تقرير : تهاني عثمان : يعتبر التأمين الصحي أحد المداخلات الانسانية التي تتبناها الدول في تأسيس قدر من الاهتمام الوطني الاجتماعي لصحة المواطن ، ويمثل نظام التأمين الصحي وجها من أوجه الضمان الاجتماعي، وهو نظام تقدم عليه كافة الدول النامية والمتقدمة ، واستصدرت حكومة السودان قانون التأمين الصحي عام 1994م كأحد المعالجات الاقتصادية لحل مشكلة العلاج بعد فشل تجربة العلاج الاقتصادي . وفقا لما ورد في موقع وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي منتصف مايو الماضي فان بعض المصادر قد كشفت أن 65% من الفقراء لم يتم تغطيتهم بخدمات التأمين الصحي وأن نسبة التغطية العامة لم تتجاوز 30% من جملة العدد واعترف الصندوق بوجود مشاكل في ربط بطاقة التأمين بالخدمات غير الحيوية والزامية القطاع الخاص بالدخول في التأمين وتوقف تحقيق التغطية الشاملة علي مستوى السودان علي اكتمال شبكة الخدمات ، وعلي الرغم من الخدمة التي قدمها للمواطنين في مجال التشخيص والتحاليل الطبية والعلاجية الا انه لم يحقق جدوى اقتصادية تذكر . ويري اقتصاديون ان غياب الخدمة في العمليات الكبري وبعض الصور التشخيصية والادوية باهظة الثمن لا يحقق جدوي اقتصادية للمواطن الفقير ، بينما تحقق الشركات الخاصة التي تقدم خدمات متكاملة جدوى استثمارية ونفعية واقتصادية دون غيرها . وللحديث عن الجدوى الاقتصادية للتأمين الصحي تحدثت « الصحافة » مع الخبير الاقتصادي استاذ علوم الاقتصاد بالجامعات السودانية الدكتور معتصم ابراهيم مالك، والذي قال : ان التأمين الصحي اصبح صورة من الخدمات السياسية التي اتبعتها الحكومة لتوفير خدماتها ، ولما رفعت الحكومة يدها عن دعم الخدمات الصحية آثرت ان لا تجعل من الصحة خدمة صعبة المنال وأدخلت برنامج التأمين الصحي ، وهو في الاصل فكرة عالمية تقدم في كل دول العالم . والجدوى الاقتصادية تبينها المدخلات والمخرجات فالمدخل هنا هو الخدمات الصحية وتوفرها من تشخيص وطبيب وعلاج بالاضافة للرعاية في المستشفي اذا استدعي الامر ، والمخرج وجود مواطن صحيح معافي منتج وبدخوله دائرة الانتاج تتبين الجدوى وهي معادلة متطورة في الخدمة الصحية والمنتج وفر احد الخدمات المنتجة ، ومن الجدوي الاقتصادية للمردود المادي ان التأمين الصحي ليس بمشروع ربحي او عمل تجاري صرف . ويذهب دكتور معتصم في حديثه عن تجربة السودان فيقول : بدأت التجربة وانتشرت وشابها الكثير من التضخيم من الاتجاهات السياسية التي تسعي الي ادخال اكبر عدد من المواطنين ، في حين لا يجد كل هذا العدد الخدمة المتكاملة من قبل هيئة التأمين ، والجهات التي تقدم التأمين تحصل لديها اشكالات في طلب الخدمة وليس بالضروري ان تتوفر ، وقامت الحكومة بادخال عدد كبير من المواطنين المحتاجين ولكن يعتبر هذا شكلا من اشكال العيوب التي دخل في خدمات التأمين عندما تم توسيع دائرة المستفيدين من المواطنين دون توسيع دوائر الخدمات الامر الذي احدث ازدحاما في نوافذ الخدمات التشخيصية «المعامل » والعلاجية «الصيدليات» اضف لذلك هناك اشكالية ادوية وعمليات خارج المظلة وخدماتها محدودة وشكلية . وفي ذات المنحي يري احد استاذة علم الاقتصاد : والذي ابتدر حديثه « للصحافة »بالتعريف بفكرة خدمة التأمين الصحي والتي تعني علي حد قوله « الاشتراك بمبلغ معين يجد المستفيد في مقابله خدمة علاجية متكاملة وقد لا يحتاج الي هذه الخدمة » ، لذا فهي من الناحية الاقتصادية غير مجدية للمواطن بقدر جدواها للشركات الكبري التي ينتمي لها المقتدرون ، عندما نتحدث عن جدوى خدمة المؤسسات العلاجية الحكومية نجد ان المواطن البسيط يفقد الخدمة في عز احتياجه لها بخروج العديد من الخدمات خارج اطار التأمين الصحي ، وتتحقق الجدوى للمواطن صاحب المقدرة الذي يتعامل مع شركات تقدم الخدمة في صورة كاملة ، ولكن المواطن العادي الذي ادخل بقرار سياسي نجد بان الخدمة المقدمة له محدودة في اطار فحوصات روتينية قادر علي اجرائها بدون خدمات تأمين ، ويضيف بان الامر في مجال العلاج يفتقد الكثير من الخدمات ولا بد من اهتمام الدولة بالمؤسسات التي تقدم خدمة الرعاية لخدمات التأمين الصحي بجودة معقولة بغض النظر عن الخدمة العالية . وفي ذات الاطار تحدثت «الصحافة» الي الامين العام لجمعية حماية المستهلك الدكتور الصيدلي ياسر ميرغني عبد الرحمن، والذي قال : ان التأمين الصحي بالسودان مخالف لكل صور التأمين الصحي في العالم ، والخدمة في حد ذاتها تشير الي تحقيق جدوى اقتصادية كبيرة فالشخص السليم يدفع مقابل مرضه ويصبح مؤمنا تأمينا شاملا كاملا ، ولكن لا توجد دولة تقول ان هذا الدواء خارج التأمين . التأمين الصحي حتي يحقق جدواه يحتاج الي مراجعات وهو اصبح شعارا سياسيا اكبر من كونه خدمة ، وحتي الآن لم تشمل الخدمة نصف سكان ولاية الخرطوم والكل يعاني والجهات والشركات التي لا تلتزم بتوفير الخدمات ، لذا يجب ان يتم اعادة توزيع الخدمة الدوائية والتشخيصية وان لا يتوقف الاختيار علي طبيب معين او صيدلية بعينها او معمل ، ومن الناحية الاقتصادية للمواطن لا توجد أي جدوى حقيقية للتأمين .