لا ليس لي أعداء.. هناك خلافات واختلافات وخصومة. أنت شرس في الصراع؟ في الحق. عنيد أكثر مما يجب؟ لا لست عنيداً ولا شيء، لكن في الحق لابد أن تكون عنيداً.. والحق ليس بالضرورة أن يكون معك لكن لابد أن ترجع. *في أي شيء آخر كنت محظوظاً غير المال؟ في حاجات كتيرة، وأنا حياتي كلها حظ.. ولكن قلت لك الحظ لوحده لا يكفي. أين يصادفك سوء الحظ؟ في الكرة.. وأحياناً. من خلال وجودك في العمل العام والاقتصادي ما هي أكثر السلبيات التي تلحظها في رجال الأعمال السودانيين؟ أن تكون رجل أعمال فللأمر متطلبات كثيرة، ونحن ما زلنا بعيدين عنها، وأن تكون رجل أعمال هي مسألة مؤسسة وتأسيس وليس حظ أو (ضرب رماه، لقيت ليك قروش وعاوز تبقى رجل أعمال). ممكن تكون أغنى إنسان في السودان وتكون "تاجر" لكن ليس رجل أعمال، "رجل الأعمال منظومة" فيها أشياء كثيرة جداً كالتعامل مع التجار والسوق الخارجي والمحامين وهي منظومة كبيرة جداً فيها التعامل مع المجتمع ومع المستقبل. الناس يعتقدون أنك في إدارتك للمال غير مؤسسي وتميل للفوضى؟ فوضى مؤسسة! الناس يعتقدون ذلك، أنك تريد للفردانية..؟ لا تنسَ أنني كنت موظفاً وكنت أدير أعمالاً كثيرةً جداً جداً، وهذه لم تكن خاصة بي أو ملك لأبي -عليه الرحمة- وإنما كانت من خلال تعامل. وهناك أشياء كبيرة جداً حدثت وكان الله ذا كرم كبير وجود عليّ في أن أكون مفتاحاً لحلها.. تحدثاً بنعمة الله. ما هو أكبر شيء بالنسبة لك؟ لدي أشياء كثيرة جداً.. مثلاً أن تكون لديك حاجة تكسب منها مائة مليون دولار تتركها لتنشغل بشيء آخر في السودان. لماذا لم تحقق معظم مشاريعك في السودان نجاحات؟ أسباب كثيرة ويطول جداً الحديث عنها، وهي ليست مسألة فوضى بالعكس هي حكاية "غفلة". غفلة مِنْ مَن؟ مني أنا ولكنها مبررة بالنسبة لي. تبرر أخطاءك دائماً؟ لا، لا أبررها وإن كنت تبرر أخطاءك بما هو صحيح سأقول لك أين الغفلة. أين الغفلة كانت؟ شركة من الشركات خسرت فيها عشرة ملايين دولار كان يفترض ألا أخسرها إن كنت منتبهاً، ولكن الغفلة في السودان لأن هناك شيء كسبت منه فوق المائة وخمسين مليون دولار وكنت مشغولاً بها، وأنا أتحدث لك الآن بأرقام الناس لا يعرفونها. هذا مشروع واحد لكن مشاريعك غير ناجحة؟ أبداً.. يا أستاذ إن كنت تريد أن تسأل لا تسأل سؤالاً معمماً، قُل لي عن المكان الفلاني وأعطيك الإجابة عليه. دخَّلت الكثير من المشاريع التي تكون ناجحة وفي الأخير تغلقها؟ لا هذا حديث غير صحيح.. أعطني مشروعاً واحداً ولا تسمع لي كلام بين قوسين.. لديك أي سؤال عن حاجة محددة أجاوبك، كلام عام لا. مشاريع النسيج في الجزيرة؟ لم أكن مديرها ودخولي فيها كان بإيعاز أو دفع من أخونا الرئيس البشير لمساعدة أخونا فتح الرحمن البشير عليه الرحمة ودخلت "بقروشي" ودعمت هذه المشاريع ولم أتمكن من إدارتها، حتى النقل الذي قمنا به في الإدارة لم يسمح لها أن تمضي للأمام وبارك الله فيك على هذا السؤال تحديداً. ساريا؟ لم تنجح معي لأسباب رغم أنه توفرت لها أحسن إدارة من قبل أخوانا عبد المنعم منصور وإدريس البنا، أسماء كبيرة. أنت تُعيِّن الأصدقاء وليس الكفاءات؟ والله أفخر بأن هؤلاء كلهم أصدقائي. أنا أنقل لك ما يُقال بأنك تختار بعض الأصدقاء وبحكم علاقتهم معك تقوم بتشغيلهم في وظائف لا علاقة لها بتخصصاتهم؟ هذا غير صحيح. ألا تجامل أنت؟ لا أجامل. هل تجامل في الشغل؟ لا أجامل في شغلي وتحضرني مقولة قالها لي شيخ خالد رحمة الله عليه وأنا كنت أود شراء "فيلا" وقلت له هذه الفيلا بكذا فقال لي اشتري "عمارة" وأسكن في طابق وقم باستئجار الباقي لأنه إذا جاءك أحد السوادنة وأراد شيئاً وقلت له "لا" سيقول (شوف ساكن في شنو وقال ما عندو).. إذا أردت أن تجامل افعل ذلك بعيداً عن شغلك. بتقسو مرات؟ لازم تجامل ولازم تقسو. معظم مشاريعك في السودان تعرضت للفشل.. أنت قمت بشراء مصانع منتجة وأوقفت بعض الناس الذين يعتقدون أن ذلك كله يساهم في تدمير الاقتصاد السوداني؟ قصداً يعني؟.. هذا الكلام يقال ولكن هذه المشاريع لم أشتريها كلها أو أدخل فيها لربح أو كل الأحوال دوافعها تجارية. ماذا تكون؟ إنسانية، وهناك أشياء كانت متعثرة جداً مثلما قلت لك النسيج واحدة منها.. الأمر الثاني هناك ظروف مرت بي أيضاً يمكن كان لديها تأثيرها. المشاريع تريد تمويل ورأس مال تشغيلي وهذه الأشياء تأثرت جداً بضربة مصنع الشفاء الذي خسرت فيه خمسين مليون دولار ولكن أهم من ذلك شغلتني بتحقيقات وسفر.. الثالث الوضع العام في السودان والتمويل الداخلي المصرفي. هذه أعذار؟ هي أعذار لا تنتقص. ما هي مشاريعك الناجحة في السودان الآن؟ كثيرة والحمد لله. سرية؟ لا ليست سرية.. وهذه صراحة فرصة لأن هناك كلام كثير جداً يقال.. أنا في وقت من الأوقات بجانب بعض المصاعب كنت أمول الحكومة وليس هناك شخص عاقل وراشد يمتن على بلده وأهله.. (97) مليون دولار "كاش" قدمتها للحكومة بالإضافة لذلك إذا فشلت كل مشاريعي فكون أن يكون لي دور حتى إن صغر فهو دور كبير كما يقول الناس العارفين بأن لعبت دوراً جيداً في دقيق أو قمح أو بترول، وهذه أنا أحتسبها لله رب العالمين، وقد تعرضت في هذا لحسابات ومحاسبات من الإخوان في الحزب الاتحادي الديمقراطي، واحد في مجلس المحاسبات قال لي "كلما نقول خلاص الحكومة قربت تسقط يقولوا صلاح إدريس جاب البترول". الحكومة وقفت معك في الأزمة الأخيرة؟ الحكومة واقفة معاي في أي أزمة وأشكرهم جداً.. وأنا في أشياء كثيرة جداً أوقف "الحاجة" أي المبادرة وهذا حديث أشهد الله عليه أنني لا أريد فلان الفلاني في المنصب الفلاني يتدخل في شيء ويقال له لا.. ماعاوز كدا. باختصار، ما هي المشكلة التي جعلتك حبيساً في السجون السعودية لهذه الفترة الطويلة؟ كان فيها شيء من عزة النفس وما يمكن أن يسميه البعض عناداً وأُلخّصه في حاجة واحدة هو أن الشخص المحرك لهذا الملف أنا كنت أجريت معه سندات بمبلغ (37) مليون مقابل أشياء معينة وكانت فيها خدعة والمعلومات التي طلب بها هذا المبلغ لم تكن صحيحة، وأنا لم أكن في وضع أعرف أنها صحيحة أم لا وعندما عرفنا صحتها حاولت أن أصحح له موقفه فقال "لا" وذهب بالمستندات للتنفيذ، وبدأت بعد ذلك العملية التي نسميها ال"ابتزاز" لازم تدفع وليس لديهم حق فيها وانتهت بأن منحتهم المحكمة (600) ألف ريال. وبكم كان يطالب هو؟ يطالب بمبلغ (37) مليون ونصف ومبلغ (600) ألف نفسها كان القاضي قد استعان بخبراء وهناك خبيرين واحد قال مائة ألف ريال مقابل ما قام به من عمل والثاني قال يمنح 600 ألف ريال وأم أحمد الله يجزيها الخير قالت لي أقبل لأن مبلغ (37) مليون ونصف كان مودعاً في محكمة.. وهذه فرصة بأن أشكر الناس الذين أودعوا هذا المبلغ. ألم يكن لديك هذا المبلغ؟ أنا عندي أكثر منه. ولماذا لم تدفع؟ لم يكن "كاش"، وأنا عندي أكثر كثير من مطالباتي. ثروتك تقدر بكم؟ لا داعي لأجاوب على هذا السؤال وليس لدي مشكلة ضرائب وحاجتي أكثر من ذلك المبلغ.. جئت لعالم المال والأعمال من الصفر وكنت أشتغل مع رجال أعمال ولدي معهم صداقات وعلموني الشغل، ولكن لم أتصور أنني سأصبح رجل أعمال برغم من وجود تجار في عائلتنا ووالدي أيضا كان تاجراً في فترة ما.. "ترزي ومقاول مدارس ومستشفيات". لماذا يقول الناس إن صلاح في حالة هبوط من الناحية المالية؟ والله هؤلاء الناس إن كانوا قلمي أو محاسبين عندي لكانوا قد قالوا شيئاً آخر. أنت في حالة استقرار أم صعود أم هبوط؟ إن شاء الله دائماً في صعود. ماذا عن ما أُثير أثناء القضية أنك قدمت رشوة لقاضي؟ هذه فرية غير صحيحة أبداً وقصتها طويلة وأنا لم أدفع رشوة ولا أعرف أصلاً ذلك.. أخذ مني مبلغ 60 مليون ريال لحاجة متعارف بها واتخلقت قضية لأن من هذا المبلغ ذهبت عشرة ملايين لهذا الرجل دون أن أعلم، والله على ما أقول شهيد. كيف وجدت السجن؟ السجن ليس له علاقة بهذا الكلام. أنا انتقلت لسؤال ثانٍ، كيف وجدت السجن؟ طبعاً هو في النهاية سجن، ولكن الحمد لله أنا لديَّ قدرة على التواؤم، وأي مكان وُضِعت فيه هو "كويس" وربنا أكرمني في الحبس مع مساجين خرجت بمعرفة ممتازة لشخصيات عرفتها. كيف كنت تقضي يومك في السجن؟ ما بين القراءة والنشاط الاجتماعي، ولم يكن لي نشاط رياضي بكل أسف. *كانت تجربة قاسية؟ قاسية ولكن أي حاجة قاسية أرجع لحديث سيدنا عمر رضي الله عنه (ما أصابتني مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نِعَم). فقدت العود؟ نعم فقدته، ولكن لم أفقد الحس وأنا في السجن هناك أعمال كثيرة حرصت على عملها وعملتها. بأي شيء كنت تلحِّن هل بالكبريت؟ (ضاحكاً) كبريت مافي.. طبعاً المشكلة أني خارج السجن ألحن وأسجّل. هل هناك أناس خذلوك في هذه التجربة؟ الله يعفي عنهم إن شاء الله. حاسس بالخذلان؟ أبداً.. أبداً.. يا ضياء الدين أنا شخصية مختلفة وهذا الاختلاف قد لا يكون إيجابياً، ولكن أنا كلما أضع رأسي للنوم إلا وآخر ما أفعله هو استرجاع أحداث اليوم لسببين؛ الأول والأهم هو تنشيط ذاكرتي والثاني الراحة. تعرضت للغدر؟ كثيراً، ولكن أتجاوز. كيف كانت تأتيك الأخبار؟ من التلفزيون.. كان هناك تلفزيون جماعي.