وأثارت استقالة الوزير لغطاً كثيراً فالبعض نسبها لقضية جبل عامر، حيث صرَّح الوزير قبل أسابيع أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف أجنبي يسيطرون على جبل عامر الغني بالذهب، هذا التصريح أثار جملة من ردود الأفعال واعتراضات واسعة من جهات أخرى أبرزها (قوات الدعم السريع) ومجموعة موسى هلال، بينما البعض الآخر عزى الاستقالة لأسبابٍ أخرى من الصعب الكشف عنها في هذا التوقيت. لكن بعض المصادر ألمحت إلى خلافٍ كبير حدث بين الوزير المستقيل ومدير عام الشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين، إلا أن ذلك لم يكن يترجم بصورة واضحة ولكن تَرْجَمَتْهُ أفعالُ الطرفين؛ فالملاحظ لمسيرة وزارة الداخلية يجد أنها مؤخراً أصبحت عبارة عن رئاسة الشرطة فقط وكأن منصب وزير الداخلية منصب اسميّ - هكذا يرى البعض - فكل القرارات المتخذة هي قرارات المدير العام للشرطة، والمدير العام آلت إليه كل الأمور بطريقة أو بأخرى. وتضيف المصادر: المتابع لكشوفات الترقيات يلاحظ أنها تخرج من بين يدي المدير العام ولا أثر لوزير الداخلية، حتى أن اختيار الضباط المنتدبين للسفارات يتم من قبل المدير العام، رغم أنها سلطة أصيلة لوزير الداخلية، مما يشير إلى أن هنالك عدم تعاون وتنسيق بين الطرفين. ما يجب أخذه في الاعتبار أن وزير الداخلية كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان قبل تولّيه لمنصبه وزيراً للداخلية في 25 يونيو 2014م، وحينما كان في الجيش كان الفريق أول عصمت يجد كل قراراته موضع التنفيذ، لكنه ربما وجد نفسه في وزارة الداخلية مُهمَّشاً، فقرر الاستقالة حسبما فعل الوزير قبله، والذي لم يكن له علاقة بالجيش، ولعل النفوذ الكبير لمدير عام الشرطة كان له دور في شعور الآخرين بالتهميش. الوزير السابق الوزير السابق عبد الواحد يوسف تقلد منصب وزير الداخلية في 8 ديسمبر2013م، ومنذ بداية عمله قرر أن يفعل الكثير من أجل الوزارة وبنى قصراً من الإنجازات، إلا أن قَصرَهُ تحطَّم في الهواء حينما قرر الاعتذار عن منصبه لمرتين متتاليتين، ذهب خلالهما إلى الرئاسة معلناً اعتذاره عن المنصب وعدم قدرته على الاستمرارية بذات الطريقة التي تسير بها الوزارة؛ فقد رأى الرجل أنه قائد بلا مِقوَد؛ وفارس بلا جواد. وأن لديه رأي وقرارات شأنه شأن أي وزير داخلية في العالم يجب أن تُنَفَّذ، وحينما أعيته الحيلة اعتذر وغادر المنصب بهدوء. كلٌّ من الوزيرين لديه مآخذ على أسلوب مدير عام الشرطة في قيادة دفة وزارة الداخلية ما دفعهما للاستقالة والمغادرة. وتمضي المصادر في القول: ما لا يعلمه الكثيرون أن وزير الداخلية، حينما تحدث عن وجودٍ أجنبيٍّ في جبل عامر، فإنه تحدث من واقع مَحَاضِر وتقارير دفعت بها رئاسة الشرطة للوزير، فهو كوزير لا يستطيع أن يُدلِي بمعلومة ما لم توفِّرها رئاسة الشرطة، وما يعضد حديثه عن وجودٍ أجنبيٍّ في جبل عامر الكمين الذي راح ضحيته عدد من عناصر قوات الاحتياطي المركزي في العام 2014م؛ ووقتها نُصب لهم كمين في جبل عامر أدى لاستشهاد عدد من عناصر شرطة الاحتياطي وتم نهب مركباتهم وعتادهم وأسلحتهم، ووقتها شكلت وزارة الداخلية لجنةً للتحقيق وتقصي الحقائق خرجت بعدة توصيات وكانت أهم توصياتها هي إنشاء نقطة شرطة بجبل عامر بقوة شرطية كبيرة وتقنين أوضاع الوجود الأجنبي بجبل عامر. يرى الخبير الشرطي والقانوني اللواء (م) د. الطيب عبد الجليل أن استقالة وزيرين في ظل مدير عام شرطة واحد؛ يعني أن هنالك عدم وفاق وتوائم بينهما، وهو ما يتطلب تدخلاً عاجلاً، وبصورة قاطعة، لحل الخلاف بين الطرفين. ووفق الدستور والقانون فإن قرارات وزير الداخلية تسود على أي قرارات أخرى بالوزارة؛ حتى اللوائح الصادرة بإمكان وزير الداخلية أن يعدلها وبإمكانه كذلك أن يخالفها.