ثمة مخاوف مكتومة تحاصر مستقبل الاطفال بالجنوب في ظل تصاعد حدة الانتهاكات و تدهور الاوضاع الامنية وضعف البني التحتية وتدني المقومات التعليمية والصحية . وبرغم اعتراف حكومة الجنوب بضمان كافة الحقوق المدنية للاطفال بموجب الدستور القومي والدستور الانتقالي للجنوب وقانون الطفل الا ان تقارير صادرة من هناك رسمت اوضاعا صعبة للاطفال خلال الخمس سنوات الماضية التي اعقبت اتفاقية نيفاشا واتهمت حكومة الجنوب بالتقصير في توفير بيئة صحية للاطفال لاسباب تشريعية واجتماعية وثقافية ، وكما هو معروف فقد كان الاطفال اكثر الفئات تأثرا بالحرب الاهلية التي كان ضحيتها 75% منهم ، فيما تيتم اكثر من 5000 طفل ، بينما 17000 ليس لديهم معلومات عن والديهم الطبيعيين. واولى العقبات المواجهة لحكومة الجنوب تتعلق بعملية تسجيل المواليد حيث كشف تقرير صادر عن وزارة النوع والرعاية الاجتماعية والشئون الدينية بحكومة الجنوب في العام 2009م الذي يعتبر الاول من نوعه لاكثر من 20 عاما ،عن تدني نسبة تسجيل المواليد اذ بلغت في ولاية جنوب البحيرات 1.1 % بينما بلغت في الخرطوم 70.2 وهذا يعني ان تسجيل المواليد بالجنوب اقل ست مرات مقارنة باطفال الشمال وعزا ذلك بعدم المام الوالدين او الاوصياء بتفاصيل التسجيل او لبعد مكاتبها او للتكلفة العالية هذا اضافة الى تمركز طباعة شهادات الميلاد بالخرطوم والتي يتم توزيعها على المستشفيات الكبيرة بجوباوملكال ورومبيك وتشكل صعوبة الوصول الى هذه المدن عاملا سالبا غير مشجع للاهالي لتسجيل ابنائهم . وكشف التقرير المبدئي لانفاذ القوانين الخاصة بحماية ووضع الاطفال في السودان الصادر من المجلس القومي لرعاية الطفولة والمقرر رفعه للجنة الافريقية لحقوق الطفل ورفاهيته في يوليو الجاري كشف عن وجود 1.5 مليون طفلا (اكثر من 50% منهم فتيات ) خارج نطاق التعليم .ومن بين 400000 تلميذ بالمدرسة الابتدائية اكمل 2% فقط منهم المدرسة الابتدائية فيما بلغت نسبة متوسط التلاميذ للمعلمين 1:52 . وانتقد التقرير تقليص الحكومة لميزانية التعليم من 134 مليون دولار في عام 2006م الي 111 و100 مليون دولار في عامي 2007 .2008م في وقت زاد فيه تسجيل الطلاب بالجنوب من 343000 في 2005م الي 1500000 في عام 2008م واشار التقرير الي انخفاض اعداد المعلمين والبالغة 7000 (7% ) منهم اناث ، مؤكداً ارتفاع نسبة تفشي الامية الى 80% خاصة وسط النساء بنسبة بلغت 90% . ونبه التقرير الى تدهور البنية التحتية للمرافق التعليمية ذات الفصول المزدحمة وغير المكتملة ونقاط المياه والمرافق الرياضية والمراحيض غير الكافية وبين التقرير ان صافي معدل الداخلين بالنسبة للاطفال في سن الدراسة الابتدائية بلغ 6.6% فيما سجل صافي معدل الحضور في المدارس الابتدائية15.8 مقابل 19.6 معدل حضور الاطفال في المدارس الثانوية . ولفت التقرير الى التزايد المستمر في اعداد المشردين تتراوح اعمارهم مابين 10- 15 سنة خاصة بالمدن الكبرى مثل جوبا ، واو ، ملكال ، رومبيك ، لاسباب اجتماعية (53% ( واقتصادية (26%( 17% بسبب عوامل اخرى . وقال التقرير ان هؤلاء الاطفال يواجهون بتحديات عديدة تعرض حياتهم للخطر بصورة جادة كالجوع حسب افادة 32% منهم والعنف والاعتداء بنسبة 30% بواسطة الشرطة وضباط الامن خاصة اثناء الليل فيما ابلغ 22% بان المشاكل الصحية والممارسات الجنسية تجعلهم اكثر عرضة للامراض .واكد التقرير مساهمة الصراع الطويل في انفصال الاطفال عن ابويهم بجانب عوامل اخرى كالفقر والجفاف وفقدان البنيات التحتية حيث كشفت الاحصاءات الواردة بالمسح الصحي للاسر لسنة 2006 ان 6.9% من الاطفال لم يعيشوا مع والديهم الطبيعيين وان 15.2 فقط عاشوا مع والديهم وان اعلى نسبة لليتامى كانت بين الفئة العمرية 15-17 سنة ووصلت تلك النسبة الى 16.7% وكشف التقرير عن تيتم اكثر من 50000 طفل نتيجة الحرب الاهلية مقرا بعدم وجود معلومات عن الابوين الطبعين ل170000طفل واشار الى ان بعض الاوصياء خاصة من مربي الماشية الذين تبنوا اطفالاً ايتاماً باستخدامهم في رعي الماشية بينما يذهب اولادهم الى المدرسة . وابدى التقرير قلقه من عادات الزواج المبكر التي تجعل من فرص اكمال تعليم الفتاة شبه منعدمة واوضح المدرسون الذين اجريت معهم مقابلات بان تقليد الزواج المبكر والقسري يمثل مصدراً للدخل بسبب المهور العالية وبجانب الزواج المبكر فان الاعمال المنزلية عامل آخر يؤدي الى اخراج الفتيات من المدرسة. وقال ان مشكلة التمييز بين الاطفال تزداد تعقيدا في ظل التركيبات والانظمة والاجراءات الرسمية التي لم تؤسس لحماية حقوقهم واعتبر التقرير الفتيات في موقف ضعيف وتنقصهن القوة للتفاوض مع الاولاد والرجال حول المسائل المتصلة بالجنس خاصة مع عدم وجود آلية تبليغ ثابته تمكن الفتيات اللاتي تمت اساءتهن جنسيا التبليغ عن حالاتهن . ونوه التقرير الى ان تفشي فيروس نقص المناعة المكتسبة الايدز من العناصر التي ساهمت في انتشار الايتام وعزا ذلك لنقص التعليم الجنسي بكل من المدارس والمنازل وبين ان 99 من كل 100 امرأة لايعلمن شيئا عن الفيروس ولا يعلمن الوسائل الرئيسية لحماية انفسهن مقابل 10% فقط من النساء يعلمن بصور كافية الوسائل التي تحميهم .واوضح ان الفقر المتفشي بين اغلبية سكان الجنوب والصراعات القبيلية التي يتم تسييسها تجعل التعامل مع القضايا المتعلقة بحقوق الاطفال اكثر صعوبة . فيما يتعلق بالصحة الانجابية فحسب المسح الصحي للاسر السودانية 2006 لم تتلقَ 40% من الامهات الحوامل اي عناية اثناء الحمل فيما بلغ عدد النساء اللائي تلقين عناية اثناء الحمل من عاملين مدربين بالحقل الصحي 26.2% مقابل 10. 2% تلقين او حضرن للولادة على ايدي عاملين مدربين بينما وصلت نسبة وفيات الامهات عند الولادة 2054 لكل 1000.000 ولادة حية . وعن موقف الاطفال من التجنيد فقد قامت مفوضية جنوب السودان لنزع السلاح والتسريح واعادة الدمج بتسريح حوالي 1200 طفل بمساندة اليونسيف في عامي 2006 و2007 كما استفاد اكثر من 1771 في ولايات غرب بحر الغزال والوحدة وواراب من خدمات الدعم النفسي فيما لايزال هنالك حوالي 1000طفل مرتبطين بالقوات المسلحة . وبينت دراسة لليونسيف عن صعوبة اندماج هؤلاء الاطفال في المجتمعات بسبب ضعف متابعات المسرحين وانعدام الدعم النفسي والخدمات المتخصصة وفرص التعليم المحدودة والتدريب المهني وفرص كسب العيش بجانب محدودية المهارات الحياتية للاطفال المسرحين ومحدودية الموارد المالية والبشرية .