الخرطوم: رجاء كامل : يحتل السودان المرتبة الأولى عربياً وإفريقياً من حيث تعداد الثروة الحيوانية، فهو السابع في تعداد الابقار والسادس بالنسبة لتعداد الضأن والماعز والاول في الابل، بجانب ثروة حيوانية برية أهم منتجاتها جلود الزواحف. وتحتل تجارة وصناعة الجلود موقعاً اقتصادياً مهماً، حيث تشكل الجلود أهم المنتجات الجانبية لانتاج اللحوم، ويستهلك السودان كميات معتبرة من اللحوم التي تزداد مع إزدياد عدد السكان، وتشكل الجلود أهم المنتجات الجانبية لإنتاج اللحوم وتشكل صادراتها المركز الاول في الصادر الصناعي والثاني في صادرات الثروة الحيوانية بعد صادر الحيوانات الحية واللحوم مع أنه لم يتعد «35» مليون دولار في العام. وصناعة الجلود من الصناعات القديمة، واستعملت في بدايتها المواد الدابغة النباتية وتطورت عبر القرون مع متطلبات الانسان وتقدمه، ومن ثم الوصول للطرق الحديثة، وفي السودان يعتبر إنتاج الجلود من الحرف القديمة بالرغم من الامكانات الهائلة التي يزخر بها السودان في مجال صناعة الجلود لتوافر كل المقومات المطلوبة لصناعة الجلود لامتلاك السودان ثروة حيوانية ضخمة تقدر بأكثر من «140» مليون رأس، وأكثر منها الحيوانات البرية والمائية، بجانب وجود عشرات المدابغ ذات السعات الكبيرة في الانتاجية، الا ان قطاع صناعة الجلود ظل يواجه الكثير من التحديات والعقبات التي حالت دون استفادة الدولة من قطاع الجلود للمساهمة في الناتج القومي الاجمالي ورفد خزينة الدولة بالعملات الصعبة، وتتمثل هذه التحديات في ضعف وتهالك البنيات التحتية وعدم الاعتماد على التقانة الحديثة في المدابغ والمصانع العاملة في المجال، بجانب انعدام السياسات الواضحة للدولة في الاستفادة من الثروة الحيوانية، فضلاً عن تضارب الاختصاصات بين الجهات المعنية، اضافة الى تعدد الرسوم والجبايات المفروضة على القطاع، وضعف التثقيف في القطاعات المعنية بالتعامل مع المنتجات الجلدية في كل مراحلها، علاوة على الاعتماد على تصدير الجلود في شكل خام بدلاً من تصنيعها، وضعف التمويل في هذا المجال. وتوجد بالسودان الآن حوالى «25 » مدبغة حديثة «17» منها بولاية الخرطوم و «3» مدابغ في بورتسودان بولاية البحر الاحمر، ومدبغة واحدة بكل من ولاية النيل الابيض «كوستي» والولاية الشمالية «شندي» نقلت الخبرة نشاطها إلى أم درمان. والطاقات التي خرجت كبيرة شملت اثنتين من أكبر المدابغ «النيل الابيض مؤسسة مدبغة الجزيرة» و «9» من المدابغ المتوسطة والصغيرة، وأيضاً مدبغة أفروتان لها طاقة التشطيب غير مستغلة نسبة لانحسار الطلب الداخلي للجلد المشطب نتيجة لانحسار صناعة المنتجات الجلدية ومشكلات التكلفة العالية. وأكد مصدر بوزارة الصناعة فضل حجب اسمه تحريك قطاع صناعة الجلود من خلال وضع إستراتيجية إسعافية لتحسين الجلود وتوفيرها وإزالة المعيقات التي تواجه المدابغ والاهتمام بتأهيل المسالخ بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة سعياً لتطوير صناعة الجلود والمساهمة في توطينها. وصناعة الجلود والصناعات الاخرى المرتبطة بالثروة الحيوانية يمكن أن تزدهر وتتطور إذا زالت المعيقات الموجودة حالياً ومنحت المزيد من اهتمام الدولة بصناعة الجلود، حيث ان الجلد متوفر باسعار معقولة، كما توجد طاقات في المدابغ العاملة يمكن أن تستوعب الجلد الخام المنتج في السودان، وتوجد طاقات لصناعة الاحذية تكفي للطلب المحلي ويمكن أن تدخل في مجال الصادر، وأن موقع السودان يتيح إمكانات أوسع للتسويف في الخارج والداخل، مشيراً الى ان صناعة الجلود من الصناعات التي تحتاج لمهارات للإنتاج الجيد، مبيناً ان العمالة فى قطاع الصناعات الجلدية متوفرة نسبة لانخفاض الطاقات وخروج عدد من المصانع، حيث يتم الاتفاق مع العمالة على أساس القطعة في الموسم، وهناك حاجة للتدريب المستمر والاستفادة من مراكز التدريب المتوفرة خاصة في مجال الصيانة، وهناك ضعف في هذا المجال ابتداءً من المهني والتقني، وبالرغم من هذا فإن هنالك معيقات كثيرة في هذا القطاع من ضمنها مشكلات البنيات التحتية وعدم وجود التمويل المرن للإنتاج الصناعي وضعف الاهتمام بالجودة وعدم توفير الجلد المشطب، كما أن استمرار تصدير الجلود الخام يضر بالصناعة، وهى من الصناعات التي تحتاج لمهارات للإنتاج الجيد، مشيرا الى ان أولى الخطوات اللازمة لتطوير صناعة الجلود هي تشغيل الطاقات المعطلة في المدابغ وإجراء حزمة من الاصلاحات في السياسات المتبعة حالياً بتوفير التمويل الميسر وإنشاء منطقة صناعية مخصصة لصناعة الجلود وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على الجلود المصنعة وإعادة النظر في التقييم الجمركي لمدخلات الانتاج والحد من واردات الاحذية لتشجيع الصناعات المحلية، وفيما يختص بالتصدير اكد المصدر انها ضعيفة جداً بالنسبة للدول الافريقية ما عدا مصر، حيث يصدر قليل من المدبوغ أزرق ولين وكثير من الخام، ويتم تصدير الجلود المحنطة لكل من باكستان والهند وتركيا الصين، وهنالك تسهيلات من البنك العربي الافريقي للتصدير حوالى 95% من صادر الجلود الصغيرة، وفي حالة جلود البقار 50% لكل من الخام المملوح و50% مدبوغ أزرق لين وقليل من المحنط. ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين ان صناعة الجلود فى السودان لها مستقبل كبير لتوفر المادة الخام والثروة الحيوانية التى تشكل بعائداتها خطراً على البئية اذا لم يتم استخلاص كميات اكبر منها سواء عن طريق التصدير او الاستهلاك المحلى، وفى كلتا الحالتين تتوفر المادة الخام. لكن د. محمد الناير الخبير الاقتصادي يشير الى ان صناعة الجلود تقابلها مشكلات اساسية اهمها العبء الضريبى الذى تضعه الدولة على الصناعات المحلية، الأمر الذى ادى الى توقف العديد من الصناعات منها صناعة الجلود، بالاضافة الى وجود تضارب في السياسات التى تفرض قيوداً على تصدير الجلود الخام وتشترط تصديرها مصنعة، والحل في نظر الناير يكمن في اتباع قواعد الاقتصاد الحر التى تعطى الحق للتاجر في أن يصدر باى شكل من الاشكال. ويضيف الخبير الاقتصادى واستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين عصام بوب أن ذلك المناخ العام أدى للانهيار الاقتصادى وارتفاع سعر الدولار الذى بدوره ادى الى ارتفاع اسعار تكلفة الانتاج لكل الصناعات السودانية، ونادى بوب بإدخال الإصلاح الاقتصادى باعتباره إحدى ادوات تحسين اداء الصناعات السودانية خاصة الجلود. واشار تقرير صادر عن اتحاد الغرف الصناعية إلى ان هناك العديد من المشكلات بعضها تشارك فيها القطاعات الصناعية الاخرى، اضافة الى مشكلات خاصة بالقطاع تتمثل فى قلة التمويل وقصره وعدم ملاءمته للدورة الصناعية الطويلة، بجانب عدم وجود البنيات التحتية الكهرباء الصرف الصحي، اضافة إلى مشكلات العمالة وضعف التدريب خاصة في المجالات الهندسية والميكانيكا والكهرباء ونوعية الجلود الخام ناتجة عن المرعى وبدائية التربية وعيوب الدبغ والسلخ والتحضير والترحيل.