على مر التاريخ تميزت النقود المصنوعة من الذهب أو الفضة بالثبات النسبي إلى جانب قيمتها الذاتية، وإن لم تُستخدم كنقود، كما تتناسب الزيادة في إنتاجهما مع الزيادة في الإنتاج العالمي من جميع السلع وفي الوقت الذي اقتصرت فيه دول على الفضة فقط في سك عملتها قامت دول أخرى بسك عملاتها من الذهب والفضة، وكانت كل عملة تحوي وزنًا ثابتًا من المعدن بدرجة نقاوة معينة، وسعر صرف محدد. من جانبه أشار وزير المعادن هاشم علي سالم إلى أن تصنيع النقود الذهبية من أكثر الصناعات لخام الذهب في العالم ويشتريها الأوربيون والآسيويون بشراهة ويحتفظون بها كتذكارات ويتداولونها أو يبيعونها، لافتًا في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أن هذا تصنيع بدلًا من تصديره كخام وأن هذا يعطي قيمة مضافة كبيرة بدلًا من تصدير الذهب كخام مؤكدًا أن تصنيعها ليس لاستخدامها كعملة وإنما تصنيع لمنتج جديد للصادر وليس للاستخدام المحلي، وأوضح هاشم أن توصيات الحوار الوطني تضمنت توصية منع تصدير الخام وتشجيع التصنيع وإضافة قيمة مضافة للخامات السودانية ثم تصديرها، وأضاف: الشركة الألمانية شركة ستستثمر في تصنيع الذهب ولن تستهلك كميات كبيرة من الذهب. وفي الوقت الذي تشير فيه تقارير إلى أنهُ ما يزال من الصعب الحصول على بيانات ذات مصداقية بشأن حجم الإنتاج، وتهريب جزء كبير من الإنتاج أشار سالم إلى أن الكميات التي تم إنتاجها من الذهب وصلت إلى 107 طن من الذهب خلال العام 2017م. سياح ومستثمرون على صعيد آخر وصف الخبير الاقتصادي محمد الناير الخطوة بالجيدة وأنها كما يحدث في بنك السودان والاحتفاظ بالذهب كاحتياطي في شكل سبائك، لافتًا إلى أن سك النقود الذهبية، حسب رؤية وزير المعادن أنهُ ربما يكون تمهيدًا نحو التعامل بالنقود الذهبية والتخلص من الجنيه والتعامل به، مشيرًا في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أنهُ قرار يحتاج بعض الوقت إلى جانب دراسات وإعداد ومن ثم الانتقال، وأضاف: قد يكون التعامل في المرحلة الأولى في مجالات محددة أما التعامل مع الجمهور فهو مرحلة متقدمة، لافتًا إلى أنهُ لا بد أن تكون الوحدة الواحدة من العملة الذهبية يقابلها عدد محدد من الجنيه السوداني أو يمكن إلغاؤها، مشيرًا إلى أن ذلك يحتاج لضبط حجم التداول في القطاع التجاري وأن التحول للنقود الذهبية للتعامل التجاري بصورة كبيرة يحتاج إلى وقت كبير لإرسائها وربما يتم توسيعها مستدركًا في ذات الوقت أن هذه الخطوة ربما هي إعدادات أولية لمرحلة مستقبلية. ويرى الناير أن السياسات الاقتصادية ينبغي أن تعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي موضحًا أن سك النقود الذهبية لن يفقد الذهب قيمتهُ. بالمقابل وصف وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق عز الدين إبراهيم القرار بالجيد، معتبرًا أن هذا يزيد من قيمة الذهب عوضًا عن أن يباع كخام، معتبرًا في حديثه ل(السوداني) أمس، أنها نوع من الاستثمار ويمكن أن تباع في الأسواق العالمية، لافتًا إلى أن الإنجليز سابقًا كانوا يقومون بسك العملات الذهبية وكانت هناك إصدارات سنوية وعندما تزيد قيمتها يتم بيعها، مقللًا في ذات الوقت من فرضية صدور قوانين تقتضي باستبدالها بالجنيه، موضحًا أنهُ هو العملة القانونية المبرأة للذمة. وسيلة ناجعة في سياقٍ متصل اعتبر المحلل المالي شوقي عزمي أن العملة الذهبية ليست بديلًا عن العملة الورقية وسوف تقيم الأسعار بمعنى معادلة الجنيه الذهبي لعدد من الجنيهات السودانية، مشيرًا إلى أنها أداة ووسيلة ناجعة لسحب السيولة الفائضة واستثمارها عبر آلية الذهب في شكل عملات، لافتًا في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أنها يمكن تداولها وتكون مبرأة للذمة وفقًا لقيمتها عند تنفيذ عمليات البيع والشراء متوقعًا أن يصدر البنك المركزي ضوابط لذلك، إلى جانب أنهُ يمكن إيداعها وحفظها لدى الجهاز المصرفي خوفًا من التعرض للضياع أو السرقة متوقعًا في ذات الوقت أن يكون تداولها داخل السودان. ويؤكد عزمي أن النقود المعدنية حل ناجع لاستقطاب السيولة وإذا تم انتشارها بين قطاعات كبيرة ستعمل على تخفيض نسبة التضخم وكلما اتجه الناس لوضع أموالهم في شكل النقود المعدنية فيمكن كذلك أن ينخفض الطلب على الدولار خاصة لمن يعملون في سوق المضاربة، موضحًا أن هناك من سيتخدم الدولار كاستثمار وهناك من يستخدمهُ للمضاربة. وحول قيمة النقود المعدنية يشير شوقي إلى أن قيمة النقود الذهبية مرتبطة بسعره في العالم ارتفاعًا أو انخفاضًا.