الخصخصة عملية طفت على السطح السوداني مطلع التسعينيات في عهد وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي عراب سياسة التحرير المقرونة مع خصخصة شركات الدولة والتخلص منها عبر بيعها للقطاع الخاص بحجج عديدة ساقها الرجل ساعة إعلان فلسفة الحكومة إزاء شركاتها التي بدأت في الأيلولة للقطاع الخاص عقب صدور قانون التصرف في مرافق القطاع العام لسنة 1990م بموجب المرسوم الذي حدد الأهداف المتمثلة في تحريك جمود الاقتصاد و الاعتماد على الذات والموارد الداخلية عبر التخصيص أو الخصخصة وخروج الدولة من السوق وتركه حراً لرفع مستوى الكفاءة الاقتصادية لإدارة الأموال داخل الدولة، وتخفيف العبء على الموازنة العامة فضلاً عن توفير حصيلة في الخزانة العامة نتاج بيع شركات القطاع العام لتتمكن الدولة من مواجهة العجز في الموازنة. خطوة مهمة التجربة السودانية في خصخصة القطاع العام بما في ذلك الشركات التي تتبع للأجهزة الأمنية يصفها مراقبون بالمهمة لجهة مساهمة الخطوة في تثبيت أركان العدالة التنافسية للسوق بسبب حصول الشركات الحكومية على امتيازات لن تجدها الشركات الخاصة الدائرة في فلك الاقتصاد المحلي ما يسهم في تعطيل التقدم الاقتصادي وإحجام رؤوس الأموال الخاصة عن منافسة الشركات الحكومية ما يعتبر حجر عثرة أمام الاقتصاد القومي في أن ينمو وهو ما أشار إليه عراب سياسة الخصخصة في السودان وزير المالية الأسبق د. عبد الرحيم حمدي في تصريحات سابقة بأن حل الاقتصاد السوداني يكمن في التحرير وخروج الدولة من السوق بصورة نهائية ليتمكن رأس المال الخاص من العمل. من جانبه أحال مستشار جهاز الأمن والمخابرات حنفي عبد الله في حديثه ل(السوداني) أمس، تأثير الخطوة على الأوضاع المالية للمؤسسات المعنية بعد خصخصة شركاتها إلى لجنة الخصخصة برئاسة عبد الرحمن نور الدين، أما الخبير الاقتصادي محمد الناير فيذهب إلى أن الخصخصة كظاهرة اقتصادية تبدو صحية لاقتصاد الدولة عبر تخليصه من عبء الخدمات المقدمة للمواطنين بترك الأمر للقطاع الخاص وأيلولة الشركات الحكومية لرأس المال الخاص، فيما يخص القطاعات غير الاستراتيجية لكن الدولة تظل ممسكة بتوفير الخدمات الاستراتيجية للمواطنين وهي خدمات لا تفرط فيها الدولة وينأى القطاع الخاص عن الدخول فيها، وأعتبر الناير في حديثه ل(السوداني) أمس، أن التخوف البادي في دول العالم النامي حيال الخصخصة لا يستند إلى منطق سليم نسبة إلى أن تعاملات المؤسسات الدولية لا تكون مع الدولة في إطار الخدمات مبيناً أن التحول إلى السوق الحر وتفكيك القيود عن الاقتصاد أصبح الآن المطلب والمدخل للتعاون مع المنظمات الاقتصادية العالمية. سياسة التحرير المقرونة بالخصخصة والمقرة منذ تسعينيات القرن الماضي في السودان تباينت الآراء حول تقييمها حيث يقول محمد الناير بأنه من الصعوبة بمكان الجزم بنجاح التجربة أوفشلها لكنه يشير إلى التقدم الذي أحرزته بعض القطاعات عقب خروج الدولة منها كالاتصالات التي أضحت ترتكز على بنية تحتية ضخمة توفرت لها وأيضاً قطاع البنوك والمصارف الذي شهد طفرة وتنامياً كبيراً على مستوى الانتشار وضخامة رؤوس أمواله التي تنامت هي الأخرى بشكل كبير لكنه رجع إلى أن بعضاً من القطاعات يصعب الحكم على نجاحها من فشله لأسباب لم يسمها في حديثه.