الخرطوم : الصحافة: برزت مدينة الخرطوم بين عامي 18201824 وفقا المؤرخ المستر برج وذهب الى ذات التاريخ مستر تشارلس ديديبر الذي زار الخرطوم في العام 1854 فأرجع تأسيس المدينة للعام 1823 و يعتبر هذا العام نقطة تحول الخرطوم من قرية الى مدينة حيث شيد بها عثمان بك جركس نقطة عسكرية تطورت حتى غدت منطقة عسكرية مركزية لكل البلاد. وقد ضم امتداد الخرطوم في اواخر حقبة التركية المنطقة الواقعة بين حدائق الحيوان وهي فندق برج الفاتح حاليا حتى موقع وزارة الصحة وكان ما يلي ذلك من الاطراف الغربية حدائق وبساتين تنتهي بالاراضي التي تغمرها المياه إبان الفيضان ومن هذه المنطقة كان يبدأ الشارع الذي كان يسير شرقا بمحاذاة النيل لينتهي في الطرف الشرقي من المدينة حيث يبدأ شارع آخر ينتهي بالسوق، وقد شيد الاتراك بالمدينة المصالح الحكومية التي كانت بالقرب من النيل وجنوبي ذلك قام حي المسجد الذي كان من أرقي أحياء المدينة فيما برزت بالأطراف الأحياء الشعبية. اعترضت المدينة الناهضة كثير من المشاكل الطبيعية وشكلت هاجساً للسلطة التركية الحاكمة متمثلة في الفيضانات الموسمية. فقد كانت مواجهة فيضان النيل الابيض تتطلب جهداً خارقاً إذ كانت مياه الفيضان تغطي مساحات شاسعة وعند تراجع النهر يخلف وراءه البرك والمستنقعات المسببة لتوالد الناموس والذباب فتنتشر الاوبئة والأمراض الفتاكة مثل الحمي ام سبعة والهواء الاصفر «الكوليرا» التي ظلت تنتشر بصورة راتبة. كانت السيول والأمطار تهدم ما يشيده الأهالي وكانت ندرة الحرفيين من البنائين والنجارين قد أسهمت في مضاعفة معاناة الأهالي، فاضطرت السلطات التركية لإستقدام الحرفيين والبنائين من مصر اضافة للاستفادة من مقدرات افراد الجيش في صناعة البلوكات والطوب الاحمر والحجر الابيض رغم ان السودان قد عرف الطوب الاحمر منذ بواكير حضارته النوبية قبل آلاف السنين. ومن ابرز احياء المدينة في التركية حي الحكمدارية الذي يعتبر احد اهم احياء الخرطوم إذ تجد فيه دواوين الحكومة ومصالحها ومنازل كبار منسوبيها وثكنات الجيش والمرافق التابعة له. كان الحي يمتد من موقع ديوان المراجع العام حالياً حتي الموقع الذي تشغله جامعة الخرطوم وكانت كل السلطات تتركز في هذا الحي الذي كانت مبانيه مشيدة من الحجر الابيض المنحوت. وهناك حي المسجد الذي يقع الى الغرب من الحكمدارية وكان حي المسجد من اهم المستعمرات السكنية بمدينة الخرطوم، كانت منازل حي المسجد مشيدة من الطين والقش والشكاكيب وجلود البقر وكانت المنازل المشيدة من الطوب الاحمر قليلة ومحدودة العدد ومن ابرز ملامح الحي مبني المسجد ثم السوق الذي كان ينقسم الي السوق العربي والسوق الافرنج، كان كل السوقين تتخلله اربعة شوارع، وفي عهد اسماعيل باشا طالت الاصلاحات هذه الشوارع وشهدت أعمال توسعة، ومع مرور الوقت اصبح من يسكن حي المسجد علية القوم والمقتدرون من الأعيان والاجانب والتجار فيما تراجع العامة من الناس لاطراف المدينة. بعيدا عن الاحياء المذكورة نجد الاحياء الشعبية التي كان يقطنها العامة من القوم ممن هم اقل من كبار الموظفين واثرياء المدينة ومن هذه الاحياء «سلامة الباشا» الذي نجده الي الجنوب الغربي من المدينة في المكان الواقع الي الجنوب من السوق العربي حاليا ويعتبر «سلامة البيه» من اقدم احياء المدينة وهناك «حي النوبة» الذي يضم المواطنين القادمين من جبال النوبة ويقع الحي شرقي «سلامة البيه»، واذا اتجهت الي المنطقة الواقعة غرب شارع الحرية الحالي كنت تجد «حي الترس» الذي اخذ اسمه من الجسر الترابي الذي شيد لحماية المدينة من فيضان النيل الابيض وكان سكان «حي الترس» خليطا من السودانيين والمصريين، وفي تواصل جولتك باحياء المدينة القديمة كنت تجد حي «هبوب ضرباني» الذي يعتبر افقر احياء المدينة وهناك حي «الكارة» وسكانه من عسكر السلطة سودانيين ومصريين وحي «الطوبية» الذي يسكنه الطوبية وفي اقصي الشرق تجد حي «بري المحس» وقد ظل هذا الحي في حتي العام 1900 عندما تم ترحيله الي منطقة البراري الحالية التي تنتهي «بحلة بري الشريف» وقد تم ترحيل «بري المحس» لتشييد ثكنات الجيش البريطاني.