مواطن النيل الأزرق رغم الحروب التي كانت في المنطقة لكنه مازال في داخله انسان السودان، الريفي البسيط الذي لا يعرف الكثير وليس له مطامع كثيرة وطموحاته حسب حاجياته البسيطة، لكن المعاناة أصبحت هي الصبغة الأساسية لهؤلاء الناس البسطاء بسبب الاقتصاديات المتدنية في الولاية وذلك ملاحظ في الحالة المعيشية وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية أكثر من غيرها، والآن تعتبر مدينة الدمازين من أغلي المدن السودانية في كل الأشياء وذلك لعده أسباب فمثلا بعدها عن مراكز التصنيع وشكل المنطقة التي لا زالت تدل علي الحرب وحالة عدم الاستقرار التي تقلل من نشاط الاستثمار بالمنطقة . ومن خلال جولة «مع الناس» في مدينة الدمازين التقينا بالعم بشير ابراهيم أحمد، سائق تاكسي- 59عاما، مساعد طبي بالمعاش، بمنطقة الروصيرص، فسألته عن الحالة المعيشية في الولاية فقال»الحمد لله لكن تعب شديد والأسعار في السماء وخاصة السكر واللحم قبل شهر كان كيلو اللحم ب8جنيهات والآن الكيلو ب12 ،ولا نعلم السبب في ذلك»،أما عن التعليم فقال» المدارس أرهقتنا جدا ومصاريف دراسية كثيرة تزداد كل يوم ولا توجد مجانية للتعليم»، وفي الصحة قال «هذا موضوع آخر فالمستشفيات منتهية ولا توجد بها خدمات حتى البسيط ولو أردت تتعالج بصورة ممتازة الحل الوحيد هو المستشفى العسكري وهذا أحسن مستشفى بالولاية لان المستشفى التعليمي لو أردت اجراء عملية عليك أن تشتري كل مستلزمات العملية بنفسك». وفي جولتنا داخل السوق بالقرب من «ملجة الخضار» التقيت بالطفل محمد الطيب 13 عاما - بائع متجول من أبناء الجزيرة يسكن مدينة الدمازين، فسألته عن حركة السوق وعن الركود وعن المحلية فقال»والله نعاني الكثير وهذه الوظيفة لا تسد أي من الحاجيات التي يتطلبها الانسان البسيط وأنا المسؤول في البيت من أمي وأخواتي الست فكيف سألبي كل هذه المتطلبات، أما عن التعليم فقال»لم أستطع تكملة المدرسة للفقر والحاجة والمصاريف كثيرة والمدرسة بعيدة وكذلك أسرتي في حاجة تامة لأن أقدم لها المساعدة وبدل ما أصرف قروش كثيرة علي المدرسة من الأفضل أن أساعد أسرتي، أما عن المحلية فقال»كل يوم يجب علي الفرد أن يدفع 20 جنيها حتى يستطيع أن يمارس مهنته هذه وهذا المبلغ غير ثابت ربما يزيد». وبمواصلة الحديث عن الحالة المعيشية وبالقرب من شارع الجزارات وجدت العم سليمان يوسف-65 سنة-مزارع في منطقة الدمازين وفي الأصل من سكان مدينة سنجة منطقة أبو حجار وهو خبير زراعي بالمعاش عندما سألته عن السوق قال»الملاحظ في السوق ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية خاصة اللحوم والسكر والسبب في ارتفاع أسعار اللحوم غير معروف ولكن السكر يرجع الي ارتفاع تكاليف الترحيل وغيرها، فسألته هل من الممكن يكون للخريف علاقة بارتفاع اسعار اللحوم، فأجاب بالرفض» وفي الصحة قال»هذه تعبانه جدا ونعاني الأمرين حتى يتعالج الشخص من أبسط الأمراض ولو قمت بزيارة مستشفى الدمازين التعليمي ستري العجب، اما التأمين فهو لا يحل أي مشكلة فهو مثلا عنده ألم مصران ومن المفترض أن يتعالج بحبوب بوكسوديوم ولكن عندما أذهب لصرف العلاج يتم تبديل الحبوب بأخرى لأنها الأرخص وهذا ليس في حالته وحسب ولكن في أغلب الحالات التي أدويتها بها ندرة ، فسألته عن التأمين الشخصي بشركة شيكان فقال «هنا التأمين للشركات فقط وليس الأفراد» ، وفي التعليم قال «المدارس صعبة خاصة في الخريف لأن هناك مدارس مبنية بالمواد المحلية أما عن مجانية التعليم فلا توجد مجانية للتعليم وهذه المجانية اعلامية فقط، أضف الي ذلك الرسوم فبالاضافة الي الرسوم الشهرية التي تُسير بها المدرسة هناك مصاريف يومية وكثرة المصاريف من أهم الأسباب التي دعت أولياء الأمور الي اخراج أبنائهم من المدارس ودفعهم الي العمل في الأسواق في الأعمال الهامشية» . في باب شريف التقيت بالتاجر محمد أحمد علي 35 سنة، صاحب دكان مفروشات. فسألته عن الحركة التجارية وعن مصدر البضاعة الموجودة في السوق هل هي سودانية أم من الدول المجاورة مثل الحبشة فقال»السوق في حالة ركود مزرية ولا يتحرك السوق الا بالمواسم يعني من العيد للعيد ومن دون المناسبات الرسمية فالسوق لا حراك فيه الا البسيط»، أما بالنسبة للبضاعة فقال»كل البضاعة سودانية تأتي من سوق أم درمان وسوق ليبيا» ، أما المحلية فقال»الضرائب والعوائد كثيرة جدا مقارنة بحركة السوق وان لم تدفع فسيتم اغلاق الدكان». وفي ختام جولتي وبسوق الأشياء الجافة التقيت بالعم عيسى أبكر 70سنة، بائع ، فسألته عن أكثر الأشياء تحركا في السوق فقال»السوق هذه الأيام قليل الحركة وهم بالذات بشتغلو بالموسم وأكثر الفترات حراكا هي فترة رمضان لان الويكة والعدسية والكبكبي أكثر أيام استخدامها رمضان والآن نحن في انتظار رمضان» .