وكشف مصدرٌ رفيعٌ بوزارة المعادن، أن بورصة دبي للذهب أكَّدَتْ لهم أن الذهب الوارد من السودان خلال العام 2016م بلغ 160 طناً، 90% منه عبر التهريب، وقال إن الإنتاج الحقيقي التقريبي للذهب في السودان لا يقل عن 250 طناً في العام، بينما التقارير الرسمية تتحدث عن أقل من 100 طن، أي أن الذهب السوداني المُهرَّب قيمته تُغطِّي الفجوة في الميزان التجاري وتُعالج مشكلات كثيرة كما تؤدي إلى استقرار اقتصادي نسبي، إن لم يكن ارتفاع قيمة العملة الوطنية. ويُلحظ من إحصاءات وزارة المعادن أن الإنتاج بلغ عام 2015م، 82.3 طن بقيمة 3.2 مليار دولار، بينما صُدّر 26.7 طناً بعائدات 1.4 مليار دولار، وارتفع الإنتاج في العام 2016م إلى 93.4 طن، بقيمة 3.7 مليار دولار، صُدِّر منه 31.1 طن، بعائدات 1.3 مليار دولار، وزاد الإنتاج إلى 95.1 طن في نهاية نوفمبر من العام الجاري، بقيمة 3.8 مليار دولار، صُدّر منه 36.3 طن بعائدات 1.4 مليار دولار. ويبقى التحدي الأكبر لمكافحة الذهب الذي يُهرَّب معظمه إن لم يكن جله، حسب ما يرى مختصون عبر المنافذ الرسمية من مطارات وموانئ، في ظل غياب أجهزة حديثة لكشف تهريب المعادن الثمينة، وعدم وجود مراقبة المشددة لتلك المنافذ. وكشفت الحادثة الأخيرة التي قُتِلَ فيها اثنان من العاملين في المطار هذه الحقائق. مرحلة الظاهرة كشف مسؤول بشرطة المعادن، أن عمليات تهريب الذهب وصلت لمرحلة الظاهرة المتفشية في الاقتصاد لأسباب كثيرة، وقال إن تجار العملة صارت لديهم موارد ضخمة لشراء الذهب من المُعدّنين التقليديين وسبك الذهب بطرق تقليدية بدلاً عن مصفاة الذهب، وأشار إلى أن إدارته تبذل جهوداً مُقدّرة في مكافحة الظاهرة التي تحتاج إلى سياسات أكثر من الرقابة، وفيما يتعلق بضبطيات تهريب الذهب، قال إن أكبر كمية تم ضبطها في عملية واحدة كانت بمطار الخرطوم ووصل حجمها إلى 800 كيلوغرام، أي ما يقارب الطن خلال العام الماضي، وأكد أن مكافحة تهريب الذهب تحتاج إلى عمل متكامل وتعاون كبير بين عدد من الجهات ذات الصلة. تأثيرات متفاوتة وقطع صلاح قرناص الخبير الوطني بأن التهريب يؤثر على كل القطاعات الاقتصادية بالبلاد، ويؤثر على المواطن بشكل مباشر، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار للعملة الوطنية، وقال: "أحسسنا أن التهريب يتم بالبوابات الرسمية في منافذ المطارات والحدودية، ولا بد من سياسات جديدة لقطاع الذهب تتصف بالمرونة، وتتغير من وقت لآخر، ويكون فيها مصلحة المواطن، وتشديد الرقابة بمناطق التعدين خاصة القريبة من الحدود الدولية والمداخل الحدودية. واتفق قرناص مع عدد من الخبراء الاقتصاديين، على أن التهريب أكبر مهدد للاقتصاد، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن ثروات الدولة تتسرب إلى الخارج. وأكد خبير الاقتصاد السياسي د.الحاج حمد، أن تهريب الذهب خلق اقتصاداً موازياً ومُنافساً، وشكَّلَ شبكات أصبحت تمثل تهديداً واضحاً للاقتصاد القومي، وأرجع المشكلة للسماح بالتعدين الأهلي في مساحات واسعة بالبلاد، وقال إن الحل يكمن في إصدار قرار يمنع التعدين الأهلي نهائياً، ويُجرّم كُلَّ من يُضبط ممارساً له، والخيار الثاني أن يتم تنظيم المعدنين الأهليين في جمعيات تعاونية. وأكد حمد، أن التعدين الأهلي يُعَدُّ مصدراً رئيسياً لتغذية التهريب وتجارة العملة، وكشف عن ظاهرة تُسمَّى نفسها الدهابة، مشيراً إلى أنه في إحدى سفرياته للمشاركة في منشط للأمم المتحدة، اكتشف مجموعة من الشباب على الدرجة الأولى بالطائرة، وقال: "سألتهم: هل أنتم فرقة فنية؟ فردوا بأنهم الدهابة"؛ وكشفوا له عن اساليب عملهم في شراء الذهب وبيعه خارج السودان. واشنطن في الأزمة واتهم الحاج السفارة الأمريكية بأنها من كبار الممولين لتجار العملة باعتبار أنها لا تتعامل مع البنوك السودانية، وتدخل كميات ضخمة من الدولار لدفع رواتب موظفيها بالسودان عن طريق الحقائب الدبلوماسية بالمطارات والموانئ البحرية، على الرغم من أن اتفاقية الدنمارك للمعاهدات الدبلوماسية تمنع حمل النقد والسلاح في الحقيبة الدبلوماسية. وكان وزير المعادن هاشم سالم، عزا التهريب لعدم وجود سوق منظم لتداول أسعار الشراء والبيع "بورصة"، وعدم استقرار سعر الصرف والانتشار الواسع للمعدنين التقليديين وصعوبة السيطرة عليهم فضلاً عن أن قانون التهريب الحالي لا يتضمن المعادن ولا تخزينها. وقال أزهري الطيب مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية، إن قيام بورصة للذهب يعتبر من الحلول الناجعة لإيقاف تهريب الذهب وتحقيق عدالة للمنتجين، بحيث أن بنك السودان أو الشركات المُصدِّرة تشتري من البورصة بالسعر العالمي، وقال إن بورصة الخرطوم للأوراق المالية لها دراسة جاهزة لبورصة الذهب وتتمتع بالكوادر المؤهلة والتقنيات العالية وفق المواصفات العالمية.