ما تزال قوات الدفاع المدني تنتشل الجثث التي غمرها الفيضان، ومنازل لم تقو على الصمود في وجه الفيضان فانهارت. مياه الفيضان غمرت مدن كثيرة بالعاصمة والولايات، وهي في طريقها لغزو مدن أخرى، الشباب ظلوا مرابطين في التروس حتى شروق الشمس، لكن رغم ذلك تسربت مياه الفيضان (وكسرت التروس)، رغم المجهودات التي يقوم بها المجلس القومي للدفاع المدني وجهات أخرى، لكن خرج الوضع عن السيطرة فأعلن مجلس الأمن والدفاع أن السودان منطقة كوارث ل3 أشهر . وضع حرج مجلس الأمن والدفاع عقد اجتماعاً مطلع الاسبوع الجاري بالقصر الجمهوري تناول فيه تقارير مفصلة عن الفيضان والخريف هذا العام، وبعد نقاش مستفيض تم الإعلان عن حالة الطوارئ بالبلاد ل3 أشهر واعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية، وأوصى بتشكيل لجنة عليا لمعالجة ودرء آثار الفيضان برئاسة وزيرة العمل لينا الشيخ وعضوية الجهات ذات الصلة . هذه ليست المرة يتم الإعلان فيها أن السودان منطقة كوارث طبيعية، ففي عامي 1988م و1946م تم الإعلان أيضاً بعد السيول والفيضانات، فوصلت إلى البلاد مساعدات خارجية ساعدت في تخفيف الأزمة، لكن حدث أن تم إعلان الطوارئ والاستنفار لبعض الولايات . السودان سبق أن قدم مساعدات لكثير من الدول التي تعرضت لكوارث طبيعية، وتقديم المساعدات يعتبر إعلاناً صريحا لوقوفه مع الدول المنكوبة . رئيس المجلس القومي للدفاع المدني اللواء أحمد عمر سعيد أكد في حديثه ل(السوداني) أن إعلان الطوارئ بالبلاد لم يغير من همة الدفاع المدني، وقال إنهم يواصلون عملهم مع الجهات ذات الصلة لإغلاق ومعالجة الكسورات التي يتسرب منها الفيضان، مشيراً إلى أن السودان أعلن في 1988م منطقة كوارث أعلنت الحكومة السودانية ذلك، وقال هذا الامر يعني ان الوضع سيخرج عن سيطرة الدولة وتحتاج لمساعدات خارجية مادية أو فنية . سعيد قال إن منسوب النيل ارتفع يوم الإثنين إلى (17.67) متر داعيا المواطنين الذين يسكنون بالقرب من النيل لأخذ الحيطة والحذر، مشيراً إلى أن وضع منسوب النيل حرج ولو استمر هكذا سيخرج عن السيطرة، وسيخلف دمارا في الأرواح والممتلكات والبني التحتية، واضاف: حدثت كسورات بشارع النيل، وحدث تسريب عال جدا من الجسور وهذا يشكل تهديدات لعدد من المناطق تمت معالجتها . وكان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قد ترأس اجتماع درء آثار السيول والفيضان، وأوصى برفع توصية إلى مجلس الأمن والدفاع بإعلان حالة الطوارئ، وجاءت التوصية بعد أن قدم وزراء الداخلية، الري والموارد المائية، والبنى التحتية والنقل المكلف، العمل والتنمية الاجتماعية، والصحة، والمالية والتخطيط الاقتصادي المكلف، ووالي الخرطوم . الاجتماع كشف عن معلومات حول منسوب النيل وجهود وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في توفير المأوى للمتضررين بالتنسيق مع مفوضية العون الإنساني والدفاع المدني وولاية الخرطوم، مشيراً إلى أن منسوب النيل سيشهد انخفاضا خلال ال3 أيام القادمة. المتخصص في دراسات الأزمات د. عبدالعظيم عوض اعتبر في حديثه ل(السوداني) ان الاعلان عن حالة الطوارئ بالبلاد وانها منطقة كوارث طبيعية لثلاثة أشهر هو اعتراف من الدولة لمجابهة الازمة، وقال هذا موقف إيجابي يُحسب للحكومة كونها أقرت واعترفت بالأزمة الحالية، وأضاف: الحكومة بهذه الخطوة رمت بالكرة في ملعب الساحة الدولية . عبدالعظيم قال إن الكوارث قضاء وقدر، مستدركا: الحكومة لم تعتمد على القياسات العلمية لمنع حدوث الكارثة؛ واهتمامها كان ضعيفاً بتوقعات الأمطار وكمياتها ونسبة الفيضان. واضاف: ان الازمات والكوارث في السودان في الفترة الاخيرة تكاثرت وتناسلت بسبب ضعف السلطات في إدارة شؤون الدولة بما يكفل تفادي مثل هذه الازمات وعيش المواطن في وضع كريم، وقال نعيش الآن أزمات سياسية متتالية وأمنية تظهر وتختفي بين الحين والآخر بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية. الناشط في مجال المنظمات الطوعية فريق شرطة د. كمال عمر أكد في حديثه ل(السوداني) أن الكوارث التي خلفتها الفيضانات هذا العام أكبر من إمكانات الدولة، مشيراً إلى أن نسبة الفيضان عالية جداً، وأضاف: الكوارث المترتبة على ذلك أكبر من طاقة الحكومة، وقال لولا جائحة كورونا كان العالم سيرسل مساعدات لأنه تم ترحيل مناطق كاملة . وقال إن بعض المناطق التي تأثرت بالفيضان يمكن أن تحدث فيها الأوبئة حتى بعد انحسار مياه الفيضان، مشيراً إلى أن كثيرا من المدن محاطة بمياه الفيضان وتحتاج الى عون إنساني خارجي، وتوقع أن تتم الاستجابة رغم تأثر دول كثيرة بجائحة كورونا، مستدركا: رغم الكارثة فالاراضي التي غمرتها مياه الفيضان ستكون صالحة للزراعة، داعيا منظمات المجتمع المدني للعمل يدا واحدة لاغاثة المتضررين . عضو منظمة نفير رامي الشيخ اشار إلى ان كارثة الفيضان ممتدة من حدود جنوب السودان إلى المقرن، الحدود الاثيوبية إلى المقرن، وقال تلقينا بلاغات من كل مناطق الشريط النيلي ووضعها الآن كارثي، واضاف: ما يحدث فوق طاقتنا ونحتاج إلى تدخل عاجل من القوات المسلحة . الشيخ اكد على حاجة المواطنين إلى مواد غذائية وخيام، وقال إن الوضع البيئي سيكون كارثياً، مشيرا إلى اخلاء المواطنين من بعض المناطق بولاية الخرطوم ونقلهم إلى خيام وبعض المدارس.