في الساعة الثانية عشرة الا خمس دقائق ندلف الى منزل الإمام الصادق المهدي بالملازمين، لينتقل بنا مدير مكتبه الى غرفة الجلوس الملحقة بمكتب زعيم حزب الأمة، فنلتقيه هناك، وفي تمام الساعة الواحدة وعشرين دقيقة ظهر الثلاثاء الماضي نخرج بحصيلة تصدرت لمرتين اخبار الصفحة الأولى وليومين على التوالي الأربعاء والخميس ، الأولى عن مشاركة حزب الامة في الحكومة الجديدة وقضايا الجنوب المستعرة، والثانية عن مياه النيل وقضايا دول الحوض الملتهبة، وإن كنا قدمنا تلك على هذه في الخبر، الا اننا هنا نقدم هذه على تلك، ليس بسبب الأهمية والاهتمام، وانما لأن الحوار جرى على هذا النحو: # طرحت مبادرة شعبية لحل المشكلة العالقة بين دول منابع ومصب حوض النيل تفترع طريقا ثالثا، بعد مرور هذا الوقت على المبادرة اسبوعين تقريبا نريد ان نتعرف على سيرها وما وصلت اليه وما اذا واجهت معوقات حتى الآن؟ هي لم تواجه معوقات حتى الآن، ونحن بصدد اختيارالشخصيات التي ستمثل الشعبين السوداني والمصري ثم الاتفاق على لقاء مشترك بينهم للنظر في ما يمكن ان يعلن بينهم. صحيح نحن كممثلين شعبيين ليس عندنا قدرات تنفيذية. القدرات التنفيذية بيد الحكام، ولكن نحن نستطيع ان نؤثر على الرأي العام وان نشكل مناخاً وفاقياً وليس صدامياً، ونستطيع ان نغير لغة تناول الموضوع بدلا من ان يكون الكلام اننا نمهد للحروب او ان هذه الامور التي تنادي بها دول المنابع انما هي مؤامرات اجنبية، هذه كلها اشياء في رأينا غير صحيحة انما تخلق عوامل توتر. لذلك نحن نستطيع ان نؤثر في هذا المناخ وننفي هذه العبارات القبيحة ونخلق رأياً عاماً ايجابياً، وكذلك نوضح حقيقة الموقف وما هي المشكلة... # ما هي المشكلة؟ - المشكلة ببساطة ان هذا النيل كان شأناً مصرياً .. هذه حقيقة تاريخية، وانعكست هذه الحقيقة التاريخية في الاتفاقيات السابقة وهذا معلوم ومعروف ومعترف به في الفترات الماضية، نشأت مشكلة بين مصر والسودان، هذه المشكلة ادت الى حل جعل شأن النيل شأنا ثنائيا بين السودان ومصر وهذا ما جسدته اتفاقية 1959م. اذن انتقلنا من كون النيل شأنا مصريا فقط الى النيل كشأن ثنائي (مصري سوداني) وهذه الخطوة التي تمت لم تشمل دول منابع الحوض ولم يشتركوا فيها وكانوا دائما متحفظين على هذا الامر ،وان الاتفاقيات السابقة فرضت عليهم واجبات ولم تعطهم حقوقاً، ولذلك مشروع جدا ان يسألوا عن حقوقهم، خصوصا انهم دخلوا في اتفاقية اطارية تنص على اشياء مفيدة منها (اولا) :اننا لا نريد ان نسبب اذى جسيما لاي طرف من الاطراف في الحوض مهما كانت الامور، (ثانيا) :انه مهما كان اي اجراء يتخذ من أي جهة يجب ان تعلم به الاطراف لتجنب اي نوع ضار، (ثالثا): وضعوا آليات لكيفية فض الخلافات بصورة سلمية (رابعا) : وضعوا تصورا لمفوضية يمكن ان تمثل آلية مشتركة بين دول الحوض حول قضايا النيل، والزموا انفسهم بالعمل على تنمية موارد المياه، اي زيادة تدفق مياه النيل، واتفقوا ايضا على التعاون في ما يتعلق بالسلامة البيئية النيلية. انا لا ادري لماذا تجد هذه التوجهات رفضا من أية جهات، لانه لا احد يستطيع ان يقول لدول المنابع لا حق لكم في مياه النيل. هم يطالبون بنفس المرونة التي سمحت في الماضي بادخال السودان في شأن النيل وكان غائبا منه، وفي رأيي حتى الان مواقفهم ليست عدائية لانه مثلا في حوض دجلة والفرات تركيا قالت ان هذه المياه تخص دولة المنبع وما تعطيه هي للدول الاخرى تعطيه من عند مواردها وليس كحق مشترك ونحن يجب الا نسمح للاحوال ان تتدهور بحيث يتكلم هؤلاء بهذه اللغة. # هم حتى الآن لم يتكلموا بهذه اللغة؟. - نعم .. حتى الآن هم يتكلمون عن انهم يحترمون الحقوق المكتسبة وعلى الآخرين ان يحترموا مطالبهم الطبيعية في ان هذه المياه تنبع من اراضيم مما يوجب ان تحدد لهم حقوق ويعلنون انهم مستعدون مع هذه الحقوق ان يقوموا بواجباتهم، ولا ادري لماذا يواجه منطق من هذا النوع بالرفض والاتهام. # أتتوقع ان استمر الرفض والاتهام ان يتحول هذا الموقف الى ما يشبه موقف تركيا؟ - اصلا الرفض سيؤدي الى استقطاب والاستقطاب سيولد التوتر والتوتر سيأتي بالمفاهيم العدائية، فنحن الآن ازاء معادلة كسبية يكسب فيها كل طرف واذا لم يراع هذا سندخل في معادلة صفرية تتأذى منها كل الاطراف. # أنت تحدثت عن هذه المعادلة الكسبية منذ وقت مبكر أي في 1999 2000 حين اصدرت كتاب مياه النيل الوعد والوعيد وفيه تنبهت ونبهت للمشاكل التي يمكن ان تحدث اذا لم تتم المعالجات اللازمة، لماذا برأيك تأخر العلاج حتى وصلت الأوضاع الى الحالة التي اسميتها بالخندقة المتبادلة بين دول احباس عليا ودول مصب؟ نعم، في رأيي الأسباب واضحة جدا، وهي عدم الوعي وغياب التفكير الاستراتيجي وقصر النظر الذي يجعل طرفا من الاطراف يفكر فقط في المصلحة الذاتية ولا يفكر في المصلحة العامة، وفي رأيي هي نفسها الاسباب التي حالت دون التقدم في هذا الموضوع ، ولكن صار الانتظار الآن مستحيلا ولابد من التحرك، وطالما هناك تلكؤ على الصعيد الرسمي نحاول ان نحرك ملف المياه من باب الصعيد الشعبي ونحن نتحرك في هذه المجالات وندرك اهمية مياه النيل لمصر وبدرجة اقل للسودان وبدرجة اقل للدول الاخرى. وهذه هي الحقيقة ان مياه النيل لمصر اهم وللسودان اقل اهمية ولكنها مهمة، ولدول المنابع اقل اهمية كذلك، لكن الشيء الاقل اهمية لا يعني انه لا اهمية له لذلك لا بد من ان نفكر بمنطق مراعاة مصالح الاهم والمهم والاقل اهمية. # تشرفت قبل اسبوع بحضور منتدى السياسة والصحافة الواحد والسبعين و كان مخصصا لمناقشة (مياه النيل.. ابعاد الأزمة وآفاق الحلول) وتابعت حديثك الذي قلت فيه ان المبادرة الشعبية التي تطرحها لا تضيف شيئا من ناحية »Statitc« وان كانت ستؤثر من ناحية Dynamic فهل هذا مؤشر لعدم المضي قدما في المبادرة وهل هناك اي ضغوط مورست عليك للتراجع عنها ؟ لا ، ليست هناك ضغوط، بالعكس، فالكتاب في الغالب ايدوا المبادرة، اما الرسميون فهم صامتون، وهذه لا تهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون. لا .. انا اعتقد انها تضيف شيئاً، وانا قدمت اتفاقية من 21 بندا فيها قبول مبدأ المحاصصة وضرورة الاتفاق، فالمبادرة تضيف شيئاً، اولا من زاوية Dynamic داينمية تفتح الباب لمزيد من دفق المياه، وثانيا، تحقق لا مجرد استقرار في توزيع المياه حاليا وانما تفتح المجال للمزيد من المياه، وكذلك فتح ابواب التعاون في قضايا مختلفة، ونحن نقترح التعاون التام في موضوع انتاج الطاقة الكهربائية في مناطق اعالي النيل باعتبار ان المرتفعات هناك يمكن ان تولد طاقة كهربائية تعم الحوض كله وتنتج كهرباء باسعار زهيدة للغاية، كذلك هنالك فرصة لتحسين البيئة الطبيعية لحوض النيل، هذا فيه فائدة للجميع. وثالثا، طرحنا امرا ضروريا وهو انه اذا اتفق على الحصص يمكن ان يستثمر طرف من الاطراف مياهه في اراضي السودان باعتبار ان الانتاج الوفير للمياه في حوض النيل المصرف الطبيعي له اراضي السودان الشاسعة المسطحة والخصبة، وهذا يمكن ان يحدث فيه اتفاق مزارعة، ونحن اقترحنا اتفاق مزارعة بالنسبة لمصر لان هنالك ضيقا في الرقعة الزراعية في مصر وهناك كفاءة عالية للفلاح المصري... # ومع ذلك مصر هي من تضع العراقيل في طريق المبادرة برفضها القاطع لأي تفاهم و.... على اي حال.. دعني اكمل كلامي، اتفاق المزارعة يمكن ان يستفيد منه كل الآخرين، يستفيد منه السودان ويستفيد منه الاخرون حسب حصصهم في المياه لانه في النهاية المشكلة الرئيسية في مصر والسودان وفي دول الحوض هي الامن الغذائي فلا بد من النظرة الاستراتيجية على مستوى الحوض في مسألة الامن الغذائي. # انا اتحدث عن اعتراضات توضع في طريق المشاركين الذين اعلنتم عنهم ومن بينهم ناشطون ومحامون مصريون يدعمون هذه المبادرة ويشاركون فيها، والسؤال هو: أما زالوا يشاركون فيها، أما زلتم على اتصال بهم؟ - طبعا الموضوع خلافي، ناس مؤيدون ويوجد ناس معترضون، ولا يمكن تجريم الذين يرون ضرورة حل المشكلة سلميا بالعكس، انا في رأيي يجب ان يجرم الذين يرون حلها عسكريا باعتبار أنهم يخلقون الفتنة، وهي فتنة ليست في صالح حل المشكلة، فهل اذا اتفق السودان ومصر على موقف عدائي من دول المنابع هل يستطيعان ان يحسما هذا الموضوع عسكريا، في رأيي لا، ولذلك الكلام عن الحل العسكري كلام ضار وفيه فتنة ويجب رفضه، ولذلك انا اعتقد اذا وجد تجريم الآن لا يمكن ان يكون هذا التجريم للذين ينادون بمعادلات كسبية وحل سلمي لأن هذا حتما هو الذي سيكون والمطلوب، ويجب ان يجرم الذين يتحدثون بلغة الحرب ولغة النفي للآخر ولغة المواجهة لأن هذه اللغة اولا: مستحيلة وغير ممكنة، وثانيا: سوف تقفل الباب أمام التراضي وهو المطلوب ، ثم اننا لسنا الحوض الوحيد في العالم الذي فيه نهر يتعدى الحدود القطرية هناك 300 نهر فيها نفس الشئ وهذه الانهار كلها فيها اتفاقيات مشتركة، نهر النيجر والسنغال والدانوب والراين، نحن لا نتكلم عن عالم فارغ نحن نتكلم عن عالم فيه سوابق ولابد من الاستفادة من هذه السوابق لحل هذه المشكلة بدلا من الوقوف أمام معادلة صفرية عنترية تخلق مواجهة وتضر بشعوب المنطقة. # أيضاً في منتدى الصحافة والسياسة تحدث القنصل المصري عنكم وكأنكم تتحدثون من منطلقات عاطفية، وقال ان هذه ملفات حساسة ويجب عدم التعاطي معها عاطفيا؟ - بالعكس مجرد حضور ممثلين للسفارة هذه خطوة في رأيي مستنيرة، لكن في هذه الأمور هؤلاء موظفين لا يستطيعون ان يقدموا او يؤخروا ، لازم يتكلموا بلغة فيها حذر شديد لانه كموظف غير مسموح له باتخاذ قرار في قضايا سياسية ولا حتى المشاركة فيها.. انا اعتقد حضور ممثلين للسفارة المصرية في حد ذاته خطوة ايجابية ولكن غير متوقع منهم أن يتخذوا اي قرار ذا مضمون سياسي، وهم موظفون لا يتحركون الا بتوجيهات من اصحاب القرار السياسي ، المدهش ان السفارة المصرية حضرت ووزارة الري السودانية غابت، المدهش ان وزارة الري السودانية صدرت لها تعليمات ان لا يحضر منها شخص، و كنا سنرحب جدا بحضورهم عشان يسمعوا، و ليس بالضرورة ان يقولوا شيئا وانما ان يسمعوا وينقلوا لرؤسائهم معلومات عن الواقع، وهذا جزء من الواقع، نحن اتينا بخبراء وساسة و معنيين بالقضية لينقلوا لرؤسائهم معلومات، وفي هذا العالم لا يمكن للانسان ان يتخذ قرارا من دون احاطة بمعلومات كافية، ولكن الغباء يجعل وزارة الري السودانية تغيب لمجرد الاستماع لما يقول الآخرون فيتخذوا سياسة النعام، وهي واضحة في كثير من الاعمال الرسمية السودانية، سياسة النعام غطي عيونك وهذا يعني ان المشهد الذي حولك قد اختفى ما دمت قد غطيت عيونك، هذه السياسة النعامية ما عندها اي قيمة أو معنى، نحن قدرنا جدا للسفارة المصرية انها حضرت مجرد الحضور وغير متوقع منها ان تتخذ عبر موظفيها موقفا سياسيا، وكل الغباء هو في غيبة وزارة الري السودانية التي تعترف بأهمية الذين حضروا وكان حقها تجي تسمع منهم وتسمعهم ولكنها فوتت الفرصتين . # انت طالبت صراحة سيد الصادق في خطبة الجمعة قبل الماضية لتغيير ادارات الري في البلدين سأعود لهذا السؤال بعد ان تحدثني عما اذا انكم تتحركون من منطلقات عاطفية فعلا ام ان هناك معقولية في المبادرة التي تتطرحونها؟ - هذه عاطفة عجيبة جدا ، نحن كتبنا كتابا من سنة 1999م مر عليه دلوقت اكثر من 10 سنين، كتاب ذهب الى اوساط علمية كثيرة جدا وقالت فيه ما قالت فكيف يكون هذا كلام عاطفي بالعكس هذا كلام وطني وموضوعي وضروري، هذه الصفات الثلاث فيه. # ماذا عن دعوتك لتغيير ادارات الري في البلدين؟ - انا اعتقد ان وزارة الري في مصر وزارة مؤهلة جدا وعندها حشد من الكفاءات ذات المستوى العالمي، لذلك هي وزارة ذات اهمية خاصة، للأسف لاسباب انا لا اعرف ما هي ، تم تغيير قيادة هذه الوزارة بشخص من اوساط اكاديمية بعيدة من هذه الخلية النشطة في معرفة قضايا النيل من حيث الجوانب السياسية والدبلوماسية والفنية.. وانا اعتقد انه تصرف لا يناسب خطورة الموقف و للقيادة ان تفعل ما تشاء ولكن لنا ان نلاحظ بان هذا التغيير الذي حدث كان من نتائجه غير المباشرة انهيار المحادثات بين دول الحوض، لانه انت الآن في العام اذا واحد فشل في شئ يواجه موقفه ما في شك حصل فشل هنا لان القطيعة حول مياه النيل تساوي فشلا وهنالك شخصيات في مصر في رأيي عندها كفاءة عالية فالموضوع يجب ان ينظر له بصورة من هذا النمط، هذه المسائل يجب ان نتحدث عنها بصراحة لأن المصلحة فيها مشتركة ما يضر مصر يضر السودان في هذه القضية ما في شك في ذلك... في ما يتعلق بالادارة السودانية فيها شخص مؤهل فنيا لكن المؤكد ان عهده شهد ما يمكن ان تسميه تشليعا، وزارة الري (شُلعت) اولا، اتخذت قرارات باولويات السدود التي كانت من ناحية استراتيجية معلومة ان يتم اولا تعلية خزان الرصيرص، ثم ثانيا خزان ستيت، ثم ثالثا خزان مروي، هذا التسلسل في الاولويات تم نقضه بواسطة قرار حزبي وليس بقرار فني او استراتيجي . وزارة الري لم تشترك في هذا الترتيب الجديد للأولويات وانا اعلم ذلك وهذا دليل ضعف كبير جدا، فاذا كان دور وزارة الري بهذا الضعف في قضية داخلية فمن باب أولى ان يكون ايضا في قضية خارجية تتعلق بحوض النيل. ثانيا، وزارة الري قبلت دون ادنى تدخل ان يكتب بروتوكول تقاسم الثروة في اتفاقية السلام دون الاشارة لمياه النيل، ومياه النيل اهم من البترول، سقط الحديث عنها وعندما سألنا قيل لنا ان الوزارة لم تشرك، المفروض في اي مجلس وزراء او مجال من هذا النوع ان تضع الوزارة موقفا اساسيا، اما ان يدخل هذا الموضوع واما ان يستقيل الوزير، لا بد من موقف، لا يمكن ان يسمح بهذا النوع من التهميش لقضية مياه النيل، ثالثا، حصلت اجراءات غير موضوعية جردت وزارة الري ذات التأهيل الفني والخبرة من شأن السدود في السودان بصورة ايضا لا يمكن لأحد ان يقبلها، اما ان يعترض عليها او يستقيل، فانا في رأيي هذه الدلائل كلها تشير لضعف في وزارة الري السودانية في مواجهة قضايا مهمة للري السوداني داخليا فمن باب اولى أن لا يكون لها عطاء بالقدر المطلوب في دبلوماسية مياه النيل، وهذه المسائل نحن نناقشها بحرية لأنها قضايا لا تخص الحزب الحاكم وحده ولا تخص السودان وحده ولا تخص مصر وحدها وانما تخص الحوض كله وتخص الشعب كله ولذلك نحن ندلي برأينا بكل موضوعية وبدون عاطفية بدون خوف من احد ونحن نراعي في هذه الامور ضميرنا وربنا وشعبنا. # إلى أي حد يساعد تغيير ادارات الري في البلدين في حل معضلة مياه حوض النيل؟ - لا أدري .. ولكن لا شك اذا كنت أمام أزمة تواجهها بأكفأ الناس عندك، أكفأ بكل ما تعني الكلمة، اكفأ دبلوماسيا وفنيا وخبرة، ولما حدثت مشكلة التحكيم بين امير المؤمنين علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان وانتدب امير المؤمنين ابا موسى الاشعري وانتدب معاوية عمرو بن العاص، وحصل ما حصل ما يمكن ان نسميه خدعة، عمرو بن العاص خدع ابا موسى الاشعري، قال شاعر: لو كان للقوم رأي يرشدون به ... عند النوائب رموكم بابن عباس لكن رموكم بشيخ من ذوى يمن ... لا يدري ما ضرب أخماس لأسداس فأنت أمام هذه المشكلة ليس لك الا ان تضع شخصا يدري ما ضرب اخماس باسداس مش لا يدري ما ضرب اخماس باسداس. # (طيب) سيد الصادق بعض الحديث يدور حول تقصير سوداني في حقوق السودان في ما يتعلق بمياه النيل، كيف ترى الأمر؟ - في رأيي ان هذا موضوع لا داعي للكلام عنه لانه يوجد اتفاق بين السودان ومصر في إطار اتفاقية مياه النيل 59 ، وفي رأيي يجب الا نتبع خطة (الغلبك سدو وسّع قدو).. نحن نتكلم الآن عن مشكلة بين مصر والسودان من جانب ودول المنابع من جانب.. مش بين مصر والسودان .. خلينا نحل ما نواجهه الآن، وفي النهاية اي مظلمة في العلاقة بين اي دولتين الاتفاق الاطاري وضع لها آلية للنظر فيها، فاذا السودانيون عندهم مطالب... # المظلمة في ما يتعلق بالسودان ان مادة من اتفاقية 59 تنص على انه اذا تم تخصيص حصص لدول المنابع وفقا لاتفاق جديد فان ما يخصص لهذه الدول يقسم مناصفة من حصة السودان ومصر برغم التفاوت بين الحصتين، السودان يأخذ 18.5 مليار متر مكعب ومصر تأخذ 55 مليار متر مكعب، ودعني اشير هنا الى اتفاق جرى بين دول الحوض الموقعة على الاتفاق الاطاري لم يعلن بعد يقضي بتخصيص 18 مليار متر مكعب لتقسم بين دول المنابع حسب مصادر تحدثت للصحف، فهل تتوقع ان تتراجع مصر عن موقفها الحالي وبالتالي يكون المتضرر هو السودان؟ - لا ادري ماذا سيفعلون، ولكن هناك اتفاق، وما اريد ان اقوله ان هذا ليس محل اشكال بين السودان ومصر اذ يوجد اتفاق فيه انه اذا اتفق الطرفان على حصة تخصص لدول المنابع فسيكون ذلك مناصفة وهذا اتفاق متهور. # أليس أولى بالسودان التوقيع على الاتفاق الاطاري مع دول المنابع بدل الاصرار على الموقف الحالي الذي يقدر البعض انه ليس من مصلحته؟ - السودان ومصر في هذا الموضوع يربطهم اتفاق والاتفاق يقول اذا وافقنا على حصة لدول المنابع نقسمها مناصفة.. ايه المشكلة. # انا اتحدث بوضوح عن امكانية انفصال موقف السودان بدل الخندقة مع مصر؟ لماذا .. انا ما شايف معني .. لماذا .. مصر والسودان متفقان، ومن الافضل لهما الا يختلفا حول هذا الموضوع.