ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق ارتفاعاً فاحشاً عجز غالبية المواطنين عن مجاراته فأصبحوا يعانون الأمرين. وتزامن الإرتفاع كذلك مع مواسم يزيد فيها الصرف الأسري بصورة كبيرة، وأعني موسم فتح المدارس وموسم عيد الأضحى المبارك، فازداد الأمر كيل بعير. ومن الواضح أن عدم وجود حكومة ووزراء على المستويين الاتحادي والولائي جعل المبادرات محدودة، والقدرة على اتخاذ القرار محاطة بالتردد وعدم اليقين. وإذا أضفنا لذلك تطاول أمد المحادثات في أديس أبابا، فإن الصورة الكلية تجعلنا ندعو اللجنة الاقتصادية بالمجلس العسكري الانتقالي لتحمل مسؤولياتها في تخفيف العبء المعيشي، من خلال خطط وبرامج نقترحها في هذا المقال. لتحليل مشكلة الغلاء ابتداءً نشير إلى أن ارتفاع السلع يعود لثلاثة أسباب رئيسية: الأول هو موسمية إنتاج بعض السلع مثل الخضروات كالبطاطس والبصل والطماطم واللحوم والدواجن والبيض، فهذه السلع تكون متوفرة ورخيصة في فصل الشتاء، فيما تصبح نادرة وغالية في غيره من الفصول، وهذه حلها ومعالجتها في التخزين المبرد وفي الاستيراد من الخارج. السبب الثاني لغلاء وارتفاع الأسعار يعود لتدني قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية، أو باللغة الشعبية ارتفاع الدولار، وذلك لأن العديد من السلع الاستهلاكية مستوردة، وكذلك أغلب مدخلات الإنتاج مستوردة. نحن نستورد الشاي والأرز والعدس ولبن البودرة والتقاوي والأسمدة والمبيدات وغيرها. وعلى الرغم من أن مشكلة تدني العملة متعلقة بالاقتصاد الكلي، مثل زيادة صادراتنا، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لتتم تحويلات المغتربين عبر النظام الرسمي، وانخفاض نسبة التضخم. إلا أنه من الممكن وحتى مع هذه الظروف والمشاكل الكلية عمل شيء مثل استيراد السلع الأساسية عن طريق شركات حكومية ليتم التحكم في التكاليف. السبب الثالث لغلاء الأسعار مرتبط بوجود عدد هائل من السماسرة والوسطاء ما بين المنتج والمستهلك، فالمنتج سواء كان صاحب صناعة أو زراعة أو مواشٍ لا يستطيع في الغالب بيع إنتاجه مباشرة للمستهلك إلا عبر وسيط أو سمسار يزيد السعر أو يضع طاقيته في الثمن بلغة السوق. وهذه علاجها بخلق علاقة مباشرة ما بين المنتج والمستهلك، من خلال مراكز ومعارض البيع المباشر، ومن خلال الجمعيات التعاونية للمنتجين والمستهلكين. إن إدارات التجارة والتعاون وشؤون المستهلك، فضلاً عن نيابة وشرطة حماية المستهلك والأمن الاقتصادي في الولايات كافة لها الخبرة والتجربة الكافية التي يمكنها أن تسهم إسهاماً حقيقياً في تخفيف العبء المعيشي على المواطنين، من خلال ثلاثة محاور رئيسية: الأول متعلق بتحديد تكاليف الإنتاج، ونسب الأرباح، ومن بعد ذلك وضع سعر البيع للمستهلك على عبوات السلع الرئيسية. والثاني تنشيط التعاون بالأحياء ومواقع العمل، كمنافذ للبيع يمكن مراقبتها والتحكم فيها. والثالث زيادة إمكانيات ووسائل حركة جهات الرقابة في إدارات شؤون المستهلك ونيابة وشرطة حماية المستهلك والأمن الاقتصادي لتنظيم الأسواق وإبعاد السماسرة منها. ونشير إلى أن للإدارات المعنية الخطط التفصيلية الكاملة في هذه المحاور الرئيسية، فقط تحتاج للدعم والمساندة السياسية، والله الموفق.