الخرطوم : ولاء جعفر : تتصادم في اخر خميس من الشهر الفضيل الاقداح المرشوشة بمرق اللحم وتعلوه طبقة دسمة من الأرز الأبيض يتربع علي عرشها قطع اللحم ذهبية اللون التى تتحرك في هدوء ورحمة الى أفواه الأطفال والمحتاجين راسمة بسمة جميلة على وجوههم وحال ألسنتهم يلهج بالدعاء للإحياء والأموات إنها ال ( الرحمتات ) او الحارة او ما يحلو لبعضهم تسميته (بعشا الميتين) اطباق صنعت خصيصا لاخر خميس وجمعة من شهر رمضان التى اختصت باسم الجمعة اليتيمة لتوزع على الفقراء والمساكين و دعوة الأهل والأصدقاء والجيران للاكل صدقة عن الموتى ويختلف نوع الطعام بحسب الحالة المادية لمن يقيم هذا العشاء فهناك من يولم بذبيحة كاملة وهناك من يعد طعاما بسيطا.. وتسمية الجمعة اليتيمة أو يوم الرحمتات كما يحب أن يسميها البعض نسبة لأنها آخر جمعة في شهر رمضان، وهذه التسمية وجدت جدلا كبيرا بين المسلمين في صحتها أو عدمه لأنها تخصص ببعض الممارسات الدينية عن سواها من بقية شهر رمضان ما يجعلها متفردة عن بقية الأيام الرمضانية حيث إن هنالك البعض الذي يعمل على إخراج الطعام إلى المساجد والخلاوي والبعض الآخر يعمل على تخصيص مبلغ من المال يوزع على المحتاجين والفقراء والاطفال . يحكى التوم قصته مع الرحمتات ويقول أتذكر يوم جات حبوبتي وكان يجلس معي أخي الأكبر المتطلع بالسخرية فقالت لنا إنتو يا أولاد دحين مادايرين السنه دي تسووا ليكم رحمتات لي جدكم , فرد أخي والله حسب الظروف يا حجة فقالت أييي عاد جدكم يجي ويفوت ساهي برا رحمه . فقال لها : هو بجي كيف بعد يمشي زعلان ؟ فقالت : قالوا الميتين كلو واحد بجي يقيف في شق البيت (بتجي روحو ) وكان لقى أهلو ماسووا ليهو صدقه برجع زعلان وغير راضي فسرعان ماقال اخي بابتسامه ساخرة هو نحن نقدر نرجع جدنا زعلان بس خلي الناس يضبحو الكرامه وبناخد لينا كوم . وتقول الحاجة ستنا في حديثها (للصحافة) في يوم الرحمتات ده بنجيب اولاد الخلاوي لقراءة القرآن للمرحوم والإكثار من الدعاء له، لان الصدقة للاطفال مباركة وتذهب الى روح الفقيد مباشرةً، وبنبل ليهم البلح من بليل عشان يطرا ومويه البلح بتكون حلوه نصفي البلح ونتبل الموية بالبهارات ونقدما ليهم في (قلة) من الفخار يصنع مخصوص للمناسبة دي او في قرعه حيث يشرب الشخص ويأخذ بعض الانفاس ويقوم بمواصلة عملية الشرب واثناء الشراب والاكل تقوم ست البيت بدهن شعر الاطفال بزيت الكركار . يقول الحاج محجوب اذكر ونحن اطفال نقوم من دغش نرش الشوارع والحيشان وتأتي الأخوات بعدنا ليقمن بالقش بعد داك نمشي الجزارة مع من يكبرنا نشتري اللحمة والكمونية ومستلزمات الحارة (الحارة مامرقت ست الدوكة ما ... عفريته عفريته ست الدوكة كبريتة) بهذا النداء كانت تفتح جميع أبواب البيوت وفي ضل الصباح كنا نجتمع ونتلاقف الصحن الذي غالباً ما يكون محتواه عيش مرشوش بسليقة حاااااااااااااااارة ورز وفوقن لحمة ليتمطق الحاج وهو يقول خليتي ريقنا يجري يا بتى وبعد عدة مطقات قال أجمل مافي الرحمتات صينية الفطور كانت مختلفاً جداً أي زول يقعد يتحكر يحرس صينيتو التي لا تخلو بأي شكل من الأشكال من السليقة والشية والبلح المبلول واليوم ده بعتقدوا اهلنا ان ارواح الاموات لتجي فيه علشان كدي بجهزوا الاكل للمساكين والشفع رحمة لهم وصدقة للميتين . كلمة رحمتات في الأصل من كلمتين هى الرحمة تأتي وذلك لكثرة التصدق بنية التقرب لله في ذلك اليوم هكذا فسر الزين يوم الرحمتات واخذ الزين يستدعى صور الطفولة وهو يقول كنا قبل يوم نجهز (القحوف) وهو اناء فخاري ونلف الحي وكل من لديه ميت لم يكمل العام ينادي علينا تعالوا لتأكلوا الرحمتات وفي ذلك الحين لم نكن قد بلغنا طور الصيام فننعم بالتمر والفتة ونحن نغني (الفتة أم توم يا ليلى ..حمتنا النوم يا ليلى ...عن ناس كلتوم يا ليلى) أما في حالة اعطائنا بلح ردي أو عدم الاستجابة لنا نصرخ ضد ست البيت ونحن نردد (قشاية قشاية.....ست الدوكة نساية).