التساؤلات تكاثفت عقب ما رشح عن مغادرة إيلا للجزيرة، خصوصاً وأن الولاية في عهده شهدت استقراراً، في وقت اعتبر كثيرون أن أنباء مغادرة الرجل مرهونة باجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم في المركز، وسط تسريبات بأن أبرز أجندة الاجتماع هي إجراء تعديل وزاري بالحكومة الاتحادية خصوصاً في وزراء القطاع الاقتصادي، وتحديداً المالية والزراعة والاستثمار، عزز من ذلك تصريحات مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس الحزب د.فيصل حسن بأن ثمة تغييرات قادمة في الطاقم الحكومي. مناخ وبيئة: ويبدو أن ما عزز بالفعل من احتمالية صدق النبأ هو أن العزم على إجراء تغيير في بنية التشكيل الحكومي جاءت في أعقاب التعديلات الموصوفة بالجوهرية، والتي تمت في اجتماع المكتب القيادي الأخير وقضت بإبدال إبراهيم محمود ب د.فيصل حسن، وقبلها قرار رئيس الجمهورية بإعادة الفريق أول مهندس صلاح عبد الله إلى قيادة جهاز الأمن والمخابرات، وما تبع ذلك من تغييرات في بنية المؤسسة الأمنية نفسها. ليخلق كل ذلك مناخاً ملائماً لنمو نبأ مغادرة إيلا على الرغم من عدم وجود ما يعزز الخطوة رسمياً، ويمنح للخبر مصداقية ذات سقف أعلى. اختلاف الرؤى: الأنباء التي رشحت وتم تداولها بكثافة عن ترشيح محمد طاهر إيلا بإحدى وزارات القطاع الاقتصادي، وأشارت إلى أنه ربما سيكون وزيراً للمالية؛ كانت لها آثارها في أوساط ولاية الجزيرة، التي استقلبت تلك الأنباء بهواجس وخوف من مغادرة إيلا للجزيرة حال صدقت الأنباء، فاتفق الشارع بالولاية خصوصاً ال(إيلاويين) والشعبيين في الوقوف بالضد مغادرة الرجل، واعتبروا أن ما أنجزه من عمل بالإعجاز، خصوصاً عقب المساندة التي وجدها من الجماهير ومن رئاسة الجمهورية. فيما مَثَّل الموقف المضاد لبقاء الرجل، سياسيو الحزب الحاكم بالولاية وبعض الأحزاب، فعبروا عن السعادة بمغادرة إيلا، معتبرين أنه أضعف الحزب وغيب المؤسسات. مراقبون للمشهد استبعدوا مغادرة الرجل وسعوا لبث التطمينات، مستندين في ذلك على وعود رئاسة الجمهورية ببقاء إيلا والياً لولاية الجزيرة حتى 2020م لاستكمال التنمية والنهضة بالولاية، خصوصاً وأن الرئيس البشير من أكثر الداعمين لإيلا، وقال مراراً وتكراراً إن إيلا من أفضل الولاة بل ذهب إلى أكثر من ذلك، بأن إيلا من أفضل الخيارات للنهوض بولاية الجزيرة وإخراجها من كبوتها، ويستدعي محللون عبارات البشير لدى مخاطبته جماهير الولاية في نوفمبر الماضي وقوله: (إيلا عارفو زولي وأي زول بقيف قدامو بدوسو) ووصف ود مدني بالكئيبة والحزينة، إلا أنها بعد إيلا أصبحت حسناء والجزيرة متقدمة نحو النهضة والنماء. وأضاف: (قلعت ليكم إيلا من البحر بعد ما شهدت البحر الأحمر نهضة تنموية وجبتو ليكم لاستكمال النهضة بالجزيرة وإعادة مشروع الجزيرة إلى سيرته الأولى). لماذا إيلا في هذا التوقيت؟ مصادر مقربة من الحزب الحاكم اعتبرت في حديثها ل(السوداني) أمس، أن إيلا كسب ثقة رئيس الجمهورية بمشروعات التنمية والخدمات، بالتالي فإن رئاسة الجهورية في ظل حاجتها لأفكار ورؤى لمعالجة الوضع الاقتصادي بالبلاد، تبحث عن شخصيات لها مبادراتها القادرة على ابتكار الحلول لإنقاذ الاقتصاد بتكليف، الأمر الذي يجعل من إيلا خياراً محتملاً كوزير للمالية الاتحادية، واعتبروا أنه يمكن أن يكون مُنقذاً للاقتصاد بمثل ما أنقذ الجزيرة من وهدتها رغم شح الموارد. مستشهدين بقراراته الإصلاحية في بداية تعيينه والياً لولاية الجزيرة، وإعلانه الحرب على الفساد وضرب أوكاره، عبر إيقاف إيجار العربات لمنسوبي الخدمة المدنية وإنهاء عقوداتها، وإيقاف عقودات إيجارات العقارات، فضلاً عن قرار إلغاء جميع العقودات الخاصة بتكليف موظفين بالخدمة المدنية، كما لا يجوز لأي جهة التعاقد مع موظفين مرة أخرى. إضافة إلى قرار إيقاف شراء الأثاثات بمختلف أنواعها وأشكالها للمكاتب والمنازل وعدم تمليك أي أثاثات تم تأسيسها بواسطة الولاية لأي جهة من الجهات الدستورية أو خلافه. بيد أن القول الفصل في أداء إيلا وربما هو ما لفت نظر الرئاسة له، يتمثل في الوفورات المباشرة الشهرية لخزينة الولاية الناتجة عن قراراته الخاصة بإيقاف الإيجارات وتمليك العربات الحكومية، فكانت النتيجة توفير مبلغ (23,825,956) ج سنوياً لخزينة الولاية تم توزيعها على المشاريع التنموية والخدمية. ولم تستبعد الترشيحات انتقال إيلا إلى مجلس الوزراء أو والياً لولاية الخرطوم، فيما استبعدت مصادر مغادرة إيلا للجزيرة، واعتبروا أن نهوض الاقتصاد السوداني بنهوض الجزيرة ومشروعها، وهذا ما بدأ يتم الآن بنهضة الولاية وحدوث إنتاجية عالية لبعض المحاصيل في سياق عودة العافية للمشروع وأن هناك خطة للرجل بوضع معالجة لإصلاح المشروع بمعالجة كل العوائق في الري وإعادة دوران عجلة المصانع وجذب الاستثمار وانعاش السياحة العلاجية والتعليمية. عموماً بين بقاء الرجل والياً لولاية الجزيرة أو مغادرته إلى المركز، فإن الأمور تظل رهينة بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني المتوقع انعقاده في الأيام القادمة.