بتاريخ 18 مارس من العام 2013م أصدر محافظ بنك السودان المركزي المنشور رقم "3" القاضي بتخصيص "10% من حصيلة الصادر غير البترولية -عدا صادر الذهب- للأدوية البشرية، وقامت بعض الشركات وأسماء الأعمال بمخالفة هذا المنشور بحصولهم على التمويل المصرفي من المبالغ المخصصة لاستيراد الأدوية؛ حيث بلغت المبالغ المستولى عليها "104" ملايين درهم إماراتي خلال العام 2015م، ولم توف الشركات بالتزامها باستخدام حصيلة الصادر في شراء الأدوية، وقامت بتوجيهها لأغراض أخرى، كل ذلك حسب بنك السودان. وتقدم البرلماني المستقل عن دائرة دنقلا أبو القاسم برطم بسؤال لوزير العدل مولانا عوض الحسن النور بشأن ماذا جرى من تحقيق في قضية ال(34) شركة التي استولت على أكثر من (230) مليون دولار من أموال الدواء بدون مشروعية؟.. وتساءل برطم قائلاً: هل تم التحقيق مع الجهات الحكومية التي ساهمت في إهدار هذا المال العام؟. الحصول على التمويل: قال وزير العدل عوض محمد الحسن النور رداً على سؤال النائب البرلماني المستقل عن دائرة دنقلا أبو القاسم محمد برطم إن هنالك بعض الأشخاص لجأوا في سبيل الحصول على أموال التمويل من البنك المركزي لم يسمهم - بتأسيس شركات، وتسجيل أسماء أعمال، وقاموا بتزوير خطابات توصية، نسبوها للمجلس القومي للصيدلة والسموم للسماح لهم بعمليات استيراد الدواء، وأضاف: بعد كشف هذه المخالفات أصدر محافظ بنك السودان المركزي قراراً يقضي بحظر الشركات، وأسماء الأعمال حظراً مصرفياً كاملاً. وأشار وزير العدل إلى تجميد حسابات المتهمين بموجب الحظر الصادر من بنك السودان، ومنعهم من استخدامها، وتابع: منح البنك عرضاً فيه الأولوية للتسوية المالية بإعادة دفع مبلغ التحويل للحساب الخاص بصادر الأدوية البشرية بحيث يمكن منحها مرة أخرى لصالح الأدوية البشرية سداً للحاجة الملحة في هذا الجانب. لجنة التسوية: كشف وزير العدل عن تشكيل لجنة تسوية مع المتهمين بعد قرار نائب المحافظ بنك السودان، ووزارة العدل، وشملت اللجنة عضوية إدارة النقد الأجنبي، إدارة التفتيش، والإدارة القانونية ببنك السودان المركزي، وقال إن اللجنة رأت أن تقوم الشركات بدفع "30%" من مبالغ التمويل المهدرة فوراً على أن يتم دفع الأموال المتبقية على "قسطين" في فترة محددة مع تقديم اسم العمل أو الشركة بضامنٍ غارم يتم قبوله بعد التأكد من براءته المالية، مؤكداً أن نتائج هذه التسويات عمل على استرداد أكثر من مبلغ "11" مليون درهم إماراتي من جملة المبالغ المطلوبة من المتهمين الذين قبلوا بالتسوية، وهي ثلاث شركات، إضافة لتسعة أسماء أعمال بحسب حديثه وكشف الوزير أن بنك السودان عمل على استرداد أكثر من "16" مليون جنيه، من البنوك التي ثبت تورطها في وقائع التحقيق، وتوقع الوزير استيراد ثلاثة ملايين يورو خلال الأسبوع الجاري من بعض البنوك. توقيف متهمين: أكد وزير العدل اكتمال التحريات مع الشركات، وأسماء الأعمال المستخدمة لحصيلة الصادر في أغراض غير استيراد الدواء، وقال ما يزال التحري مستمراً، وتابع "تم إكتمال التحري مع بعضها وأحيل البعض الآخر للمحكمة"، ومضى بقوله "ما يزال التحري جارياً في عدد من البلاغات، وكشف عن إلقاء القبض على بعض المتهمين في ثلاثة بلاغات، مشيراً إلى توقيف (9) متهمين بينهم مدير سابق لأحد المصارف تم الإفراج عنه بالإيداع المالي، وقال "ما يزال هنالك متهمون هاربون يجري البحث عنهم". وأوضح الوزير أن هنالك ثلاث شركات فقط من شركات الأدوية المعروفة كانت تمارس العمل في صادر الدواء، وتم حظر هذه الشركات حظراً مصرفياً كلياً كغيرها، ووافقت على التسويات وقامت بدفع ما عليها خاصة وأن هذه الشركات قد أثبتت التحريات بعد التفتيش أنها قامت باستيراد أجهزة، ولوازم، ومعدات طبية، وأنها قدمت طلباً للبنك كغيرها. وكشف وزير العدل عن تورط أسماء أعمال وهمية لم يسمها تعاملت في استيراد الدواء، وحصلت على تمويل مصرفي بذات الغرض، وقال إن بعض من منسوبي بنك السودان المركزي ومنسوبي المصارف الأخرى لم يقوموا بالتحقق من صحة تسجيل أسماء الأعمال الوهمية، ولم يرجعوا إلى المسجل التجاري ومخاطبته والتحقق من صحة تسجيلها، كما اتضح –حسب الوزير- أن شركات وأسماء أعمال قد أُنشأت خصيصاً للعمل في مجال استيراد الأدوية بناءاً على معلومات تم تزويدهم بها من قبل منسوبي أولئك البنوك الذين ضربوا عرض الحائط بما تمليه عليهم واجبات الوظيفة من عدم الإفصاح وكشف الأسرار المتعلقة بالمؤسسات التي ينتمون إليها، وأشار إلى التحري بصورة دقيقة بغرض تقديم كافة من يُشتبه به للعدالة. وقال إن محافظ البنك المركزي قام بتوقيع جزاءات إدارية على بعض موظفي هذه المصارف وصلت حد الفصل من الخدمة، وأشار إلى استمرار التحريات، ولفت إلى أن اللجنة لم يَبِن لها أيُّ جانبٍ من وزارة المالية تجاه القضية. برطم يرفض الرد: ورفض مقدم السؤال أبو القاسم برطم ل(السودادني) أن يلجأ بنك السودان للتسوية في المال العام، ووصف الأمر بالخطأ، وقال إن شركات الأدوية اتهمت بالتزوير، وجريمة التزوير تقاضى عنها البنك بالتسوية، وتساءل أين وزارة العدل من ذلك؟، وأضاف: "إن ما حدث هو لعب بالمال العام"، وحَمَّل مسؤولية الأمر لبنك السودان، والمجلس القومي للصيدلة والسموم، وطالب برطم بتفعيل مبدأ المحاسبة.