يبدو أن الدكتور عوض أحمد الجاز وزير الصناعة الجديد سيدخل في تحدٍ جديد بعد التحديات السابقة في وزارة التجارة ومجلس الوزراء والطاقة والمالية بنتيجة محددة من انتصر؟ الوزير ام السياسات القديمة التي كانت تسود قبل مقدمه ام ان تلك التحديات انتهت بالتعادل بلغة الرياضة خاصة ونحن نعيش هذه الأيام منافسات كأس العالم.. والوزير عوض الجاز معروف في الوسط الوزاري والسياسي بأنه صاحب سياسة (أمسك وأقطع) وقد تكون هذه السياسة تتناسب مع شخصية عوض الجاز وطبيعته وطريقة نشأته داخل اسرته وداخل الحركة الاسلامية والتي جعلت منه (أصلب العناصر) واسندت اليه مهام عظيمة وجليلة لا يستطيع غيره ان يسدها خاصة في فترة الانقاذ الاولى، فكانت مهامه التنظيمية تفوق مهام رئيس الوزراء ولكن استطاع ان يوازن بين مهامه التنظيمية ومهامه في العمل العام من خلال الجهاز التنفيذي والجهاز السياسي في المؤتمر الوطني. وكان دائماً ما يدير مهاماً خارج تكاليفه التنظيمية والسياسية ولكن في الأخير تندرج لصالحهما. وعوض الجاز معروف بقوة الارادة والشكيمة ولا يرضى دائما بغير النجاح حليفا له رغم ان الاوضاع والظروف التي قد يعمل بها لا تساعد بان يكون النجاح حليفه ويظل يرفع سيفه في وجه (الفشل) والفشل في الخدمة المدنية مثل (شجرة المسكيت) اجتهد عوض الجاز في استئصاله من تلك الوزارات التي عمل بها ولكن عاود (الانبات) من جديد بمجرد ان يغادر الجاز المكان. وتبدأ محاولة المكافحة بعزيمة وارادة اقل من تلك التي يبديها الجاز. وعوض الجاز هو الآن الوحيد الذي يحقق الرقم القياسي في البقاء في الوزارة فمنذ ان غادر مقعد مدير عام بنك الشمال الإسلامي، ودخل وزارة التجارة لم يخرج حتى الآن من التشكيل الوزاري، وهذا رقم يحسب لصالحه لأن القيادة قد ترى فيه ما لا تراه في الآخرين، ولكن هل حققت النتائج رؤية القيادة في الاخ عوض الجاز أم ان النتيجة طلعت (تعادل) ايضا. جاء عوض الجاز لوزارة التجارة وهي مصدر (ثراء) سريع للمستوردين والمصدرين وهي ايضا مصدر (ثراء) سريع لتجار السلع الاستهلاكية ذات العائد السريع مثل السكر والدقيق والزيوت والصابون والشاي وغيرها من السلع. جاء عوض الجاز الى وزارة التجارة وهي مصدر سريع لتجار (الرخص) والاعفاءات الجمركية، جاء عوض الجاز لتلك الوزارة وهي تشكل واحدة من المهددات (الأمنية) لثورة الانقاذ الوطني لارتباطها بالجمهور والجوع وهي التي تقود الى المظاهرات والمسيرات وهي التي تقود الى العصيان والاضرابات، ويمكن لهذه الوزارة أن تهزم الحكومة اذا لم تجد المواجهة القوية لتلك العناصر التي تتحكم فيها من داخل الوزارة وخارجها. ولكن قبل أن تظهر (مواهب) عوض الجاز فيها بالقدر الذي نقول فيه ان بقاءه في الوزارة حوالى عشرين سنة امر يستحق ولكن جاءت سياسة التحرير وعرابها السيد عبد الرحيم حمدي وزير المالية والتي نفذها في شهر فبراير 2991م لتنعي لنا وزارة التجارة وينهي صداعا دائما للحكومات كانت تسببه هذه الوزارة. وهنا تبدأ معركة جديدة بين الجاز وحمدي فبمثل ما انقذت سياسات حمدي «سياسة التحرير» الجاز والحكومة من (رهق) وزارة التجارة فالجاز امام معركة جديدة مع عبد الرحيم حمدي. ولكن قبل ان ندلف لهذه المواجهة المتوقعة بين الجاز وحمدي، نقدم قراءة في ملف (الجاز) خلال توليه عدة مناصب وزارية وهل هي كافية هذه المدة ليحقق الانتصار في مواجهة حمدي. ويبدو ان الجاز الذي غادر التجارة الى وزارة مهمة وهي وزارة شؤون مجلس الوزراء والكل اعتقد ان الجاز ستكون مهامه مكتبية اكثر من ميدانية خاصة وان المنصب يعني ان تكون قريبا جدا من رئيس الوزراء والمجلس نفسه لكن عوض الجاز لم يرد للسيف ان يكون داخل غمده بل استله وخرج به في برنامج جديد اسمه (تنوير) الخدمة المدنية، ويبدو هنا ان عوض الجاز استبدل (السيف) ب(المقص) ليهذب الخدمة المدنية من التشوهات التي اصابتها اثناء سيرها الطويل ولم يستخدم الجاز معها سياسة (الضبط) و(الربط) حتى تعود لسابق عهدها ولكنه حاول تفعيل بعض القوانين واللوائح التي لا تجد صعوبة مع موظف الخدمة المدنية من تجاوزها بما لهم من خبرة طويلة في تجاوزات لساعات العمل الثماني وغالبا ما تكون الساعات الحقيقية للعمل هي (ساعتان) (51) دقيقة فقط في اليوم وتروح باقي الساعات في قراءة الصحف وتناول الفطور والاستعداد لصلاة الظهر ومن ثم الاستعداد للحاق بالترحيل. وخرج عوض الجاز من الوزارة وزارة شؤون الوزراء الى وزارة الطاقة دخل في معركة غير منظورة مع الوزير السابق صلاح كرار الذي كان يريد أن يستخرج البترول في عهده ولكن ارادة التشكيل الوزاري دفعت به الى وزارة مجلس الوزراء وعندما فشل كرار في البقاء في وزارة الطاقة وامتثل لأمرة القيادة لم يجد جديدا يدخله سوى تقديم (سلطة الفواكه) في الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء اضافة لعصير الليمون والبلح والفول. ولكن عوض الجاز استطاع ان يقدم الكثير في وزارة الطاقة وظهرت بعض امنياته التي لم تظهر في المناصب السابقة وباختصار استطاع أن يخرج النفط السوداني من الآبار الى الموانئ العالمية واستطاع السودان بهذا الانجاز ان يدخل كثير من (الدخل) وبالطبع فان اموال النفط ستذهب لوزارة المالية بحكم التخصص ولكن يبدو أن عوض الجاز لم يستطع ان يفارق اموالاً ضربه فيها كما يقول اهلنا (حجر الدقش)، وذهب الجاز الى وزارة المالية وقيل ان عوض الجاز وضع (المقص) وأعاد امتشاق (السيف) من جديد في وزارة المالية ليحارب الفساد المالي وأصحاب التصديقات والتبرعات واموال الشركات التي تنفذ اعمالا حكومية ويفعل القوانين التي قدمت الاعتداء على المال العام وتخيل الجميع ان يكون الجاز (ضابطاً) في المالية ويحسم كل مظاهر الفوضى التي كانت تسود هذا المكان، ولكن تقارير المراجع العام أكدت ان (سيف) عوض الجاز كان يحتاج للمزيد من (الصقل) حتى يبتر كل تلك الرقاب التي تتعامل بفساد مع المال العام، وقبل ان يذهب الجاز بسيفه (للحداد) جاء القرار من القيادة ان يذهب عوض الجاز الى موقع جديد هو وزارة الصناعة ليكمل معركته هناك مع الماكينات والمواد الخام وغير الخام ومشاكل الصناعة مع الكهرباء والجمارك والضرائب ورسوم المحليات ومن بعد ذلك معركة التصدير واكتفاء السوق المحلي. ولكن يبدو أن الحكومة أرادت أن تكون وزارة الصناعة هي المكان الجديد للمعركة بين عوض الجاز وعبد الرحيم حمدي، حيث اشتبكا على أيام وزارة التجارة لكن دون خسائر في الأرواح والممتلكات. وهي المعركة التي تجدد داخل وزارة الصناعة بعد ما تعهد عبد الرحيم حمدي بعمل (جنازة) تليق بالصناعة السودانية لأنها ماتت ويجب سترها بما يليق بها في الزمان الماضي. ويجيء بالطبيب هذه المرة ليعيد الصناعة من الموت السريري الى الحياة مرة أخرى، فهل ينجح عوض الجاز في عودة الحياة للصناعة السودانية من جديد ويستطيع أن يترجم أقوال وزير الدولة السابق بالصناعة المهندس علي أحمد عثمان الى أفعال بعد أن ملأ هذا الأخير وسائل الإعلام بالكلام دون الأفعال ولم نر صناعة لها أثر وهذا ما جعل السيد عبد الرحيم حمدي أن يتحول من (خبير اقتصادي) إلى (حانوتي) بسبب الصناعة في السودان. فهل تنجلي هذه المعركة بين الجاز وحمدي على حافة القبر بعودة الصناعة السودانية؟ أم ينجح عبد الرحيم حمدي في منافسة (عابدين درمة) في دفن الموتى ويدفن وزارة الصناعة مثل دفن وزارة التجارة بشكلها القديم من قبل؟!.