ديوان الضرائب مؤسسة مالية مهمة للغاية، فهي مسؤولة عن تحصيل 55% من الإيرادات العامة للدولة. لقد بلغت الإيرادات العامة للدولة خلال العام 2018 مبلغ 116.9 مليار جنيه وكان ديوان الضرائب مسؤولاً عن تحصيل 64 مليار جنيه منها. بينما كانت المؤسسة المالية المهمة الأخرى وهي الإدارة العامة للجمارك مسؤولة عن تحصيل 11 مليار جنيه من هذه الإيرادات العامة.أدت المؤسستان الدور المرسوم لهما بامتياز وحققتا الربط المطلوب، وهذا جهد مشكور يحسب للعاملين فيهما، وهم من أبناء السودان المخلصين. الأخ الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي كان موفقاً عندما قام بتعيين السيد فتح الرحمن صالح جاويش كأمين عام لديوان الضرائب، لأنه شخص كفؤ، متخصص في تقنية المعلومات، وكانت له بصمة واضحة عندما كان مديراً عاماً لنظم الدفع ببنك السودان المركزي. إن هذا التعيين يفتح الأسئلة مجدداً حول مسألة الإيرادات العامة، والضرائب على رأسها، كأولوية من أولويات الإصلاح الاقتصادي في الدولة. لقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي للسودان خلال العام 2018 مبلغ 1190 مليار جنيه وبلغت الإيرادات العامة في نفس الفترة مبلغ 117 مليار جنيه بنسبة 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذه نسبة ضئيلة جداً، تعتبر من أقل النسب على مستوى العالم، فالدول من حولنا مثل كينيا ويوغندا وإثيوبيا تزيد فيها هذه النسبة عن 20%، وتبلغ في مصر حوالي 25%، وتزيد النسبة في الاقتصادات المتقدمة عن 40%. بالطبع فإن إيرادات عامة ضعيفة وضئيلة يعني عجز الحكومة عن تقديم الخدمات من صحة وتعليم وغيرها بطريقة ملائمة. كما يعني عجزها عن توفير التمويل المطلوب لإقامة البنى التحتية المناسبة من طرق ومحطات كهرباء وموانئ ومطارات وغيرها. الحل والمعالجة هي بزيادة الإيرادات العامة لتصبح 20% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل، كبرنامج طموح مطلوب خلال المرحلة القادمة. أي أن ديوان الضرائب عليه زيادة التحصيل بنسبة 100%. خلال حكومات الفترة السابقة وعندما يطلب من ديوان الضرائب والوحدات الإيرادية زيادة التحصيل كان الحل لديهم هو الرجوع لملفات الممولين أو دافعي الضرائب الموجودة في الديوان خصوصاً الشركات الكبرى، ثم مضاعفة المطلوب منها كضريبة دون النظر لأي عوامل أخرى. هذه الوضعية في حقيقة الأمر جعلت الكثير من الأنشطة تهرب إلى تحت الأرض، فتعمل بدون تسجيل ضريبي، أو تحت لافتات شركات تعمل ثم تختفي، فانتشر الاقتصاد الخفي الذي يقدره البعض بحوالي 60% من مجمل النشاط الاقتصادي. عليه فإن المطلوب من الأمين العام الجديد لديوان الضرائب العدول عن هذه الطريقة التقليدية، والسعي نحو استحداث أساليب جديدة مبنية على تقنية المعلومات والاتصالات لتوسيع المظلة الضريبية أفقياً، ومحاصرة التهرب الضريبي بالتقانة. وأعتقد أن القاعدة التقنية متوفرة بالديوان من خلال برنامج الفاتورة الإلكترونية والحوسبة الشاملة للديوان.