٭ ولا نزال نحكي الى أن تزول عنا الاسباب التي جعلتنا نفضل الحكاوي والحكايات والقصص على ما عداها من ضروب الكتابة الاخرى، ونسأل الله ان لا تكون (عارضاً) يحاصرنا ويحصرنا فقط في مجال القص والحكي، بل (عارضة) ينفسح بعدها أفق الكتابة أمامنا لنقتطف ما نشاء بحر إرادتنا من بستانها الفسيح، واليوم نحكي عن كوكب القردة هذا العالم الافتراضي الذي كان قد جسده ببراعة أحد أفلام الخيال العلمي، البطولة المطلقة فيه كانت لصحفي يعاونه بطلان آخران، عالم فضاء وطبيب، ولكن قبل أن ندلف الى عوالم هذا الفيلم أستأذنكم في وقفة قصيرة مع فلسفة التلميذ الذي بذّ أستاذه وحكمة الثعلب الذي أنقذ أصحابه. ٭ قيل أن أحد أساتذة الفلسفة وكان ملحداً أراد ان يجرجر تلامذته الى طريق الالحاد الذي يعتنقه، معتقداً أن فيهم سذاجة وغرارة تعينه على تحقيق هدفه، وذات حصة وبينما كان يلقي عليهم أحد دروسه الفلسفية والتلامذة يتابعونه بإعجاب وانبهار قرر أن يضرب ضربته، فتوقف فجأةً ليلقي عليهم السؤال المفاجيء (هل ترون الله)، قال التلاميذ لا، قال لا فض فوه (إذن الله غير موجود)، ولكن فجأة أيضاً هبّ أحد التلاميذ وتقدم الى بداية الفصل، ظهره الى الاستاذ ووجهه ناحية زملائه وسألهم بصوت واثق وقوي (وهل ترون عقل الاستاذ) قالوا لا، قال أعزه الله (إذن عقل الاستاذ غير موجود). ٭ وحكاية الثعلب الحكيم الذي انقذ قبيلة الثعالب من هلاك مبين، تقول إن ملك الغابة الاسد بلغ به المرض يوماً حداً أعجزه عن الخروج من عرينه للبحث عن طعامه، فأذاع في الحيوانات أنه مريض وعلى الجميع عيادته وزيارته وأن من دخل عرينه فهو آمن، وهكذا بدأت حيوانات الغابة، الذي يدب والذي يمشي والذي يطير كلها تتوافد عليه، جميعها بادرت وسارعت بالزيارة في اليومين الاولين إلا الثعالب تباطأت وتلكأت حتى اليوم الثالث الذي قررت فيه زيارة الملك، فاحتشدت قبيلة الثعالب بقضها وقضيضها وغذّت السير نحو العرين وهى تدعو لملكها بالشفاء الذي لا يغادر سقما، ولما صاروا على بعد عدة أمتار من (خُشة) الاسد، فجأة وقف حكيمهم وأمرهم بالتوقف وقال ألا ترون يا اهلي وعشيرتي أن آثار الاقدام كلها تدل على دخول الحيوانات بينما ليس هنالك أثر واحد يدل على خروج أي واحد منها؟، إنها المجزرة ففروا بفرائكم، وهكذا نجت الثعالب من المقصلة. ٭ أما كوكب القردة فيحكي عن أحداث تجري وقائعها في المستقبل البعيد في كوكبٍ بعيد طارت اليه بعثة علمية على رأسها صحافي وفضائي وطبيب، وحين وصلوه اكتشفوا أنه يشبه كوكب الارض الذي منه طاروا، به ماء وحيوانات وأشجار مثل الارض تماماً الفرق الوحيد هو أنه محكوم بواسطة القرود رغم وجود البشر فيه والذين كانوا مجرد رعية ورعاة يذيقهم القردة ألوان المهانة والعذاب، محرومين من كل شيء ومهمشين في كل شيء لدرجة أنهم كانوا يسكنون الهوامش في أطراف الغابات واعالي الجبال بينما تتقلب القرود في الدمقس والرياش والحرير في الڤلل والقصور، إلا أن هذا الحال لم يعجب أحد البشر المتعلمين وكان قد تمكن من تعليم نفسه في غفلة من رقابة القرود فأصبح يدعو سراً للثورة على القرود لاسترداد حقوقهم المنهوبة وحريتهم المسلوبة، وتنضج شروط الثورة وتبدأ فعلاً معركة شرسة ضد حكم القرود إنتهت بهزيمة القوة القردية والجبروت القردي للعقل البشري وفرار البطل الذي يتفاجأ بأن الكوكب الذي كان يتواجد فيه لم يكن سوى الارض التي ظن أنه قد فارقها!!