أم درمان: تهاني عثمان: في اقاصي غرب ام درمان في منطقة الفتح «اربعة» منازل دمرت تماما ولم يبق منها الا اطلالها، وهناك منازل مازالت تقاوم. وهناك اناس اضطروا هجر المكان، ومنهم من اجبرتهم الظروف إلى المكوث رغم سوء الاوضاع وانتشار الذباب، ليكتفوا بالاستعانة بتلك الملاءات وقطع الثياب لغطاء ما كشفته مياه الامطار، وهناك عيادتان من الخيام تم نصبهما في طرف الحي كيما تعينان اهالي المنطقة علي التداوي. وسمعت احدهم يشكو من تأخر احد الامصال، ولكن اكدت لي احدى النساء انها وجدت كل ما تحتاجه من علاج في تلك الخيمة التي زاحم الذباب المرضى والاطباء وادواتهم على الاقامة بداخلها. منتصف النهار كان هو الوقت الذي حطت فيه اقدامنا ارض المكان مرافقين للسفير الصيني ومنظمة سند الخيرية اللذين تعاونا علي تقديم المشمعات والناموسيات والبطاطين لاهالي تلك المنطقة، والكل يحدوه الأمل بنيل شيء من تلك المساعدات، وفي الطريق كان البعض يرفع الايادي بطلب المساعدة، وان كان ما نطقت به الجدران ابلغ. فها هم بعد اقل من عام من تاريخ تعويضهم في غرب ام درمان يجدون انفسهم وقد حطم السيل منازلهم، فسكان تلك المنطقة كانوا يقطنون مناطق سوبا والسلمة جنوبي الخرطوم قبل أن يتم تخطيطها ومنحهم تعويض في غرب أم درمان، ولكن الامطار اذابت الجدران التي كانت تمثل حواجز تسترهم وتقيهم شر البرد والحر والامطار، ولكن بعد ما آل اليه الحال من السيول والامطار التي ضربت البلاد أخيراً فها هم يحتمون بقطع الثياب والملاءات لتستر حالهم، وقد دمرت ممتلكاتهم التي لم تكتمل بعد فرحتهم برحلة تجميعها، ولم يهنأوا بتلك الدور الجديدة، ولضيق ذات اليد لم يكن بإمكانهم ان يبنوا تلك المنازل الا من الطين اللبن من تراب ذات الارض الرملية المخلوطة بشيء من الطين، لتأتي السيول وفي خضوع كامل تستجيب لها تلك المنازل لتعود من جديد الي اصلها في الارض، ولكن يومها لم يكن هناك اثر للمياه ولا اثر للامطار ولا حتى في لين الارض، ولكنها تركت ابلغ الاثر ومداه في تلك الحالة التي آل اليها السكان، بعد ان سعى من سقط جزء من بيته الى ايجاد ستار يغطي به ما كشفته الامطار، ولم يترددوا في ان يكون أي شيء فقط شيء يكون بينهم وبين الناس عازلاً، ولكن هناك من سقطت غرفهم بالكامل ليستعينوا بأسقفها المنهارة في بناء رواكيب. وفي غمرة تلك الاوضاع وعد سفير دولة الصين بالسودان السيد لوه شباو فوانغ بالعمل على اعادة اعمار المناطق التي دمرتها السيول والأمطار بالطوب، واستجلاب مصانع صغيرة لصناعة الطوب لمساعدة المتضررين في تشييد منازل على نسق جديد لتستطيع الصمود امام السيول مستقبلاً، وقال فوانغ الذي وقف على حال المتضررين في مناطق الفتح: «جئنا بالتعاون مع منظمة سند الخيرية لتقديم بعض المساعدات الانسانية لبعض المتضررين بمحلية كرري باعتبارها المنطقة الثانية من ناحية التأثر، وجئنا بقليل من المواد للتعبير عن مشاعرنا، ونسعى في المستقبل القريب الى المساعدة في عملية اعادة اعمار وبناء المنازل حتى نعيد المنازل لطبيعتها وتعود الحياة الى ما كانت عليه». وقدم سعادة السفير بعض المساعدات للمتضررين، وكان في رفقته ممثلو خمسين من الشركات الصينية العاملة في السودان. وقالت المدير العام لمؤسسة سند الخيرية الاستاذة سامية محمد عثمان إن المؤسسة شهدت حجم الدمار الشامل الذي تعرضت له المنطقة، لذا تسعى في هذا الاطار الى الاتجاه الى معالجة ما بعد الحدث والعمل على اعمار ما تم تدميره. وقالت: «نحن في اطار شراكتنا مع الصين ارتأينا ان يكون نوع الدعم المقدم مختلفاً، لذا سنعمل على اعانتهم في بناء منازلهم وتشييدها من جديد بطرق حديثة بعد إنشاء مصانع طوب صغيرة». وأكد معتمد محلية كرري محمد العمدة عبد الرحمن استعداد المحلية لتدريب كوادر الشباب والطلاب والمواطنين للعمل في إنتاج الطوب وتوزيعه على المواطنين بأقل تكلفة من أجل تغيير نمط المباني التقليدية في المنطقة، وأكد المعتمد انهم يعملون في مرحلة ما بعد السيول. وعن حجم الضرر الذي اصاب المحلية قال المعتمد: «إن السيول والامطار هدمت «102» فصل مدرسي، ونسعى لاستعادتها حتى تستقيم الحياة التعليمية، وهناك تسعة آلاف منزل تهدمت بالكامل، و «11» الف منزل تهدمت جزئياً، وانهارت 4 مراكز اجتماعية، وتضررت «350» مترة بالريف الشمالي و «100» فدان من الارضي المزروعة «1930» موقعاً تجارياً اصابها الدمار الكامل، وقال المعتمد ان العمال يقومون بعمليات الرش بالمبيدات ودفن المراحيض وجمع النفايات. وفي لقاء «الصحافة» ببعض المواطنين اكدوا على عدم وصول عربات الرش اليهم حتى نهار الاربعاء الماضي، واشتكوا من انتشار الذباب، كما شكا المواطنون من اللجان الشعبية التي استأثرت بحسب حديثهم بما خصص للاهالي من مواد اغاثة التي يصلهم منها الا القليل وقد لا يصل الى آخرين، وتحدثوا عن الدمار الذي لحق بمنازلهم وممتلكاتهم، ولكن كانت عيونهم يحدوها الامل في من يعينهم على تلك المصائب والمحن.