لا أدري لما .. ولكنى كثيرا ما أتذكر موقعة صفين و أنا أرصد واقعنا المعاصر .. تذكرت اليوم واقعة استشهاد الصحابي الجليل عمار بن ياسر .. في تلك المعركة .. فقد جزع أصحاب علي رضي الله عنه فقد كان في صفهم .. ثم تذكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمارا تقتله الفئة الباغية .. فكان جزع جيش معاوية أكبر .. فارتجت صفوفهم من هول ما سمعوا .. ولكن معاوية وعمرو بن العاص يعيدان السيطرة على الموقف بإطلاق عبارتهما الشهيرة .. بل قتله من أخرجوه من داره .. فما لشيخ بلغ التسعين والقتال ..! فعن حشو المناهج نتحدث .. تري من يحمل الوزر .. من قال إن في المناهج حشوا .. المحرر ..! هذه مادة رصينة نحيي صاحبها نحو الموضوعية .. في موضوع لا يحتمل إلا أن يكون موضوعيا .. لذا نفرد له مساحة اليوم ..! بعيداً عن حملة التيارات الدينية ضد مدير المركز القومي للمناهج، وكذلك حملة المُناصرة التي أطلقها بعض المناصرين للدكتور عمر القراي ومع احترامنا الشديد له ولمجهوداته ورؤيته التي اتفق مع جوهرها وهو إصلاح التعليم والمناهج كمحور مهم في تطوير وإصلاح العملية التعليمية. ولكن في زحمة حملات المناهضة والمُناصرة هناك رأي فني بحت حول تغيير المناهج ينبغي النظر إليه بموضوعية وإدارة نقاش حوله بعيداً عن الاصطفاف الثنائي الذي يملأ الساحة ويساهم في إحداث ظروف غير موضوعية لمناقشة قضية موضوعية مرتبطة بمستقبل أبناء هذا الوطن، ومن هذا المدخل هناك رأي فني يجب أن يُسمع بعقل مفتوح وضمير وطني صادق بعيداً عن المزايدة، وهذا الرأي الفني حول تغيير المناهج أو تطويرها هو ما يعنيني ويجب أن يشغل بال كل أصحاب المصلحة في إصلاح وتطوير التعليم من الطلاب، أولياء الأمور، المعلمين وقيادات التعليم وخبراء التربية والدراسات الإجتماعية. أولاً: دعونا نتعرف على الدور الوظيفي للمركز القومي للمناهج وهو دور فنيّ مهامه تنحصر في ثلاثة محاور أساسية وهي (1) وضع (2) وتنفيذ (3) وتقييم المناهج. فالمركز القومي ووفقاً لهذا الدور يقوم بتنفيذ سياسات وأهداف التعليم التي تضعها الدولة عبر المناهج. ثانياً: تقوم الدولة بوضع سياسات وأهداف التعليم عبر مؤتمر تعليم متخصص يضع الفلسفة والأهداف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتعليم التي تود الدولة تحقيقها عبر خطة ورؤية وطنية استراتيجية، هذه السياسات والأهداف على ضوئها تنعقد ورش العمل المتخصصة من المركز القومي للمناهج ولجانه الفنية المُختلفة لتنفيذ أهداف وسياسات التعليم عبر المواد المُختلفه. ثالثاً: يقوم المركز القومي للمناهج وبعد اكتمال المهمة الأولى وهي وضع المناهج بتجريب المنهج في عدد محدود من المدارس لمدة عام بحيث يتمكن المركز من رصد ومتابعة المنهج ومدى استجابة الطلاب له، وكذلك قياس مدى تحقيقه للأهداف الخاصة بالمنهج والمادة، ثم تتم المراجعة والتنقيح للأخطاء بعد رصد دقيق من الخبراء والفنيين، ثم يُجرب لعام آخر وبعده إما صدر قرار بتعميمه على كل مدارس السودان أو تأجل ذلك لمزيد من المراجعة والتدقيق. الهدف من هذه العملية هو ضمان فاعلية المنهج وتحقيق أعلى معدل من المراجعة والتدقيق قبل التعميم. رابعاً: هذا الرأي الفني حول المناهج يبدو أن د. القراي لم يضعه في الاعتبار ولذلك ظل يتحدث عن تغيير المناهج وتعميمها دون أن يمررها على تلك الخطوات، وهذا القرار سيكون له تأثيرات سالبة على الطلاب ومستقبل التعليم في حال ضعف الاستجابة لمحتوى المنهج، وما يجدر ذكره هنا أن إصلاح التعليم أمر ضروري ولابد من الدخول فيه بطريقة نتجنب فيها التسرع ولذلك لابد لنا من التخطيط المُحكم لهذه العملية من ناحية تحديد فلسفتنا التربوية وسياساتنا وأهدافنا التي نود تحقيقها كبلد يتطلع لتعليم ديمقراطي يُساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وإلا كما قال مؤسس نهضة فنلندا التعليمية الدكتور باسي سالبيرغ "إن التسرع في إصلاح التعليم يعني تدميره To rush educational reform is to ruin it". ختاماً: أقترح على كل المهتمين بأمر التعليم أن يناشدوا وزير التربية والتعليم والدكتور عمر القراي بضرورة الدعوة لمؤتمر عام يضع فلسفة وسياسات التعليم خلال العام الأول من الفترة الانتقالية، يتولى هذا المؤتمر مهمة صياغة رؤية استراتيجية وطنية لإصلاح وتطوير التعليم، وأن يكتفي د. القراي قبل بداية العام الدراسي المُقبل بتنقيح أخطاء المناهج الحالية ومراجعتها للعمل بها خلال العامين الدراسيين المقبلين على أن يستمر العمل في وضع مناهج جديدة يتم تعميمها في العام الأخير من الفترة الانتقالية. ولبداية نقاش موضوعي ومُنتج حول قضايا التعليم وبما أن دكتور القراي يتجه لتغيير المناهج في العام المقبل حسب ما أعلن أود أن أسأل عن الفلسفة الأهداف التربوية التي ستقوم عليها المناهج الجديدة؟ وماهي الجهة التي وضعت تلك الأهداف؟ ومن يُصدر القرار النهائي في ما يجب أن تقوم عليه المناهج من أهداف ومحتوى؟ محبتي