تساؤلات عدة طرحها المختصون حول ما يمكن أن يحدثه مبلغ 400 مليون دولار من البنك الدولي لدعم الأسر وإمكانية تحسين معاشها فى ظل ارتفاع معدل التضخم وإلى أي مدى يمكن أن ينعكس المبلغ على الحد من ارتفاع سعر الصرف خاصة مع تراجع العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. مجلس المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي صادق على منحة (تخليص ما قبل المتأخرات) بقيمة 200 مليون دولار لدعم جهود الحكومة الانتقالية، في تنفيذ البرنامج الحكومي للإصلاحات الاقتصادية، إضافة إلى 200 مليون دولار من شركاء السودان تمت الموافقة عليها مسبقاً، والتي ستدار عبر (الصندوق الاسئتماني لدعم الانتقال في السودان) لتمويل برنامج دعم الأسر (ثمرات)، جاء ذلك خلال اجتماعات المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي، مؤخراً. إصلاحات صعبه : وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة د. هبة محمد علي قالت، في تصريحات صحفية سابقة إن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة الانتقالية، على الرغم من صعوبتها في الوقت الراهن، إلا أنها ستنجح على المدى المتوسط والطويل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة تحريك عجلة الإنتاج للاستفادة من مواردنا الغنية، كذلك معالجة التشوهات الهيكلية التي يعأني منها الاقتصاد الكلي والتي انعكست بصورة مباشرة على معيشة المواطنين مضيفة أن الإصلاحات الاقتصادية تعتبر أحد أعمدة تحقيق السلام المستدام في جميع ربوع البلاد، وشددت على الدعم الدولي لتحقيق أهداف الفترة الانتقالية، وخاصة الدور الفعال للبنك الدولي، في تنسيق الجهود الدولية وتوفير الدعم الفني عبر (الصندوق الاسئتماني لدعم الانتقال في السودان). ارتفاع التضخم : ويستبعد الخبير المصرفي د. محمد عبد الرحمن أبو شَورة فى حديثه ل "السوداني " أي تأثير لمبلغ 400 مليون دولار من البنك الدولي على تراجع سعر الصرف أو تحسين مستوى معيشة الأسر مع الارتفاع الكبير فى معدلات التضخم وزيادة كافة اسعار السلع الضرورية مضيفاً أن المبلغ مشروط بإجراء الحكومة لإصلاحات اقتصادية متسائلاً عن التوعية بتلك الإصلاحات ومدى قبول الشارع لها موضحاً أن مجموعة البنك الدولي لن تسدد أي أموال ما لم يتم الوفاء من الحكومة بالاستحقاقات بالبنك الدولي وقال ليس للحكومة المقدرة على سداد تلك المتأخرات حالياً منوهاً إلى أن البنك الدولي حتى فى حال قام بمنح الحكومة مبلغ 400 مليون دولار لن يتم سدادها نقدا حتى تنعكس على أسواق العملات وأضاف أن ذلك المبلغ ضئيل ولايجدي كثيراً فى دعم الإصلاحات التي ستجريها الحكومة خاصة فيما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات مشيراً إلى أن المؤسسات والحكومات الغربية لاترغب في دعم الدول التي تقدم الدعم السلعي في اقتصادها باعتبار أن كافة الاقتصاديات الغربية اختفت مفردات الدعم عن قواميسها بالكامل مضيفاً أن تلك الدول لا تقوم بدعم الاستهلاك. تأجيل الانفجار : ويذهب الخبير الاقتصادي هيثم فتحي إلى أن المبلغ لن يسهم في حل الأزمة الاقتصادية أوانعكاساتها على فقراء البلاد بل يؤجل انفجارها، إلى جانب تكريسه مبدأ الاتكالية والاعتماد بالكامل على المساعدات وأضاف أنه يمنح الفقراء "سمكاً" بدل من تمكينهم من "الصيد" مردفاً أن البرنامج يفتقد لأي استراتيجية لتحسين أوضاع الأسر المستفيدة منه وبالتالي لن يحد من "الفقر" ولن يساعد فقراء السودان على الخروج من الأزمة وقال إن السودان لديه برنامج (قديم متجدد) للإصلاحات الاقتصادية يهدف إلى استقرار الاقتصاد، وإزالة التشوهات ومن خلاله يستطيع الحصول على تأشيرة تخفيف عبء الديون البالغة حتى الآن قرابة 65 مليار دولار. إلغاء الدعم : ويمضي فتحي قائلاً تقضي خطة الإصلاح، إلغاء دعم الوقود الكبير لإفساح المجال لمزيد من الإنفاق الاجتماعي بما في ذلك برنامج دعم الأسرة من الدولة لكن سيكون في المرحلة الأولى منحة من البنك الدولي ومن المانحين لدعم الأسر الفقيرة من خلال الانتقال الصعب إلى اقتصاد قائم على السوق يعمل بشكل جيد لامتصاص الآثار السلبية الناجمة عن تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى وما سيتبع ذلك من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات. وقال إن دعم الأسر ضرورة قصوى عند تطبيق برنامج الإصلاح وتوفير خدمات اجتماعية زائدة بمخصصات الدعم، للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي للفئات الأكثر احتياجاً والتي كان يتعين حمايتها، للسير في تنفيذ البرنامج الإصلاحي وزيادة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية وخلق مظلات حماية متعددة بالتزامن مع تطبيق البرنامج الإصلاحي وأضاف نظراً للدور الكبير الذي تلعبه هذه المظلات في مكافحة الفقر، والحد من مستويات التفاوت في توزيع الدخل، وتحسين مستويات معيشة الفئات الأضعف من السكان مع إصلاح برامج الدعم السلعي التي ثبت عدم جدوى الكثير منها في ظل استئثار ذوي الدخل المرتفع بالجزء الأكبر من الدعم وارتفاع عبء هذا الدعم على الموازنة العامة للدولة، وقال هناك نماذج للتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي خاصة فى مصر والأردن والسعودية والبحرين وذلك بهدف تحسين مستويات التعليم والصحة وتمكين الحكومة من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م. دعم الأسر : وفى منتصف سبتمبر الماضي أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عن الانطلاق التجريبي، لبرنامج الدعم الأسري (ثمرات) لدعم نصف مليون فرد موضحة أن حكومة السودان الانتقالية تنفذ الانطلاق التجريبي لبرنامج الدعم الأسري، بدعم نصف مليون فرد، ليشمل 11 ولاية في هذه المرحلة، تضم ولاية سنار، شمال كردفان، البحر الأحمر، غرب كردفان، الشمالية، النيل الأزرق، شمال دارفور، جنوب دارفور، جنوب كردفان، الخرطوم منوهة إلى أن الانطلاق التجريبي سيضع الهياكل للتوسع في التغطية تدريجياً، حتى يتم الوصول لحوالي 7 ملايين فرد في جميع ولايات السودان. ويمول برنامج الدعم الأسري (ثمرات) من قبل حكومة السودان والشركاء الدوليين من أصدقاء السودان من أجل تخفيف الصعوبات الاقتصادية. كما ينفذ بشراكة فعالة بين وزارتي المالية والتخطيط الاقتصادي والداخلية، بنك السودان المركزي، جهاز تنظيم الاتصالات والبريد، شركات الاتصالات السودانية ومجموعة من البنوك المحلية، وبدعم فني من برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي.