الأخ الأصغر سِنّاً صلاح عبد الخالق، رئيس اللجنة الفئوية والمُجتمعية بالمجلس العسكري الانتقالي: سلامٌ لك من عند الله،،، دَفعني لمُخاطبتك فَرحاً الآن هو ما اخترق أُذني، وأنت تهمس في أذان المُعلِّمين "المُصَحِّحين" وهم مُنهمكون في أداء واجبهم المُقَدّس في أول لقاءٍ لك بهم حدّثتهم أنّ التّعليم لا يقل أهميةً للإنسان عن الماء والهواء، وسَتشمِّر عن ساعدك لبعث الروح فيه وإخراجه من غُرفة العناية المُكثّفة. سُئل الدكتور مهاتير مُحمّد رئيس وزراء ماليزيا عن سَبب تقدُّم وازدهار بلاده، رَدّ مُطمئناً قائلاً: education,education والتعليم هو صانع الإنسان وصاقله، كما قال المهاتما غاندي.. شاءت الأقدار أن يذوق التعليم مرارة الانحسار والذبول لثلاثة عُقُودٍ عجاف من عهد الإنقاذ، ظلّ خلالها التعليم في سباتٍ عميقٍ مُتوسِّداً الإهمال والنسيان، ومَحاوره الرّئيسَة قد جرفها تيار الضمور والاضمحلال: مناهج دراسية تَتَوَكّأ على عصا القدم والتّرهُّل، سلم تعليمي أعرج، مُتأرجح، مُتعثِّر الخُطى، ضُمُور في تأهيل المُعلِّم، وشُحٌ في تدريبه، بيئة مدرسية طَاردة، وإدارة مدرسية عاجزة.. هذه الهُمُوم والجِرَاحَات المُوجعة قَد دَنَا زَوالها وذوبان ثُلُوجها المُتراكمة، بانبثاق فجر العَهد الجَديد المُشرق الوضئ بمشيئة الله تعالى. وغداً سنطوي صفحات هذه الهُمُوم ويندمل الجرح الدّامي، ويصعد التعليم إلى قمة هرم المجد والسُّمو، وتعود إليه سيرته الأولى ألقاً وتألُّقاً إذا تَحَقّقَ الآتي:- أولاً: أن يختار لسفينة التعليم رُبّاناً ماهراً "وأعني وزيراً"، وألا يكون قد غادر دهاليز صالون الشباب "55 عاماً من العُمر"، وأن يكون قد علم رسم الحرف، ونَطَق الكلمة لعقدين من الزمان وتخضّبت كفتاه بغبار الطبشيرة. ثانياً: أن تُشكّل لجنة خُبراء رشيقة نوعية وأعني تحاشي الحشد البشري في مثل هذه اللجانquality not quantity ، لجنة خُبراء، ذوي تجربة ودراية، ويا حبذا إذا تَمّ الاستئناس بآراء خُبراء المُنتدى التّربوي السُّوداني، وعُلماء المُجتمع وعلم النفس التربوي، وقُدَامى المُعلِّمين، ومجالس الآباء، وأصدقاء المهنة المُقدّسة.. وخبراء المناهج وآخرين، ومن مَهامها: أ: وضع فلسفة وأهداف التّعليم العام لتتناغم وتُواكب محوري الحداثة والتحديثmodernization . ب: تقييم وتقويم قومية المَنَاهج الدِّراسيّة "أساس وثانوي"، السلّم التعليمي، وضع المُعلِّم، الكتاب المدرسي، البيئة المدرسية، الإدارة المدرسية، نمذجة المدارس، التعليم الخاص والأجنبي، هيكلة الوزارة، علاقة المركز بالولايات، التّعليم والمُجتمع، التّخطيط والإحصاء ومهام أخرى غَيّبتها الذاكرة المُرهقة. ثالثاً: بَعث الرُّوح في معهد التّربية ببخت الرضا ومَعاهد التّأهيل التّربوي.. فهي مَناهل عذبة لتأهيل وتَدريب المُعلِّمين وهذا ما نَطَقَ به لسانك أخي صلاح. رابعاً: إعَادة النّظر في الميزانيّة المُخَصّصَة للتعليم.. تخصيص صندوق قومي لدعم العملية التّربويّة التّعليميّة، وتُساهم فيه فئات المُجتمع المدني الشركات، المُؤسّسات، المُنظّمَات والدول الصديقة …إلخ. خامساً: نفض الغُبار عن مادة التربية الوطنية civics.. فهي المُوثِّق لإرثنا القومي، وتحكي لنا عن عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا، وجلائل أعمال وإشراقات سلفنا الصالح من شَوامخ الرِّجال والنساء.. فهم قُدوة جيل اليَوم والغَد. سادساً: وضع إلزامية ومَجّانية التّعليم نصب الأعين، فهي مَطلبٌ حُظي بإجماع الدول. مُلاحظة مُهمّة: تَمّ الإعلان عن بدء العام الدراسي بولاية الخرطوم في السابع من يوليو المُقبل.. السُّؤال الذي يَدُور بذهني: هل اكتمل إعدادنا لهذا الحدث التربوي المُهم؟ وهَل تَوفّرت مُتطلباته: الكتاب المدرسي، الإجلاس والمُعلِّم كامل الدسم؟ إذا غَابَت هذه المَطلوبات وبدأ العام الدراسي بدونها، ولم ينتقل الوضع الأمني من "أزمة" الى "استقرارٍ".. سيُصاب فلَذات أكبادنا والآباء والأمّهات بغثيان الإحباط والغُبُن الجَامح، وهَذا مَا دَرَجَ عليه فلول نظام الإنقاذ من الوعد الكاذب والفرية المُبطّنة. وأمرٌ آخر ضروريٌّ ومُهمٌ هو إعفاء الطالب بالمدرسة الحكومية من الرسوم.. كما نأمل أن تُحَدِّد الوزارة رسوم طالب التعليم الخاص بعد الدراسة والتّوافُق.