٭ منذ نهايات عام 7991م أثقل المرض على قلب نزار قباني، قلبه الذي قال عنه الكثير منذ أن داهمته أول نوبة في عام4791م، بعد أن اقتطع رحيل ابنه توفيق قطعة كبيرة منه، وعرضته لاعتلالات مرات ومرات. ٭ يومها كتب نزار قباني أوراقاً هربها من الغرفة «805» في شكل يوميات مع تلك العلة اللئيمة.. قال في اليومية الثانية.. «بدأت علاقة تقوم بني وبين ذبحة القلب، بدأت أحبها وأعلق بها كما أتعلق بامرأة مزاجية الأطوار فوضوية المواعيد.. عندي احساس بأن ذبحة القلب هى امرأة.. امرأة من النوع الزئبقي والمتقلب الذي لا تعرف متى تكرهك ومتى تشتهيك». ٭ ونزار على سرير المرض شبه الذبحة القلبية بالمرأة، بل ويصر على أنها هى ويقول في اليومية التالية: «أصبحت متأكداً من أن ذبحة القلب هى امرأة، فهى لا تقرب النساء ولا تتعاطى معهن فعل الحب ولا تعاني من أى انحراف جنسي.. إن الرجال فقط هم محط اهتمامها وموضع عشقها». ٭ وظل نزار يسجل يومياته من الغرفة «805» إلى أن بلغت خمس عشرة يومية ختمها في العشرين من مايو عام 4791م، قائلاً: «لماذا لا تكون ثياب الممرضات كثياب مضيفات شركات الطيران بستاناً من الألوان فيه الأزرق والبرتقالي والوردي والليلكي، بحيث يكون لكل مستشفى لون خاص لثياب ممرضاته، كما لكل شركة طيران لون خاص لزي مضيفاتها، فالمريض هو أيضاً مسافر على طائرة تطير بين برزخي الحياة والموت.. ومن حقه أن يستمتع برحلته كبقية الركاب، ولو أخذت إدارة المستشفيات بافتراضي لتقهقر الالم وانفتحت شهية المرضى وحجزوا مقاعدهم على الطائرات المسافرة الى شواطئ الشمس والحب والعافية». ٭ ومنذ عام 4791م تعايش نزار قباني مع متاعب قلبه برؤية الفنان الشاعر، يداعبها ويتخيل ما فعلت بقلبه يقول:«عندما بدأ الأطباء في جراحة قلبي لم يجدوه، فاحتلت مكانه قضاياه الكبيرة في مطلعها قضية نون النسوة وتاه التأنيث ومواجع القضية العربية وهموم العرب وسخافات بعض الحكام». ٭ ونزار قباني الذي نعاه الناعي في أمسية الخميس الخاتم لشهر أبريل عام 8991م، كان ظاهرة إبداعية بكل المقاييس، ظاهرة شعرية ونثرية شغلت الساحة الادبية منذ عام 0491م العام الذي اصدر فيه ديوانه «قالت لي السمراء»، وأطلق القنبلة في المجتمع الشرقي، وقامت القيامة ولم تقعد حتى دخلت السياسة منذ «خبز وحشيش وقمر».. و «هوامش على دفتر النكسة» والى «الخطاب» و «يوميات بهية المصرية» حتى «إعلان وفاة العرب». أواصل مع تحياتي وشكري.