لا أرى أنّ هناك مُشكلة بسبب حصانة مجلس السيادة، فحصانة رؤساء الدول مُقرّرة في جميع الدساتير العالمية وفقاً لقواعد القانون الدولي أيّاً كان نظام الحكم فيها وشكله، وهذه الحصانة مُقرّرة لرئيس وأعضاء مجلس السيادة ليس بصفتهم الشخصية، وإنّما بصفتهم رمزاً للدولة وسيادتها، فحصانة رئيس الجمهورية (مجلس السيادة) قد ترسّخت في العرف الدولي المُتواتر وقنّنتها اتفاقية فيينا للمُعاهدات في صلبها. أغفل الإعلان الدستوري النص على قَومية الشُّرطة وأن يكون المجلس السيادي قائداً أعلى للشرطة أُسوةً بالقوات المُسَلّحة، لأنّ القيادة لا تَتجزّأ والشرطة قوة نظامية لها مُرتب من القوة وقائدها برتبة الفريق أول، والشرطة تُنفِّذ أعمال السيادة، سيادة حكم القانون وحفظ الأمن الداخلي، وتقوم بأعمال السيادة من استخراج ومنح الجنسية والجوازات والحدود، ونخشى من عدم النص على قوميتها أن تَتَولاها الولايات وقد خصم ذلك من واجباتها إبان العهد المايوي وتدنّت خدماتها وهزم مبدأ وحدة القيادة. كان على المُستشارين القانونيين للمجلس العسكري وقِوى الحرية والتغيير الاسترشاد بالعُرف الدستوري المُتواتر، وهو مصدرٌ من مصادر التّشريع عند صياغتهم لوثيقة الإعلان الدستوري بالرغم من أنّ هذه الوثيقة لم تُنشر للكافة، إلا أنني حصلت عليها لإبداء مُلاحظاتي عليها… أولاً: المادة (9) فقرة ك: توجيه الاتّهام لعضو مجلس السيادة تتم مُحاكمة عضو مجلس السيادة أمام المحكمة الدستورية في حالة صُدُور قَرَارٍ باتّهامه بالخيانة العُظمى أو الانتهاك الجسيم لأحكام هذا الدستور أو السلوك المُشين المُتعلِّق بشؤون الدولة بأغلبية ثلاثة أرباع أعضاء المجلس التّشريعي للحَاضرين. تتم إضَافَة عبَارة بعد اكتمال النصاب القانوني: يتم تغيير مصطلح لأحكام هذا الدستور ليصبح لأحكام هذا الإعلان الدستوري وليس الدستور. أغفلت هذه المادة رئيس مجلس السِّيادة مِمّا يُوحي بتحصينه من توجيه الاتّهام له ويجب أن يكون عُنوان المادة: توجيه الاتّهام لرئيس وأعضاء المجلس السيادي لتصبح صدر المادة (9) تتم محاكمة رئيس وأعضاء مجلس السيادة. 1/ أغفل الإعلان الدستوري الإشارة للغة الدولة واللغات المحلية. 2/ أغفل الإعلان الدستوري النص على مصادر التشريع. 3/ أغفل الإعلان الدستوري النص على حق المُواطن الشخص الطبيعي والاعتباري في الطعن في قرارات مجلس السيادة وقرارات مَجلس الوزراء إذا كانت تنتهك الشريعة أو القانون أو الإعلان الدستوري، ولكل انتهاك اختصاص مُعيّن بالنسبة للمَحاكم المَحكمة العُليا الدائرة الإدارية إذا كان القرار ينتهك الشريعة أو القَانون والمحكمة الدستورية إذا كان القرار ينتهك الإعلان الدستوري وهذا يُعتبر حقاً من حُقُوق التقاضي الوارد في وثيقة الحُقُوق والسُّكوت عن ذلك في وثيقة الإعلان الدّستوري يعني تحصين تلك القرارات. 4/ أغفل الإعلان الدستوري النّص على قومية الشُّرطة، وأن يكون المجلس السيادي قائداً أعلى للشرطة أُسوةً بالقوات المسلحة لأنّ القيادة لا تتجزأ والشرطة قوة نظامية لها مرتب من القوة وقائدها برتبة الفريق أول، والشرطة تُنفِّذ أعمال السيادة في حفظ الأمن الداخلي وتقوم بأعمال السيادة في استخراج ومنح الجنسية والجوازات نيابةً عن الدولة وتخشى من عدم النص على القومية من أن تَتَوَلاها الولايات، وقد عانت في السَّابق من عدم قوميتها وكان يجب في المادة (9) النص على أنّ مجلس السيادة القائد الأعلى للشرطة. 5/ أغفل الإعلان الدَّستوري النّص عَلَى مِهنة النيابة واستقلالها. 6/ أغفل الإعلان الدستوري النّص على مُهمّة المُحاماة باعتبارها ضلعاً من أضلاع تَطبيق العدالة. 7/ تمّ إلغاء دستور البلاد والدّساتير الولائية وقد نَص هذا الإعلان على مُستويات الحكم الاتحادي والولائي والمحلي وكان يجب تفسير ذلك بوثيقة الدستور والنص على هذه المُستويات بالتّفصيل حَتّى لا يَحدث فراغٌ دستوريٌّ بالولايات كمُستوى للحكم وحتى تتّسق القوانين الولائية مع القَوانين الاتّحادية، وكان يجب أن يُوضع جدول بالإعلان الدستوري، يُوضع سُلطات الولايات كمُستوى ثانٍ للحكم، وكذلك المُستوى المحلي في غياب المجالس التشريعية للولايات وإلغاء دساتيرها والمرجعيات الدستورية الولائية، وحَق الولاة في إصدار تشريعات تتّسق مع التشريعات الاتّحادية. 8/ أغفلت مصير التّشريعات والقَوانين التي يَصدرها مجلس الوزراء واعتمادها بواسطة مَجلس السِّيادة في غياب المَجلس التّشريعي وسُلطة المَجلس التّشريعي في إلغائها أو مُراجعتها أو الإبقاء عليها وكذلك المَراسيم الدّستورية التي تصدر من مجلس السيادة في غياب المجلس التشريعي (عدم تكونية). 9/ كذلك أغفل الإعلان الدستوري إعلان الذمة المَاليّة للدّستوريين والمَجلس السيادي ومجلس الوزراء وتقديمها قَبل التّعيين. 10/ كذلك كان يجب أن يَنص في هذه الوثيقة الدّستورية لسُلطة المجلس التشريعي في مُراجعة الاتّفاقيات الدُّولية والعُقُودات الدُّولية في مجال الاقتصاد وإيجار المَرافق الحيوية والبروتوكولات التَِّجارية وإيجار الأراضي وإلغاء ما فيها من غَررٍ وخداعٍ وغشٍ تمخّض لمصلحة جهاتٍ وأفرادٍ، وكذلك الاتّفاقيات الدُّولية الخَاصّة بالاستثمار وحق الامتياز. 11/ كَانَ يجب النّص على أنّ جرائم الاعتداء على المَال العَام لا تتقادم لأنّ المادة (38) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على التّقادُم والمصيبة تنص على ذلك من تاريخ ارتكاب الجريمة، والصّحيح يبدأ التّقادُم من تاريخ اكتشاف الجريمة وليس من تاريخ الارتكاب، مع مُلاحظة أنّ جرائم التّزوير من الجرائم المُستمرة ذات الأثر الباقي ولا تتقادم. المادة (16) شروط عضوية مجلس السيادة. يشترط في رئيس وأعضاء مجلس السيادة: أ/ أن يكون سوداني الجنسية ومولوداً لأبوين سودانييْن ولا يحمل جنسية دولة أخرى. وكان يجب أن يكون النص كالآتي: أن يكون سوداني الجنسية بالميلاد ومولوداً لأبوين سودانييْن بالميلاد ولا يحمل جنسية دولة أخرى. لأن المجلس يمثل سيادة السودان، وكثير من قوانين الدول ودساتيرها تحظر على الشخص المُتَجَنِّس تَوَلِّي المناصب العسكرية والكليات العَسكرية كشرطٍ للتقديم إليها وهذا حَق الدولة في تَقييد بعض الوَظَائف الحَسّاسَة التي تمس سيادة الدولة، فما بالك من مجلس السِّيادة نفسه الذي يرمز لِسيَادة البَلد، لأنّ الجنسية بالتجنُّس مِنحَة من الدولة تمنحها للأجنبي، ولأننا أكثر دولة يتنوّع فيها منح الجنسية نمنح بحق الدم العصب من جهة الأب، ونمنح بحق دم الأم (النسب) للأم، ونمنح بحق الإقليم، ونمنح بحق التّوطُّن ونخشى أن يتسيّد علينا أجنبيٌّ تَمّ منحه الجنسية بالتجنُّس كمنحة، وهنالك دول لم تمنح الأفراد المُقيمين على أرض الدولة منذ نشأتها ويُطلق عليهم بالبدون، نَاهيك عن تَولِّيهم المَناصب القِياديّة والسِّياديَّة والسِّياسيَّة رغم تعارُض ذلك مع اتفاقية انعدام الجنسية. وينطبق هذا الشرط على مجلس الوزراء أن يكون سودانياً بالميلاد من أم وأب سودانييْن بالميلاد. المادة (17): يفقد عُضو مجلس السيادة منصبه لأحد الأسباب الآتية: والصحيح يُعَدّل النص كالآتي: يفقد رئيس وأعضاء مجلس السيادة منصبهم لأحد الأسباب الآتية: الفقرة ج من نفس المادة. ج/ الإدانة بحكمٍ نهائي من مَحكمةٍ مُختصةٍ في جَريمة تتعلّق بالشّرف أو الأمانة أو الذِّمة المَالِيّة يُضاف لها جرائم أمن الدولة. وقد يكون الرئيس والعُضو يتمتّع بالأمانة والشرف وذمته المالية مُمتازة، ولكن يرتكب تخابراً مع دولة أخرى أو خيانة عُظمى للوطن. المادة (17) فقرة (2): في حالة خلو منصب عضو مجلس السيادة، يقوم المجلس التشريعي بترشيح العُضو البديل إذا كان مَدنياً وتقوم قيادة القوات المسلحة بترشيح البديل إن كان عسكرياً. يُعدّل في المادة وتقوم المُؤسّسة العسكرية بدلاً للقوات المسلحة، إذ يُمكن أن يكون العضو شرطياً. مجلس الوزراء الانتقالي تكوين مجلس الوزراء الانتقالي: المادة (18) (1) يتكوّن مجلس الوزراء من رئيس وعددٍ من الوزراء لا يتجاوز العشرين من كفاءات وطنية مُستقلة بالتّشاوُر. أرى أن تُحذف كلمة مُستقلة لتعارُضها مع وثيقة الحُقُوق الواردة في هذا الإعلان أو المرسوم الدستوري، إذ تنص المادة (50) من وثيقة الدستور المُضَمّنَة لهذا الإعلان الدستوري تحت عنوان الحق في المُشاركات السِّياسيَّة وفي الشؤون العامة حسبما يُنظِّمه القانون وفي غياب القانون المُنظّم، لذلك تصبح كَلمة مُستقلة تتعارض مع هذه المادة من وثيقة الحقوق وهو حَقٌ لا ينتقص. اختصاصات المجلس التشريعي الانتقالي وسلطاته: المادة (24) (أ): سَن القوانين والتّشريعات الخَاصّة بالجهاز التنفيذي المُتعلِّقة بمهام الفترة الانتقالية، المعروف أنّ سُلطة إصدار اللوائح من سُلطات الوزير المَعني بالجهاز التّنفيذي يجب النص على وُجُوب عَرضها للمجلس التشريعي بعد قيامه للإضافة أو الحَذف أو الاعتماد أو الإلغاء، إذ أنّها من التّشريعات. الفَصل السَّابع: أجهزة القَضَاء القومي: السُّلطة القضائية القوميّة. 27/ (1) تَسند ولاية القضاء في جَمهورية السُّودان للسُّلطة القضائية القوميّة. (2) تكون السُّلطة القضائية مُستقلة عن مجلس السِّيادة والمجلس التشريعي الانتقالي ولها الاستقلال المالي والإداري اللازم. (4) يكون رئيس القضاء لجمهورية السودان رئيساً للسُّلطة القضائية ورئيساً للمحكمة العُليا القومية ويكون مسؤولاً عن إدارة السُّلطة القضائية لدى مجلس القضاء العالي. (7) ولحين تَشكيل مجلس القضاء العالي يجوز لمجلس السيادة تعيين رئيس القضاء. الفقرة (7) تمس استقلال القضاء كيف لسُلطة تنفيذية أن تُعَيِّن رئيس قضاء مهما كانت الأسباب وهذه الفقرة تتنافى مع الفقرة (2) تكون السُّلطة القضائية مُستقلة عن مجلس السيادة والمجلس التشريعي الانتقالي ويجب أن تُعَدّل الفقرة (7) حتى لا تتعارض مع الفقرة (2) استقلال القضاء. وتُعَدّل لتكون لحين تشكيل مجلس القضاء العالي يجوز لقُضاة المحكمة العُليا ترشيح رئيس القضاء حفاظاً على الاستقلالية. يجب أن يُضاف الآتي للسُّلطة القضائية: يُحَدّد قانون السُّلطة القضائية حصانات رئيس وأعضاء السُّلطة القضائية. كذلك نُلاحظ أنّه لم يشر أو يستثنى قضاء القوات المُسلّحة أو الشرطة بنصٍ صريحٍ في هذه الوثيقة الدستورية من الولاية العامة للقضاء لخُصُوصيّة هذه القوات وبالتالي تصبح نيابة ومحاكم القُوّات المُسَلّحة باطلة لا اختصاص لها للنظر في القضايا والجرائم التي يَرتكبها منسوبوها. المحكمة الدستورية: 1/ تَختص المحكمة الدستورية بالنظر والفَصل في المَسائل الدستوريّة ومُراقبة دستورية القوانين. 2/ يُضاف ومُراقبة دستورية القوانين، كَذلك يُضاف ينشد مجلس السيادة والوزراء رأي المحكمة الدستورية. الباب الحادي عشر: أحكام مُتنوِّعة: يُضاف تُحدّد القوانين حصانات الموظف العام الإجرائية على أن يتم رفعها عند الضرورة في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً بعد إجراء التحقيق المبدئي اللازم. لم يشر إلى السِّياسة الخَارجيّة في هذه الوثيقة الدستورية لأهميتها في كَشف سِياسَة الدولة الخارجية في الفترة الانتقالية والتي تقوم على المَصَالح والصّداقة وتبادُل المَنَافِع وعدم التّدخُّل في شأن الدول الأُخرى ومنع التكتلات والأحلاف الضار مردودها على الوطن. الحُدود السِّياسيَّة: لم تنص هذه الوثيقة على حدود السودان البرية والبحرية، إيجاد قانون يحكمها ولم ينص على أن يتولاها المركز أي تكون اتّحادية ويحظر على الولايات إبرام الاتّفاقيات التي تؤجر الأراضي الزراعية على حُدُودنا أو التّصرُّف في أيِّ أرض تتبع للسودان لأنّ التّصرُّف الولائي يرسّى مراكز قانونية لدول الجوار يُمكن أن يحتج بها بطول المدة في المَحاكم القانونية الدولية، ويرسّى ويعمِّق نزاعات الحُدُود وكذلك حَظر السُّلطات الولائية من إبرام الاتّفاقات الدولية المُختصة بالحُدود. لا أرى أنّ هنالك مُشكلة بسبب الحصانة: حصانات رؤساء الدول مُقرّرة في جميع الدساتير العالمية وفقاً لقواعد القانون الدولي. أيّاً كان نظام الحكم فيها وشكله، فالحصانة لا تعفى من المُساءلة والإفلات من العقاب كما يتبادر للأذهان، وإنّما هي جُملة من الإجراءات والتدابير قَصد منها المشرع إعانة من أضفت عليه الحصانة لأداء واجبه العام دُون خَوْفٍ أو وَجلٍ وتَمكينه من القيام بأداء العَمل العَام وهو مُطمئنٌ لتجويده من أجل المَصلحة العَامّة والبُعد من أذى وكيد المُتربِّصين بالبَاطِل. وَكَان يُمكن الاتّفاق على حَصانةٍ إجرائيّةٍ لمجلس السيادة ومجلس الوزراء على أن ينص عَلَى رفعها في مُدّةٍ أقصاها شهر بعد رفع نتائج التحقيق المبدئي، مع العلم أنّ الحَصَانَة بسبب العَمل العَام الذي يتقلّده من أضفت عليه الحصانة وليس بسبب عملٍ آخر أو أيِّ نشاطٍ آخر، ومَعرُوفٌ أنّ حالات التّلبُّس لا حصانة فيها، وإنّ هذه الحصانة مُقرّرة لرئيس وأعضاء مجلس السِّيادة ليس بصفتهم الشّخصيّة وإنّما بصفتهم رمزاً للدولة وسيادتها، فحصانة رئيس الجمهورية (مجلس السيادة) قد ترسّخت في العُرف الدولي المُتواتر وقنّنتها اتّفاقية فيينا للمُعاهدات. والحصانة نوعان، موضوعية وهي تحمي من أضفت عليه في مُواجهة أيِّ إجراءاتٍ قانونيّةٍ ولا يجوز اتّهامه أو مُقاضاته في أيِّ محكمة أثناء فترة ولايته (حَصَانَة مُطلقة). وحَصَانَة إجرائية مُقيّدة لفتح الدعوى الجَنائية للتثبت والاستيثاق من الاتّهام وتُحَدِّد القوانين كيفية رفعها ومن له سلطة رفع الحصانة، لكن لا بُدّ من تقيُّد رفع الحَصَانة بزمنٍ مُعيّنٍ مثلاً بعد شهرٍ ولا يكون رفع الحصانة مفتوحاً.