قالت خالتو ... ثم سكتت متردده وعلى محياها الارتباك و الخجل ... لم تكن قد بلغت العشرين بعد من عمرها لذا سهل علي قراءة ما أزعجها فقلت دعيني أسألك شيئاً فأجابت في استحياء وترقب الطفل المذنب للعقاب ...قلت:" ياترى هل تعتقدين أنني قد وصلت من العمر هذا دون أمر بعمرك ؟؟" قالت: "لا "..وهذه المرة جاءت الإجابة تحمل في طياتها سؤالاً ... فأجبتها دون أن أحوجها ومن معها للتفكير ... قلت مستوضحه ما أعنيه :"أنني وصلت إلى عمري الآن بعد أن مررت بعمرك لا يهم عدد السنوات التي بيننا و لكن ما يهم هو أنك لا يمكن أن تكوني قد وصلتي بعمرك لعمري ... بمعنى أنني هنا الفائزة.. فلقد جمعت العمرين معاً.. أما أنت فأمامك بعد حتى تصلي لعمري" ... ضحكت قائلة:" لكن إنتي أصغر من أن تلديني"، ثم أكملت بعد برهة "بعض النساء عندما أناديهن بخالتو تأتي اجابتهن وسط الجمع محرجة بأن لا اناديهن خالتو تاني: " الخلل في ضروسك ..هو كل متزوجه خالتو ؟! " جاء ردي بعد برهة و قد حاولت أن أكثر فيه من الدبلوماسية ... "إن هذا قد يكون قصوراً في التفكير عند بعض النساء وربما الرجال أيضاً.. فلماذا نخاف من تقدم العمر فهو قد يكون مربكاً و لكن ليس إلى حد الخوف ... و لماذا نحسب الاحترام في كلمة خالتو كأنها إساءة يجب محوها على الفور فلكل عمر جماله فأنتي مثلاً و أنا كذلك عندما نتذكر مرحلة الطفولة تكونين سعيدة لأن فيها ذكريات جميلة .." حتى وان كانت قليله عند البعض" كذلك العقد الثالث و الرابع و الخامس و السادس ..... إلى التاسع إن أمد الله في العمر ... بل قد تصبح تلك الذكريات عبراً ودروساً ومفخرة للبعض ... أوليس كذلك ؟!" نحن النساء لا ننكر أننا لا نحب أن نحسب سنوات العمر فإن كان بعضنا لا يكذب في عددها ولكنه يفضل الصمت ما لم يكن مضطراً لغير ذلك ... نعم إن تقدم العمر بآثاره التي يتركها على الجسد و الروح " و إن لم تكن على الروح أحياناً.. وهي قلة جداً " لهي مزعجه كالشعر الأبيض و إن كان خيار الله للون الأبيض لهو مقياس جمالي مصحوب بالوقار فهو بالتأكيد أجمل من اللونين الأحمر " كخروف الزار " أو الأصفر كلون " اليرقان " في العيون على البشرة السمراء و غيرها من الألوان التي نرى جمالها من زاوية معينة ... إن الشعر الأبيض عند بعض النساء يكون دليلاً على تقدم العمر و لكن ذلك قد يكون لما نقراءه في عيون من حولنا خاصة " الأزواج ".. و كأن " الجمل ما شايف عوجه رقبته " فيدفعنا ذلك للمحاولات العديدة " لتغطيته كان بلون يرجع الزمان ... فما أجمل أن نذكر نعمة الله بأن أمد في عمرنا لنرى تلك الشعرات تزداد يوماً بعد يوم لنحمده على بلوغنا تلك السنوات و إن وصلنا أحياناً للصعوبة في القيام أو المشي " الرطوبة " طبعاً هي السبب و لا يمكن أن تكن غير ذلك ..!!! دعونا لا نضع لآثار تقدم العمر أهمية تفوق حكمتها و لنحاول أن تكون أجمل كل ما امتدت سنوات العمر بنا ... فلكل عمر روعته فلا نضيعه بحسب السنوات مرتكزين على آثارها وقياساً بالكلمات فهي أجمل لو رأينا نصف الكوب المملوء و تركنا الفارغ فهو لم يتبخر سراً .. وسكتت وإن كنت أظن للحديث بقية.