، وهذا الأمر ينطبق على إنجازات وإسهامات الباحثين السودانيين، حيث أن هنالك كثيراً من الرجال والنساء بداخل الوطن لهم إنجازاتهم العالمية والمحلية، ولكنها لا تجد التغطية الإعلامية الكافية. ٭ ماذا بعد هذا الإنجاز العلمي؟ العلماء ينتجهم العلماء، ولا خير في علم ينتهي عند صاحبه، فلا بد من التوسع والاستزادة، ولا بد من الحرص على تمليكه لطلابي وطالباتي ليحملوا الراية من بعدي. ٭ كلمات أخيرة؟ أتمنى للسودان الاستقرار والارتقاء، ولجامعاتنا التطور والعطاء، وأتوجه بشكري الجزيل لصحيفة «الصحافة» الغراء ممثلة في شخصكم، مع أمنياتي أن تتبنى صحيفتكم إصدار صفحة دورية تعنى بالباحثين في السودان. وجزاكم الله خيراً ووفقكم.