عشرة قروش فقط ظل يبحث عنها أحمد ابن السبع سنوات لينطلق بها الي سوق ابوجا بمنطقة الانقاذ جنوبالخرطوم، فالسوق لايبعد عن منزلهم سوي بضع خطوات خطاها حاملا عملته الحديدية وسط فرحه لا يعلم ما قد تنتجه له غدا وهو الباحث وسط باعة طلبات الدجاج المحمر والصير والسمك عن زيتها، قدم أحمد للبائع عملته ليقول له بفم صغير امتلأ براءة : «اديني سكنتما بي مية » فوجئنا مرتين الاولي لاخذ الرجل منه العملة والثانية للفظة « السكنتما » والتي عرفنا بعد قليل صبر ان المقصود بها ما يستقر في مقلاة السمك والدجاج من بقايا الخليط الذي تمرق فيه قطع اللحوم قبل اعدادها الي التحمير . كانت الفرحة تقفز من عيني أحمد عندما سألناه عن ماذا سيفعل بهذا الزيت ليجيب بانه يريد اكله عندها اتجهنا للحديث مع البائع الذي بدأ يتحدث عن ان الاطفال يحبون الحموضة الموجودة في طعم بقايا الزيت، وقال انهم يستخرجونها عن قصد ويحتفظون بها لهم بعد ان يقوموا بتصفية الزيت بعد الانتهاء من عمليات التحمير . وفي سوق ابوجا بمنطقة الانقاذ جنوبالخرطوم حيث التجاوزات الصحية بلاحدود في جانب الاطعمة علي وجه الخصوص كانت «السكنتما»ابرز هذه المخالفات يتهافت عليها الاطفال الذين ادمنوا تناولها لعدم معرفتهم بالسم الذي يأكلونه فهم لايعرفون سوي الطعم الممتع لهذه العصارة الغريبة . فيما حذر مجموعة من الخبراء من اخطار اعادة استعمال الزيوت عدة مرات مما يضر بالمعدة والكبد والصفراء نتيجة لفقد الفيتامينات و الأكسدة الناتجة من تكرار القلي ، تؤدي الى ظهور العديد من المركبات المسرطنة الضارة بالجسم، وتأكد ذلك من خلال دراسة علمية حيث تم عزل ما يزيد على 200 مركب من زيوت مسخنة الى 185 درجة مئوية في أثناء القلي العميق في الزيوت ووجد أن زيادة مدة تسخين الزيت تزيد من تحلله. وما يزيد من خطورة الزيوت المؤكسدة انها تحتوي علي بقايا المبيدات والعناصر الثقيلة الذائبة في الدهون، كما أن اضافة زيوت جديدة الى زيوت القلي المستعملة يؤدي الى عدم الاستفادة التامة من هذا المزيج من الزيوت حيث ان زيت القلي المستعمل قد تلف بواسطة الأكسجين والحرارة والضوء مما غير لونه وقوامه ورائحته وخواصه. وينصح استشاريو التغذية العلاجية بعدم استعمال الزيوت للقلي عدة مرات وطهي الأطعمة في درجة حرارة أعلى من 140 درجة مئوية وأقل من 180 درجة مئوية، حتى لا تفقد طعمها وتمتص زيتا كثيرا وحتى لا تتكون قشرة صلبة تمنع من قلي الطعام جيدا، ويجب الاسراع في تصفية الزيت بعد القلي، لأن الفضلات تسرع في تلف الزيت، لانه يحتوي على شوائب في قاعه واستخدام زيت طازج بانتظام مع مراعاة تغيير الزيت في فترة تراوح بين «5-12» ساعة حسب طبيعة المادة المقلية و تنظيف المقلاة بانتظام، أو تسخينها مع قلوي ساخن ثم تنظيفها بماء صاف لازالة بقايا الصابون والمنظفات ثم تجفيفها. كذلك لابد من تسخين الزيت بشكل جيد، ويتم التأكد من ذلك من خلال فحص ضابط الحرارة، كما ينبغي عدم السماح بعودة قطرات البخار المكثف على سطح الغطاء الى الزيت وكذلك عدم السماح بانسداد المصفاة أو اتصال الزيت بأجزاء معدنية نحاسية اضافة الى عدم تمليح الطعام قبل القلي، وعدم استخدام الزيت لمدة أكثر من «12 ساعة» وانما يجب أن تكون المدة من «5-12 ساعة» حسب طبيعة المنتج المقلي. بحسب نتائج دراسات جمعية القلب البريطانية التي تؤكد بان هناك اضرارا مباشرة علي الجهاز الهضمي ناتجة من اعادة القلي بزيت مستعمل وان المواد المسرطنة اعراضها لا تظهر نتائجها الا بعد فترة من الزمن وعلي المدي الطويل مما يسبب تصلبا في الشرايين وامراض القلب . فأين الادارات الصحية التي تتدعي رقابتها علي محلات الاطعمة العامة؟