: عملية التواصل الثقافي والفني تتطلب وجود ثلاثة عناصر أساسية مرسل ومستقبل ووسيلة، وقياساً على ذلك نجد أن العملية الثقافية في مجال الغناء باعتباره إحدى أدوات المجتمع التعبيرية بالغة التأثير في هذا الإطار المعرفي، حيث نجد أن الفن غير المعبر عن واقع الأحداث هو فن غير جدير بالاستمرار والديمومة، لأن تفاعل الإنسان يرتبط بمدى قدرة الأشياء على التعبير عنه، ومن خلال هذا الفهم يمكننا تفسير الارتباط بين السودانيين خارج الحدود بالقنوات الفضائية السودانية التي تحتل عندهم المرتبة الأولى في المشاهدة من واقع الانتماء العاطفي والحنين للوطن والذكريات. ما أود الحديث عنه يقتحمك قسراً في كل الأمكنة دون استئذان وأنت على متن الهايس أو الرقشة وفى المطعم والدكان وفى هاتف جارك.. انه الغناء الهابط هذا الفيروس التي ينتشر كالنار في الهشيم، وأصبح ظاهرة لخصها احد الساخرين بالقول نحن في زمن لكل مواطن فنان، والأمر لا يحتاج لكثير عناء فقط أورغن وساوند وبعض كريمات الشعر ومجموعة من وليدات الحلة، ومبروك لقد أصبحت فناناً ولديك جمهور وعداد وهلم جرا.. والنتيجة أغانٍ «بالهبل» فالمسألة حركة أقدام وآلة وأرغن وأغنية وربما قنبلة قد تفجر كل جميل من الفن الجميل الذي صاغه مبدعون من روح الطهر والعفاف.. فقد أصبح الأمر ظاهرة تحتاج لدراسة ولكن بعيداً عن الوقوف عند عبارة هابط التي لا تعنى سواء الطعن في الظل وترك الفيل حراً طليقاً.. والمسألة لها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ولا يمكن إهمال الدور الذي أفرزته العولمة إلى جانب عزلة الأجيال. والأمر الجدير بالاهتمام هو هذا الجيل المفترى عليه، والذي نصبت له المشانق ويصفه البعض بأنه جيل اللامبالاة في مواجهة جيل الكبار والبطولات والتضحيات العظام التي لا نجد منها سواء العظام، وذلك لضعف المردود الثقافي، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، وأنكم لا تحصدون إلا ما زرعتم.. فما عليكم إلا الاستمتاع بهذا الهبوط الذي وجدنا أنفسنا فيه مضطرين.. نعم نحن نعيش في حالة هبوط اضطراري ليس فى الغناء بل في كثير من المجالات. [email protected]