في اتكاءة رمضانية، وأنا استنشق عطر اليوم الأول من الشهر المعظم، وبعد أن ترطب لساني بذكرالله، وعقب غروب الشمس، امتدت أناملي الناعسة لتلتهم حبات بلح رطب لتحليل صيام يوم شاق. ثم مددت قدميي المنهكتين على مضجعي المتواضع متوسداً هموم وطني، وهاجس "كورونا"يحلق فوق رأسي مؤرقاً وجداني.قبل أن يتثاءب الليل، داهمني نعاس ناعم دون استئذان، وفجأة اخترق أذن جوالي صوت خافت يطلب مني متابعة الحوار المرتقب عبر التليفزيون القومي مع الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، حوار أو قل "لقاء مكاشفة" يجريه مباشرة الإعلامي القامة المخضرم: "لقمان أحمد" المدير العام للإذاعة والتليفزيون-عبر برنامجه"حوار البناء الوطني". وعلى الفور صحبت الضيفين في السياحة الممتعة وفرح وطني باذخ غمر قلبي المهموم. ولم تبخل ذاكرة قلمي المترعة بعشق الوطن أن تحلل وتعلق على مجريات ذلك الحوار الألمعي الجاد.وتحكي قائلة : أولاً: أجري ذلك الحوار الثر بإحدى ردهات القصر الرئاسي المنمقة المموسقة، وازدانت وسامة وبهاء بالكاريزما الأنيقة المتوهجة لرجلي الحوار، الضيف والمضيف"البرهان واللقمان"، وكانت تحول بينهما خطوات متباعدة تنفيذاً لنصائح وإرشادات وزارة الصحة. ثانياً: تناول لقاء المكاشفة العاصف اللاهث كل ما يدور بذهن الشارع من أسئلة حائرة مترنحة، وهموم وقضايا وطنية معقدة ومزمنة: السلام، العبء المعيشي والاقتصاد المأزوم، الأنظمة الأمنية، الشراكة، تعيين الولاة والمجلس التشريعي، الوثيقة الدستورية والمصفوفة، الخدمة المدنية، العلاقات الخارجية، محاكمة كل من أفسد وأجرم و"الكورونا"الزائر اللعين.تحدث "البرهان"بإسهاب عن كل هذه الهواجس التي تؤرق مضاجعنا لعقود مضت. حديث تعطر بالصدق، الشجاعة، الشفافية transparency، الصراحة والوطنية الصارخة.حديث رمى لإزالة اللبس، الغموض والضبابية التي مازالت عالقة بالأذهان وبه ربما تنقشع سحائب الإحباط والانزلاق النفسي. جديث عمل على إذابة ثلوج انعدام الثقة mistrust بين الراعي والرعية.هل نتفاءل والصدق رائدنا؟ وقال " البرهان" إنهم جاءوا لتنفيذ أهداف، متطلبات ومهام ثورة ديسمبر ولن يحيدوا عنها. هل نتفاءل؟. ثالثاً؛ أثلج صدري السلوك الرائع الذي انتهجه الأخ لقمان بفراسته المهنية العالية high professionalism في إدارة ذلك الحوار الدافئ.كانت العبارات بليغة سلسة تتدفق بسهولة ويسر من ذاكرة"لقمان" اليقظة المحتشدة بما لذ وطاب.حوار اتسم بالهدوء المتواضع ، والتواضع الهادئ، كما لم يلوثه التوتر الذهني الذي يقبض أنفاس الفكر الثاقب بعض الأحيان.كان الحوار من القلب للقلب، وكان واقعياً صارماً، لذا لم تزينه نعمة الطرفة النادرة، وربما اكتفى الطرفان"البرهان واللقمان" بالبسمات الخفية المدسوسة.رابعاً: نادى قلمي مراراً حتى بح صوته منادياً بلقاء مكاشفة شهري بين الراعي والرعية"..البرهان وحمدوك؛ كلاهما. " إن، اللقاء همزة الوصل بين الحاكم وشعبه.شكراً لكما::البرهان واللقمان" فقد أوقدتما جذوة العطاء الوطني والثراء القومي، واسكتما الأصوات الجائرة الحائرة الحاقدة.. ورمضان كريم .