رصد / وفاء طه : استضاف منتدى دال الثقافي هذا الأسبوع د. جعفر بدري مديرمركز كمال ميرغني الثقافي للحديث حول الأغنية الشعبية كواحدة من برامج الشهر الذي انتظم خلال الأسابيع الماضية عن أصداء الأطراف السودانية والتي بدأها المنتدى بأصداء الإنقسنا ثم أصداء الغرب وختام هذه الأماسي الخميس القادم بأمسية عن أصداء الشرق وخصصت جلسة هذا الاسبوع للأغنية الشعبية والتي تحدث عنها د. جعفر بدري وقدم النماذج الغنائية الفنان الشعبي أحمد هاشم ... قدم الأمسية وأدار الحوار فيها الأستاذ عمر عشاري وحضرها جمهور عريض من المثقفين والمهتمين ... بدأ د. جعفر حديثه معبرا عن سعادته بالمنتدى وبالحديث عن موضوع الندوة، لأنه يتعلق بالتراث وفي التراث يتعلق بأرقى الفنون التي أنتجها الانسان ، وهو الشعر والغناء والموسيقى ، هذه النشاطات الانسانية التي لا تعترف بالحدود بين الدول والقارات فضلاً عن الحدود الضيقة ما بين الأقاليم في البلد الواحد ... ثم تحدث عن أن الأغنية الشعبية يمكن تفصيلها الى ثلاثة فصائل:- أغنية الحقيبة ، والأغنية الوترية و»يسقط عليها بعض الناس مسمى الأغنية الحديثة» ، ثم الغناء الشعبي ، وأشار الى أن كلمة حديث يمكن أسقاطها على كل هذه الأنماط .لأن الأغنية الحديثة بدأت منذ أوائل القرن الماضي حوال العام 1919م . وأغنية الحقيبة أطلق عليها هذا الاسم الأستاذ أحمد محمد صالح وقصة التسمية معروفة وهي لا تشير الى غناء معين ، وانما تشير الى حقبة زمانية معينة وقد قصد صلاح بالحقيبة الحقيبة التي ندخر فيها الأشياء نأخذ منه ونرجع اليها ، ولكن كلمة حقيبة في اللغة هي كل ما يحتقبه الانسان خلف ظهره وينوي السفر وهذا غالباً ما يكون الزاد ، وهي بهذا المعنى الزاد الذي تزودت به الأغنية الوطنية وتزودت منه الأغنية الشعبية ... أما تعريف الأغنية الشعبية أيضاً فقال فيها : قبلنا بتعريف الفنان الكبير محمد أحمد عوض عندما سئل ذات مرة حيث أنه جاء بنمط جديد من الغناء لاهو حقيبة ولاهو أغنية وترية وعندما سئل عن ماذا يقدم قال هذا غناء شعبي فقبلنا بهذه الكلمة التي أتت من فنان كبير وضع بصماته على خارطة الغناء السوداني بشكل لا ينكره أحد ، لكن تعريف بسيط للأغنية الشعبية هو أن الأغنية الشعبية هي ليس الأغنية التي تغنى الآن والتي قبلناها ولكن الأغنية الشعبية بتعريفها العلمي الصحيح هي الأغنية التي تنشأ في الريف هذا واحد من شروطها والشرط الثاني أن تكون هذه الأغنية مجهولة المؤلف تنشأ في الريف ثم تزحف عبر الأماكن الى أن تصل الى المدن وفي زحفها هذا قد يضيف اليها شاعر آخر كلمات أخرى أو يحزف ، ولا يتغير لحنها ، هذا هو تعريف الأغنية الشعبية فهل نستطيع الآن أن نغير هذا الاسم لا أظن ذلك ... الأغنية الوترية هي أغنية تبعت مرحلة الحقيبة وهي قد سبقت الأغنية الشعبية ، لأن الأغنية الحديثة بدأت في أوائل القرن الماضي سواء أن كانت حقيبة أو شعبية أو وترية وكلها لها طابع الحداثة أما ما سبق فترة الحقيبة فهو موضوع آخر. ثم تحدث د. جعفر عن الموسيقا فقال : الموسيقا من الفنون الراقية جداً ومن الأشياء التي تسر النفس وتشرح القلب وهي من الأشياء التي يوصي بها أطباء النفس الناس... أذكر أنني قرأت كلام جميل عن الموسيقا للشاعر سيد أحمد بلال علق في ذهني وكان ذلك في جريدة السياسة في الصفحة الأخيرة التي كان يشرف عليها البروفسير علي المك تحت اسم من أركان الدنيا قال هذا الشاعر: الموسيقا لا تقول كلاماً ولكنها تفتح الطرقات الى مركز قلب والحان نائية الموسيقا لا تقول كلاما ولكنها تفرش الدرب للقدم الحافيا الموسيقا لا تقول كلاماً ولكنها تسحب الروح لكي تعتلي قمة القافية الموسيقا لا تقول كلاماً ولكنها تمنحنا الصحة والعافية عقب كذلك د . جعفر بعد الفاصل الغنائي وتحدث عن البنقز فقال : أغرب ما سمعته عن البنقز أن حدث تطوير له في أمريكا اللاتينية وجاء الى السودان ، وكذلك الطبلة الموجودة في السودان قالوا أنها جاءت من مصر في عهد الفراعنة والبنقزجاء به الفنان أحمد المصطفى في رحلة من رحلاته الى مصر ، الدلوكة قالوا أنها لم تكن موجودة في وسط السودان وانما كانت موجودة في دارفور وربما جاءت الي اقليم دارفور من دول غرب أفريقيا ثم دخلت الى وسط السودان ولكني أرى غرابة في هذا الحديث حيث أننا نعرف الدلوكة والشتم منذ زمن بعيد ، بلد مثل السودان به من الطرب والرقص فهل هذه الآلات أتت الينا من خارجه حقيقة ، المعلوم أن الأنغام والألحان ولدت مع الجنس البشري ، وكذلك الموسيقا نشأت مع نشأة الجنس البشري وهذا كلام متفق عليه ، هذا الجنس البشري أين بدأ وأين انتشر ؟ هنالك نظريات تقول أن أبونا أدم وأمنا حواء عليهما السلام نزلوا من الجنة في منطقة البحيرات ، وكذلك اكتشاف حدث عام 1924 في زمن الانجليز أن الانجليز وجدوا قبراً في سنجة وأخرجوا منه بقايا جثة رحلوها الى لندن وأجريت حولها دراسات اتضح منه أنها أقدم انسان وهو انسان سنجة ، اذا كانت البشرية او الجنس البشري تطور في السودان واذا كان السودان شهد تطور الجنس البشري والموسيقا نشأت مع نشأة الانسان هذا يؤكد غرابة ذلك الحديث ، هذا يؤكد أن هذه الأدوات وهذه الآلات عرفها السودان منذ قديم الزمان وهي مصنوعة من أشياء موجودة في السودان بكثرة ومتاحة لذلك هذه الأدوات نشأت في السودان وانتقلت الى أجزاء أخرى .وما يؤكد ذلك أيضا أن الفراعنة والحضارة انتقلوا من الجنوب الى الشمال .. هذا ما يختص بالعلاقة الموسيقية والتي أصبحت جزءاً من الغناء الشعبي ولكن هنالك أدوات مشتركة بين الثلاثة فصائل الحقيبة والشعبي والوتري ... أما الحديث عن أغنية وسط السودان نشأتها مع الدوبيت والدوبيت دخل الى السودان من بلاد الفرس عبر دول المشرق العربي وأصبح معروفاً في كل أنحاء السودان وغالبا ما يسود في المناطق الرعوية والسودان في ذلك الوقت كان كله رعوي ... وأشار د. جعفر الى مجهود كبير بذله الأستاذ معاوية حسن يسين في مجلده الموسيقا والغناء في السودان من أقدم العصور الى 1945م وقدم اشارات مهمة وردت في الكتاب قرأها على الجمهور ...