٭ أوراق العمر كتاب أصدرته مكتبة مدبولي عام 9891 للدكتور لويس عوض وهو عبارة عن مذكرات ووقفات دقيقة في حياة الكاتب الاديب الفيلسوف.. ٭ مع الاجواء الماثلة هذه الايام في المجتمع المصري والمجتمع السوداني وما يكتنف العالم بأجمعه قد حدثتني نفسي بإعادة قراءة كتاب أوراق العمر والوقوف عند المحطات التي تحدث فيها عن السودان وعن مفهوم الوحدة.. والتكامل.. وابعثها محطات وقفات جديدة لا مثل التي وقفها الزميل العائد للكتابة زهير السراج بعد إيقاف طويل اشتاق له قراءه كثيراً وألف حمداً على السلامة والتحية لصحيفة الجريدة الغراء. ٭ نرجع لما كتب دكتور لويس في سنوات التكوين.. قال: عشت في الخرطوم السنوات الخمس الاولى من حياتي وقد تركت هذه الروابط الباكرة آثاراً عميقة في عواطفي وتفكيري فهى أولاً قد جعلتني من أشد المصريين ايماناً بالاخاء المصري السوداني ومن أشد دعاة وحدة وادي النيل قبل ثورة 2591 أما بعد ثورة 2591 فقد حزنت حزناً عميقاً يوم قرر السودان الانفصال عن مصر في استفتاء 5591 وكنت في بادي الأمر كأكثر المصريين الوم سياسة عبد الناصر الخرقاء في تعامله العنيف مع محمد نجيب بأنها أدت الى الإنفصال.. فقد كان السودانيون يرون في محمد نجيب رمزاً لوحدة وادي النيل بسبب دمه المصري السوداني المختلط وكان أكثر المصريين يتهمون عبد الناصر بأنه ضحى بالسودان في سبيل اطماعه الشخصية أبان أزمة 4591 ويتهمونه بالتفريط في حقوق مصر السودانية حين اتفق مع الانجليز في اتفاقية الجلاء (جمال- هيد) على تطبيق حق تقرير المصير بالنسبة للسودان ولكن المسألة طبعاً كانت اعقد من هذا.. كذلك كنت أعجب لعبد الناصر في أوج الدعوة للوحدة العربية 8591- 9591) كيف يسعى للوحدة مع الشامي والمغربي ولا يبدأ بالوضع الطبيعي وهو وحدة وادي النيل.. وقد تفجرت عواطفي السودانية في مقال لي شبيه بالشعر المنثور اسمه ( معشوقتي السمراء) (مصر طبعاً) نشرته في جريدة الجمهورية أيام أزمة مارس 4591 ثم جمعته عام 7791 في كتابي (لمصر والحرية) الصادر عن دار القضايا ببيروت. ٭ وقد ظللت على ايماني بوحدة وادي النيل حتى كان انفصال سوريا عن مصر.. وعند ذلك عدلت موقفي من كافة أنواع الوحدة والاتحاد الفيدرالي والكونفيدرالي.. وأصبحت اكتفي بأنواع من التقارب أقل مجازفة ولكني حتى أوائل الستينات ظللت أحلم بقيام كيان سياسي اقتصادي كونفيدرالي اسمه ( اتحاد جمهوريات وادي النيل) لا يضم مصر والسودان فحسب ولكن يضم اثيوبيا واوغندا وربما الصومال وكانت المشكلة عندي هى انقلاب يطيح بالامبراطور هيلاسلاسي ويقيم جمهورية في اثيوبيا وقد حدث وفي مقابل هذا كنت أتصور أن التجمعات الطبيعية هى قيام اتحاد بين جمهوريات المغرب العربي وقيام اتحاد بين جمهوريات الشرق العربي قبل الكلام في أى وحدة عربية كبرى ولكن الشقاق المستمر بين البعث العراقي والبعث السوري والحرب الأهلية اللبنانية وحرب البوليساريو ومفرقعات العقيد القذافي والفرقة العميقة بين مصر وكل العرب بسبب الصلح المصري الاسرائيلي جعلتني أعدل كثيراً من أحلامي وأوهامي السياسية واكتفي بالحد الادنى من التحالف الاستراتيجي والتنسيق أو التكامل الاقتصادي، بين أعضاء كل مجموعة على حدة واكتفي بالتضامن بين دول العالم العربي ما أمكن ذلك وأما الآن فأنا لا أعرف ماذا أريد ومع ذلك سعدت بالخطوات الاولى نحو التكامل أو التقارب المصري السوداني التي خطاها مبارك ونميري. وقاهما الله رفقة السوء من الخارج الذين قد يحاولون تجديد النخاسة في السودان باسم مشروعات التنمية أو يحاولون توجيه الاتحاد النيلي الوليد على غير ما انشيء من أجله باسم تطهير أفريقيا من النفوذ السوفيتي. أواصل مع تحياتي وشكري