(كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل/ كان خلف الصبر والأحزان صامدا منتظرا حتى إذا الصبح أطل) (باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني/ والحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني)، هكذا عبر شاعرنا المجيد/ محمد المكي إبراهيم عن تصور جيل اكتوبر لأكتوبر الثورة لقد بلغ بهم التجميد لتلك الثورة ان وضعوها كتفا بكتف مع الثورة الفرنسية التي غيرت وجه الدنيا، لقد كان الظن في اكتوبر أنها مناسبة وداع للأحزان والسجن والسجان والتخلف وإعلان انطلاق البلاد في خط مستقيم، بيد ان شاعرنا المجيد والذي كان يومها شابا صغيرا قد استدرك بالقول (ولسه بنقسم يا أكتوبر لما يطل في فجرنا ظالم/ نحمي شعار الثورة نقاوم / ما بنتراجع وما بنساوم). فالشاهد هنا ان هاشم بحسه الشعري المرهف لم يستبعد عودة الديكتاتورية ولكنه أكد حتمية المقاومة لها ولعل هذا ما حدث . (2 ) لقد أرادوها خطا مستقيما فإذا بها تصبح دائرة . ويكفي ان نشير إلى أنه في يوم (الأربعاء 21 أكتوبر2020 ) مرت علينا ذكرى ثورة اكتوبر التي انطلقت في يوم (الأربعاء 21 أكتوبر 1964 ) والشعب السوداني في الشارع مطالبا بتصحيح مسار ثورة ديسمبر 2018 الشعبية المجيدة لانه رأى فيها خللا قد ينزلق بالبلاد في أتون الفوضى . علما أن ثورة ديسمبر الشعبية يفصل بينها وبين ثورة أكتوبر الشعبية ثورة أبريل 1985 الشعبية المجيدة وهذا دليل على الخط المستقيم الذي كان ينشده السودانيون في أكتوبر قد تحول الى دائرة مفرغة هذا اذا لم نقل دائرة خبيثة تبدأ بانقلاب عسكري خلفه قوى مدنية، ثم ثورة شعبية فحكومة انتقالية، ثم حكومة حزبية ثم انقلاب عسكري. (3 ) كنا نود أكتوبر خطا مستقيما نحو الرخاء (القمح) والأماني السندسية(وعدا) وارتياد الآفاق(تمني) ولكنه تحول الى دائرة وليتها كانت دائرة ثابتة كي يتم التأقلم على الدوران فيها لكنها للأسف كانت تضيق كل يوم فكل يوم مضى نبكي عليه غدا (دا اليوم البمر وين نلقاه تاني). فالخوف كل الخوف ان تواصل هذه الدائرة ضمورها لتصبح في النهاية صفرا كبيرا وساعتها سوف نضطر الى كتابة شاهد كبير على تربة ما كان يسمى السودان (السودان 1821 -2021 ) ومع كل الذي تقدم دعونا نفتح كوة للأمل ولتكن مظاهرة اليوم جرس تنبيه من المصير الذي أشرنا اليه في الفقرة أعلاه ولتكن نهاية آخر فصل من ديسمبر المجيدة ولتكن ديسمبر ذاتها آخر الهبات الشعبية ليمضي بعدها التاريخ في خط مستقيم فلنودع الحقبة الأكتوبرية والى الأبد . (4 ) ولكن وبعد أن أطلق الرئيس ترامب تغريدته المنتظرة في مساء الثلاثاء 20 أكتوبر والتي أعلن فيها شروعه في رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، تكون الأمور في السودان قد اعتدلت بعد أن كانت (مشقلبة )، فالعقوبات التي كانت مفروضة على السودان ظلما كان لها القدح المعلى فيما وصل اليه السودان من سقوط الى القاع . تغريدة أبو ايفانكا سيكون لها ما بعدها والكلام عنها سيطول إن شاء الله، ولكن دعونا في هذه اللحظة أن نحمد الله ونشكره على ما تفضل به علينا في لحظة الضيق هذه. ودعونا نهنئ كافة الشعب السوداني بكوة الأمل التي لاحت في الأفق ودعونا نقول لحكومتنا بدلا من كتاحة المظاهرة هبت عليك نسمة التغريدة الباردة، فاقطعي بها الدائرة الأكتوبرية المفرغة لتمضي أمورنا في خط مستقيم .