الجودية تعتبر عملية الصلح بين المتخاصمين، أما المشكلات بين القرى والقبائل، فهذه عادة ما تحتاج إلى أجاويد من طراز رفيع، عادة ما يكونون من ذوي السلطة والمناصب الكبيرة، وكلمتهم تكون مسموعة، وقد يستطيع واحد منهم أن يحل مشكلة ما دامت عشر سنين في أقل من ساعة. يرى الأمين العام لوكالة تطوير الحكم والإدارة الصادق الزعيم ل(السوداني)، أن القانون هو الطريق الصحيح فالتسوية في مثل هذه القضايا غير مبررة، وأضاف أن مثل هذه التفلتات يقوم بها مجموعات لها مصالح، وأن تطبيق القانون مهم وأساسي للاتجاه صحيح لمعالجة المشكلات، ويذهب في حديثه إلى أن الجودية تكون للنزاعات الصغيرة وليس مثل هذه القضايا، فتعتبر تفلتات منظمة وخلقت واقعاً جديداً لذلك لا بد من التعامل معها بالقانون ومحاكمات عادلة، مشيراً إلى أن القانون لا يستطيع أن يُلقي القبض على جميع المجرمين ولكن إذا عرفت الشرارة الأولى، وبقية القبيلة لا تعطيك كل المجرمين، فالحل الأهلي له موقع في المجتمع لذلك يكون الحل بالعرف والديات. أول شرارة: من المعروف أن الذين يقومون بالجودية هم كبار القبيلة لحل جميع المشكلات حتى الشخصية، كان لا بد من أخذ آرائهم. العمدة أبوبكر إيدام يذهب في حديثة ل(السوداني) إلى أن الجودية موجودة في المجموعات القبلية وبها تراضي للناس من القانون، وأوضح أنها تردع مجموعة وأن حركة الدولة بطيئة في مثل هذه القضايا فهي تأتي بعد أن يشتد النزاع ولا تحسمه من أول شرارة، ذلك لا بد انتشار القوات في الحدود. تاريخ القبيلتين: فيما يرى المحلل السياسي من أبناء شمال غرب دار حمر عوض السيد الكنسني ل(السوداني) أن تدخل الجودية ضروري في مرحلة من مراحل فض النزاع وأحياناً يكون الحل النهائي، مضيفاً أن هناك تاريخاً مشتركاً بين القبيلتين، لذلك لا بد من أن تقوم الإدارات بدورها حتى إن اتخذ النائب العام قراراً، إلا أنه استدرك قائلاً: "لا بد من الإجراءات القانونية وإجراءات صارمة والبحث والحلول كما أن الإدارة الأهلية في مؤتمرها السنوي توصلت إلى حل كثير من المشكلات لذلك لا بد من اللجوء إليها والتدخل في المنطقتين والعلاقات بين القبائل". المتخصص في النزاعات سراج الدين عبدالغفار يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن القانون سلاح ذو حدين والجودية في مناطق الرعي تحل الكثير من القضايا ولا تصل إلى المحاكم، وأوضح أنه مؤخراً زادت الأساليب السالبة، وأصبح الناس يستسهلون الجرائم، وأضاف أن الحاجة الآن لتصنيف القضايا لمعرفة التي تستحق أن تصل المحكمة والتي يجب حلها قبلياً، فالنزاعات حول المرعى أو الأراضي تعتبر إشكاليات جماعية تحل عبر الجودية باعتبار أنها محترمة لدى الكثير، والقضايا داخل القبائل تحتاج إلى "وزنة" في تناولها. اجتماعات: قبيلة الحمر الأكثر تضرراً في الأحداث من حيث الجرائم التي وقعت عليها من سرقات ونهب وحرق لمواطنيها يقول ناظر عموم الحمر عبد القادر منعم منصور ل(السوداني) إن قرار النائب العام صائب ولا بد من القبض على المتهمين وتقديمهم للمحاكمة ومن ثم يتم الصلح، وأوضح أن الناس لا تسبق القانون، وأن الجودية هذا ليس وقتها. وأضاف منعم أن ما حدث ليس قضية قبلية، إنما تفلتات من البعض لهم انتماءات في قوة نظامية بدأت بالسرقة ومن ثم سرقات ووصلت إلى إحراق بعض المواطنين من القبيلتين، وأشار إلى أن قبيلة الحمر لا تستطيع اتهام الكبابيش، واختتم منعم حديثه بأن هناك اجتماعات بدأت من قبل الإدارة الأهلية في القبيلتين لتكوين رأي عام.