ستكرر الصحف الأخبار والتعليقات، وسيعيد كتاب الأعمدة ذات المقولات التي قيلت في الضربات الإسرائيلية السابقة! سترتفع الأصوات عالياً لتطالب بإقالة وزير الدفاع وستأتي الدفوعات على ذات الرسم والسلم الموسيقي! سترسم الكاركتيرات وتنسج النكات للسخرية من عبارات (نحتفظ بحق الرد)! وسيخرج البعض ألسنتهم شماتةً في الحكومة، وآخرون من دونهم سيشعرون بالخزي والهوان، وسيكتب علي كرتي شكوى من المحفوظات العربية الى مجلس الأمن، ولن تجرؤ دولة على العتاب! سيتواطأون بالصمت مع ما حدث وقد يهمسون بعبارات مواساة في أذن مبعوث السودان في الأممالمتحدة وستحتفظ سوزان رايس بابتسامة عقابية ماكرة!! كل ذلك حدث من قبل وسيحدث هذه الأيام وبكل تأكيد لا يوجد مانع من حدوثه غداً..! بعد حادثة السوناتا الشهيرة في أبريل 2011 أجريت حواراً مع وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين في العمارة الجديدة بالقيادة العامة، قلت له: هل نحن هدف سهل المنال؟ قال: الوضع يسهل هجوم الأعداء ويصعب علينا دور الحماية- وعندما تنظر إلى التقانة الموجودة لدى إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى كمية العلوم الموجودة عندهم والتقنيات الحديثة وأنواع الأسلحة التي يمتلكونها إلى جانب التعاون والتنسيق الكبير بين إسرائيل وبين هذه الدول كل هذا يجعل مهمتنا صعبة نحن في مواجهة هجمة إسرائيلية ضخمة. قلت له: هل أجواء السودان مباحة لطائرات الأعداء، لهذه الدرجة؟ قال- بالتأكيد ليست مباحة، لكن التغطية التي نملكها عبر راداراتنا تغطي الأجواء العليا، لكن هنالك حالات استثنائية، فعندما تكون الدولة في حالة حرب يستوجب عليك أن تكون في حالة استعداد وحماية، لكن ما حدث حالة استثنائية. *هل هذا يعني أننا في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل؟ - لك الحق أن تقول ذلك، لا توجد حرب معلنة، لكننا نعرف أن بلادنا مستهدفة من قبلها في أكثر من قضية. *قلتم إنكم تحتفظون بحق الرد على إسرائيل؟ - الرد قد يكون دبلوماسياً أو سياسياً. * وماذا عن الرد العسكري؟ - أنا لا أستطيع القول الآن أننا نمتلك الرد العسكري على إسرائيل لكن الردود يمكن أن تكون دبلوماسية وسياسية وقد تكون أكثر إيلاماً من أي رد آخر. *قلت: سهولة المهمة قد تشجع إسرائيل لانتقاء أهداف أخرى أكثر حساسية؟ -قال: نظرياً ذلك ممكن. لكن علشان نتعامل مع هذا الوضع لابد من أخذ كافة تفاصيل القضية في بعدها السياسي والأمني والعسكري، ونعالج القضية عبر كل هذه الأبعاد. قلت :هذه العمارة التي نجري في داخلها هذا الحوار قد تصبح هدفاً في لحظة ما؟ قال: من ناحية نظرية هذا ممكن. منذ حادثة السوناتا، من الواضح أن وزير الدفاع على قناعة تامة بعدم مقدرتنا على التعامل مع الهجمات الإسرائيلية حتى ولو استهدفت مكتبه الشخصي!! الأمر ليس مقدرات عسكرية، فلا توجد دولة في المنطقة تجاري إسرائيل، من قبل ضربت مقر منظمة التحرير في تونس والمفاعل العراقي ومنشآت سورية واغتيل عماد مغنية وغيره. وجميعهم قالوا نحتفظ بحق الرد!! إسرائيل التي ليست لها عمق استراتيجي في المنطقة لا تنتظر الخطر حتى يطرق عليها الباب، هي تذهب إليه في مظانه للتعامل معه حتى ولو كان في طور النوايا..! قبل أن تختار إسرائيل هدفها القادم على الاستراتيجيين في الدولة- إن كان لهم وجود- الجلوس لرسم استراتيجية وقائية، تحمي أرواحنا وممتلكاتنا وقبل ذلك ماء وجهنا، استراتيجية بسيطة جداً تقوم على الآتي: 1- مد الرجلين على مقاس اللحاف! 2- (العوس على مقدار العجين)! 3- مد اللسان على مدى حيلة اليد! إذا كانت ضربات شرق السودان السابقة على وصف أحمد هارون (مسكولات سياسية)، فما حدث في ليلة اليرموك هو اتصال مباشر مع الخرطوم على الخط الساخن جداً!! هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته