: قبل أيام معدودات وبصحبة أحد الأصدقاء استغرقنا تجوالاً في كل أنحاء العالم شرقاً وغرباً وليس في معيتنا دليل أو مرشد سياحي، ولسنا في حاجة إلي ذلك طالما في رفقتنا خدمة مريحة، وسريعة، وغير مكلفة هي خدمة "الإنترنت" "Google Earth" "قوقل ايرث". وخلال هذا الترحال اللاجسدي وبلا مقدمات ألقي في نفوسنا بأن نقابل مساجد المنطقة مع الحرم المكي لنكتشف صدفة بأنا لا نولي وجوهنا شطر المسجد الحرام في بعض بيوت الله بمحلية بربر، وذلك منذ أول يوم رفعنا قواعدها فيه خلافاً لقوله تعالي: (وحيث ما كنتم فوّلوا وجوهكم شطره... الآية). فكانت الصدمة جد كبيرة فأخرست الألسن ودهشت الأعين وفغرت الأفواه لتتسارع الأيدي بخوف وذهول عبر محرك البحث لمزيد من التأكيد متنقلة من منطقة لأخري ومن مسجد لآخر لتحديد هل اتجاه محرابه نحو القبلة صحيح أم لا؟ وخلال هذا المسح التصحيحي - في منطقتنا لوحدها - وجدنا أرقاماً كبيرة وحقيقة مزعجة تفيد بأن قرابة نصف مساجدها مسجدان و"زاويتان" من مجموع التسعة المقامة فيها كأماكن لصلاة الجماعة تصلي - مع اتجاه الشرق في خط مستقيم - مولية وجهها شطر منطقة عسير في قرابة أقصي جنوب المملكة السعودية. ومن "مساوئ الصدف" فيها أيضاً أن جميعها يتفق في الأقدمية التاريخية لنتجه لنفس القبلة الخاطئة اقتداء بتلك المساجد حتي في بيوتنا منذ أن وعينا ووعي أجدادنا، وقياساً علي نفس إتجاه قواعد هذه المساجد الأربعة نصل إلي أن كل مسجد "قديم" بالمحلية مقابل للقبلة الخاطئة، والدليل أن الخمسة الباقية مختلفة عنها وتميل قليلاً - أو أكثر تحديداً - إلي قرابة منتصف المنتصف ما بين اتجاهي الشرق والشمال عند التأمل بدقة في خارطة تصميمها فكانت قبلتها صحيحة في ظل توفر المعينات الحديثة المساعدة في تحديدها بصورة أكثر دقة فهي حديثة التشييد إذ أقدمها عمراً لا يتجاوز الخمس سنوات. وبهذه المقارنة الواضحة نتيقن أن تلك المساجد "القديمة" عند بنائها لم يراع فيها تحديد القبلة بشكل صحيح وإنما كان تحديدها خبط عشواء، بمعيار كلنا في القبلة شرق لنسأل هيئة الدعوة والإرشاد بمحلية بربر ماذا أنتم فاعلون وقد علمتم بأن الصلاة هنا تؤدي فقط بتوجه الوجوه تلقاء أي بقعة من البلد الحرام وليس إلي بيت الله في مكة قصداً نيةً ومكانا؟ً وهنا نسدي بعون الله نصحاً نحسب أنه مخالف لرأي "البصيرة أم حمد" بأن تذهب لجان من قبل مجلسكم الموقر بغرض تبيين هذا الخطأ المستمر داخل هذه المساجد منذ البداية من عشرات بل قل مئات السنين ومن ثم تنتقل من قول التوضيح هذا إلي فعل الإصلاح له. وذلك بأن ترسم علي فرشها خطوطاً ثابتة الأثر بحسب اتجاه القبلة بدءاً من "محراباتها" وانتهاءً بأخر صفوفها كما لاحظته في أحد بيوتات السكة الحديد بعطبرة والذي استغل لاحقاً ك "زاوية" فتبين القائمون عليها اتجاه القبلة الصحيح وبيّنوه للناس. فكذلك أفعلوا وإن بدت صفوفها مائلة فلا شك عندنا من أنه فرضٌ وخيرُ أن تميل صفوفنا وتقل سعة مساجدنا لمقابلة القبلة التي ارتضاها الله لرسوله صلي الله عليه وسلم من أن تستقيم وتزداد أعداد صفوفنا علي غير قبلة الإسلام. فاستحلف بالله كل من يقرأ هذا المقال بأن يبذل أقصي جهده سواء كان بنفس الوسيلة "قوقل إيرث" أم أي وسيلة "تكنولوجية" أخري حتي يتأكد ويعلم علم اليقين لأي جهة يصلي مسجد منطقته. هل يقابل بيت الله الحرام أم لا؟ وإن كان لا فليبلغ بذلك فرب مبلغ أوعى من سامع. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.