د.صديق الطيب البخاري: يقول صاحب الظلال في رسالته (أفراح الروح) إنه إذا قسنا أعمارنا بحساب الأيام والسنين فإنها قصيرة .. قصيرة ، ولكننا إذا قسناها بما نقدمه من جلائل الأعمال فإنها طويلة .. أبدية خالدة .. ومن منا لا يريد أن يكتب مع الخالدين. فجعت مدينة ربك وولاية النيل الأبيض عامةً بالأمس القريب بنبأ فاجع هز أركانها القريبة والبعيدة ، وفزعت فيه بآمالها إلى الكذب، حيث ودع الناس هناك الأستاذ المربي الكبير معلم الأجيال رجل البر والاحسان عبدالملك عبدالله حامد ووري جثمانه الطاهر في الخرطوم ، كان للخبر وقع الصاعقة خاصة على كاتب هذه السطور وعلي كل محبي الاستاذ وطلابه وأصدقائه ومعارفه الكثر وعارفي فضله من النساء والشيب والشباب وكل الأطياف الاجتماعية بالمنطقة . ودع الناس الأستاذ وأودعوا جسده الطاهر الثرى ولكن بقيت بينهم ذكراه وجلائل أعماله، قد مات قوم وماماتت مكارمهم*وعاش قوم وهم فى الناس أموات. كان الفقيد أباً للجميع ، وكان معلماً ، والتعليم مهنة الرسل والأنبياء ، وكان يعشق هذه المهنة بالرغم من أنه لم يتخرج في أي من كليات التربية ومعاهد التعليم المعروفة آنذاك ، وكانت له طريقته خاصه في التربية التي اتت أكلها خيراً عميماً علي المنطقة بأسرها . كان يقدس العلم والثقافة منذ صباه حيث أنشأ مع إخوانه وأقرانه أول نادٍ ثقافي بالجزيرة أبا في الستينيات. وفي عام 1965م أسس أول مدرسة وسطى أهلية بربك ، سماها دار السلام تكريماً للأم ... هكذا سميت في اللوحة على باب المدرسة . وتشرفت بأن كنت أول طلائع هذه المدرسة وحظيت بأن تتلمذت على يديه طالباً ، غير أني قد تميزت على أقراني بأن تربيت في كنفه ونهلت من أخلاقه وقيمة وآدابه الفاضلة. خرجت هذه المدرسة أجيالاً وأجيالا أثرت الحياة العامة في ربك والنيل الأبيض والمجتمعات الأخرى. لم يكن العميد- هكذا نسميه - رجلاً عادياً ، فقد كان يحب الخير للجميع ، وكان متجرداً ومخلصاً لعشيرته ومجتمعه شجاعاً في كلمة الحق ولو على نفسه ، هذا ماجعل الناس هناك يدفعونه للعمل العام، وما من مهمة أو خدمة تحتاج إلى تجرد ونكران ذات إلا وأشار الناس إلى العميد، وما من تكليف لنصرة المساكين والضعفاء إلا ورشحه الجميع ... ألم أقل لكم إنه لم يمت من بقيت روحه وذكراه بين الناس؟ ألا رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وإخوانه ، الأستاذ/ الصادق عبدالله حامد والبروفيسور/ موسى عبدالله حامد(ثلاثية خور طقت)، والدكتور شريف عبد الله حامد، وأبناءه وبناته محمد وعبدالله ونوار وصفاء وسارة ودار السلام وتيسير، الصبر وحسن العزاء. (إنّا لله وإنّا إليه راجعون) ولا حول ولا قوة إلا بالله. وزارة العمل