تقرير:صديق رمضان: بمقترحه الرامي الي دمج عدد من الوزارات يبدو ان مجلس تشريعي ولاية القضارف يستعيد شيئا من ملامحه التي كان عليها في عهد رئاسة كرم الله عباس الشيخ قبل اكثر من خمس سنوات، حيث كان يصنف وقتها واحدا من اقوي البرلمانات بالولايات ،الا ان شكوكا تحوم حول امتلاك المجلس الحالي الارادة التي تكفل له مواجهة متاريس والي الولاية الضو الماحي الذي بلغ به الغضب مداه من هذا المقترح حينما اتهم مقدمه «بالعميل». وكان عضو المجلس مصطفى جرقو قد تقدم بمشروع قرار يقضي بدمج عدد من الوزارات ،واعادة وزارة المياه والسدود ،وحظي المقترح في البداية بموافقة 17 عضوا ثم ارتفع العدد الي 25 عضوا ،واستند الاعضاء في مقترحهم علي ان هدفهم من دمج وزارتي الزراعة والثروة الحيوانية ،والشباب والرياضة والثقافة مع الرعاية الاجتماعية ،هو اتاحة الفرصة لاعادة وزارة المياه والسدود التي تم تذويبها في التخطيط العمراني ،ورأي الاعضاء ان إنشاء وزارة للمياه لايمكن ان يتم دون اعتماد مالي ،مشيرين الي ان والي الولاية قام بفصل الشباب والرياضة والثقافة من الرعاية دون اعتماد مالي وميزانية مجازة ضمن الموازنة العامة للولاية ،معتبرين ان إنشاء وزارة للمياه والسدود تمليها الأزمة الحادة التي ظلت تعيشها الولاية بسبب مياه الشرب . وشهد القرار شدا وجذبا بين مقدمه مصطفى جرقو ورئيس المجلس التشريعي محمد الطيب البشير وكان الخلاف حول اللوائح المنظمة لاعمال المجلس ،وتم اعتماده بعد ذلك ضمن الاجندة التي من المقرر ان يتداولها المجلس ،الا انه تم اخضاعه للنقاش داخل الهيئة البرلمانية للمؤتمر الوطني التي لم توص بسحبه ،وهو امر اعتبره مراقبون مؤشر يوضح جدية الاعضاء ال25 في المضي قدما بمقترحهم الي نهايته. الا ان والي الولاية الضو الماحي بدأ رافضا لهذا المقترح ،حيث يشير مصدر الي ان الوالي طلب من الهيئة البرلمانية سحب المقترح الا انها لم تفعل بداعي رفض مقدمه مصطفى جرقو لرجاء الوالي ،ويقول المصدر ان المبرر الذي يرتكز عليه الضو الماحي في رفضه لمشروع القرار انه لايمكن ان يقوم بابعاد وزراء قام بتعيينهم حديثا ،كما لانه ايمكن ان يلغي قرار إنشاء وزارة اصدره قبل اشهر معدودة. وعلي اثر رفض الوالي ان يمارس المجلس التشريعي صلاحياته كما بدأ، وبعد ان رفضت الهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني سحب مشروع القرار من منضدة المجلس التشريعي ،نقل الوالي القضية الي المكتب القيادي للحزب الحاكم بالولاية ،وهو الاجتماع الذي وصفه خلاله العضو مقدم المقترح «بالعميل» وذلك بحسب عضو كان حاضرا للاجتماع. وسعي الحزب الي اثناء النواب الخمس والعشرين عن المضي قدما في مشروع القرار وذلك عبر ممارسة ضغوط علي الهيئة البرلمانية ،الا ان مقدمي القرار اكدوا رفضهم انفاذ رؤية الحزب وتدخله في عملهم بالتشريعي، حسبما اشار احد الاعضاء في حديث ل«الصحافة» بعد ان طلب حجب اسمه ،وقال ان الوالي بالاعتذار للعضو مقدم المقترح ،وانهم اعتبروا تدخل الوالي وعرضه للقضية علي اعضاء المكتب القيادي يعني انتهاج سياسة تكميم افواه اعضاء البرلمان ،لافتا الي ان ذلك يمثل سابقة خطيرة من شأنها التأثير سلبا علي اداء المجلس اذا ما أراد ممارسة دوره الرقابي والتشريعي بحق الجهاز التنفيذي ،مؤكدا ان هذا المسلك يلغي دور المجلس في الرقابة ،مؤكدا علي عدم وجود قانون او عرف يتيح محاسبة العضو خارج قبة المجلس التشريعي. وسعي رئيس الهيئة البرلمانية للمؤتمر الوطني محمد أحمد الهادي لتقريب وجهات النظر بين الاعضاء مقدمي الطلب والوالي ،ويتوقع ان يلتئم اجتماع في الساعات القادمة بين الطرفين وذلك للوصول الي صيفة تفاهم وسطي تقضي بتجاوز الأزمة الحالية ،وذلك بحسب مراقبين . ويتابع الشارع بالقضارف هذه الايام الأزمة المتفجرة داخل اروقة الحزب الحاكم باهتمام بالغ،في وقت يتوقع مراقبون ان تسهم الاجازة التي سيذهب اليها اعضاء البرلمان الولائي خواتيم هذا الشهر في ايجاد حلول تعبر بالجميع الي بر الامان،الا انهم يتخوفون من ان تأتي علي حساب المواطن بالولاية الذي ظل يعاني من أزمة مياه الشرب وهي القضية ذاتها التي تفاعل معها الاعضاء وسعوا لحلها عبر مقترحهم القاضي بإنشاء وزارة مختصة بالمياه والسدود عقب فشل وزارة التخطيط واداراتها في حل أزمة ظلت تشكل هاجسا يؤرق السكان. ويشير الامين العام للمؤتمر الشعبي عبدالقادر محمود الي انه من حق المجلس التشريعي بنص اللوائح والقوانين والدستور ان يستجوب الوزراء بل ويسحب الثقة عنهم ،وان يبدوا ملاحظاتهم حول اداء الجهاز التنفيذي ،وتقديم مقترحات بشأن الوزارات ،الا ان عبدالقادر وفي حديث ل«الصحافة» يشكك في ارادة مقدمي المقترح من اعضاء المجلس التشريعي وثباتهم علي المضي قدما في اجراءات مقترحهم. ويشير الامين العام للمؤتمر الشعبي ان هناك احساسا عام بالولاية ان المجلس التشريعي بدأ يتلمس قضايا المواطنين الحقيقية ويتفاعل معها ،لافتا الي ان إنشاء وزارة للمياه والسدود باتت مطلبا ملحا تفرضه ضرورة الأزمة التي ظل يواجهها مواطن القضارف في توفير مياه الشرب ،ويبدي عبدالقادر محمود خشيته من ان تتحول الارهاصات التي تتردد حول اجراء تسوية لمقترح الاعضاء ،وقال ان حدوث ذلك يعني عدم ايمان الجهاز التنفيذي بمخرجات العملية الديمقراطية ،وعدم احترامه للقواعد التي جاءت باعضاء المجلس التشريعي . ويشير المحلل السياسي الامين عبداللطيف البدوي الي انه لايمكن للمؤسسة التشريعية ان تعمل بمعزل عن القيادة السياسية ،وذلك مع مراعاة عدم المساس بواجبات اعضاء البرلمان وحقهم في الرقابة والتشريع. وقال في حديث ل«الصحافة» انه يجب اخضاع مقترحات الاعضاء للحوار مع الجهاز التنفيذي حتي تأتي متسقه مع رؤيته ،لافتا الي ان الوضع الحالي بين المجلس وحكومة الولاية يحتم الوصول الي صيغة تفاهم للوصول الي رؤية توافقية ،وقال ان الحل يجب الا يأتي علي حساب حقوق المواطنين ومصالحهم والا يؤثر مستقبلا علي اداء البرلمان الولائي في الرقابة.