** التفسير الإجتماعي للضحك يعني أن الضاحك مرتاح البال وأنه يمر بلحظة سعادة وعلى قدر وفير من الثقة بالنفس .. أوهكذا تقريبا تفسير الناس والحياة للضحك من الناحية الإجتماعية والنفسية ، وإكتفي به تفسيرا معقولا ومعروفا.. وأغض الطرف عن التفسير العلمي لتلك العادة ، حيث إني لست أهلا لهذا النوع من التفسير الشائك ما بين المخ والقلب وأوردتهما وشرايينهما ، فأهل مكة أدرى بشعاب التفسير العلمي للضحك ، وكذلك للحزن .. ولكن الضحك ذاته لايكون تعبيرا عن سعادة الضاحك وراحة باله وثقته في نفسه ، بل أحيانا يكون تعبيرا عن نقائض تلك الصفات ، حزنا كان أو ألما أو جنونا أو ( شر البلية ) .. وقديما قال الشاعر : لاتحسبن رقصي بينكم طربا ، فالطير يرقص مذبوحا من الألم ..!! ** وما يحدث لبعض أهلنا بمنطقة الخوي - شمال كردفان - نوع من الرقص غير الطروب ..حيث ظهرت حالة مرضية غريبة أسمتها وزارة الصحة الولائية بأنها حالات ضحك هستيري وهذيان .. السبب غير معروف ، حيث يبحث فريق طبي ويدرس ويتحرى الأمر ..غير أن وزير الصحة بشمال كردفان ، عبد الحميد منصور ، يتكهن بأن نوعا من القمح المخصص للزراعة - تقاوى - تسرب إلي بعض أسواق ولايته ، فتناوله بعض المواطنين في وجباتهم ، وهم الذين أصيبوا بالضحك والهذيان ، وبلغ عددهم حتى أول البارحة ثمانين مواطنا ، أوكما قال الوزير..هكذا لب الخبر ، بلسان وزير صحة شمال كردفان .. أي ، ثمانون مواطنا يضحكون - بلا سبب مضحك - ضحكا هستيريا ، وهو المسمى ب ..( القهقهة والقرقرة ) ..!! ** نسأل الله لهم الشفاء ، ثم نطالب وزارة الصحة الإتحادية - وليست الولائية فقط - بتكثيف دراساتها وتوسيع دائرتها في تلك المنطقة ومعالجة الحالات والبحث عن أسبابها بأسرع ما يمكن .. أي ، عاجلا و قبل أن تتسع دائرة الضحك وتغمر موجة القهقهة - لا قدر الله - كل الولاية أو كل السودان ، ونصبح شعبا ضاحكا بلا سبب .. نعم يجب توفير الدواء لهذا الداء عاجلا ، وليس من العقل أن نهمل هذا الأمر الجلل ونفقد ما يميزنا عن شعوب الدنيا والعالمين .. والأخ الدكتور كمال عبد القادر - وكيل وزارة الصحة وزميلنا الصحفي - خير العارفين بأن شعبنا الأبي تميز عن بقية شعوب الكرة الأرضية بالجدية والصرامة والحزن والكآبة والبؤس والوجه العبوس ، وكذلك يعلم بجهدنا المقدر في عكس وترسيخ المآسي - وصفاتها ومشتقاتها - في كل أوجه حياتنا العامة .. سياستنا دامية بسبب الحروب ، إقتصادنا دامع بسبب الغلاء والفساد ، رياضتنا بائسة بسبب هزائم المنتخب والهلال والمريخ ، فنوننا باكية بسبب أغاني الفراق والوداع و ( الشواكيش ) ..هكذا الحال العام ، والحمد لله على كل حال .. ولذلك - يا دكتور كمال - يجب تدارك أمر موجة الضحك هناك ومكافحة أسبابها سريعا ، حتى لا تعم البلاد وتفقد ملامح شعبنا ..( مزاياها ) ...!! ** وبعيدا عن الأسباب العلمية لظاهرة الضحك الهستيري بتلك المنطقة - نسأل الله لهم العافية - أتكهن كما تكهن وزير صحة شمال كردفان .. سيادته سبق البحث العلمي قائلا بأن السبب هو : تقاوى القمح .. قد يكون ، ولكن شر البلية أيضا من أسباب الضحك يا سيدى الوزير ، فكيف فات عليك هذا السبب الشهير ..؟.. علما بأن ولايتكم تضج بشر البلايا .. فالكل يعلم بأن قضية متأخرات المعلمين بشمال كردفان خصمت شهرين من العام الدراسي للطلاب بسبب إضراب أساتذتهم وإعتصامهم ..وكذلك الكل يعلم مدى تأثير الفجوة الغذائية - التي أعترف بها الوالي - على الأهل بشمال كردفان .. هذا وذاك غيض من فيض .. شرهما يصيب أي عاقل متأمل بالضحك الهستيري والهذيان .. ولذلك يجب ألا تستبعد حكومة شمال كردفان - ووزارة الصحة الإتحادية - إحتمال إصابة هذا النفر الكريم ب ..( داء شر البلية ) ..!!