حينما اجتاح الوباء العالمي Covid19 العالم عملت الدول على تجنيب مواطنيها والمتواجدين على أراضيها الإصابة أو التقليل من عدد المصابين والسيطرة على المرض بوضع خطط شاملة. وبالرغم من الخسائر الاقتصادية العظيمة التي مست تلك الدول إلا أن الهدف الأول كان الحفاظ على أرواح الناس. وضعت الخطط البديلة للحاجيات التي لا يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها مثل تبضع الناس من مأكل ومشرب ونشطت في تلك الدول الأسواق البديلة للأسواق النمطية المعروفة حتى سعى صاحب اي متجر لتفعيل خدمة التسوق الإلكتروني بمافي ذلك المطاعم الصغيرة وشركات التوصيل التي تعمل بنظام تطبيقات الهاتف النقال حتى أصبح بإمكان أي شخص شراء حاجياته ومقاضيه الضرورية وغير الضرورية عبر الأسواق الالكترونية حتى تعظمت أرباح بعض الشركات العالمية إلى مليارات الدولارات خلال فترة الموجة الأولى من هذا الوباء. وذهب العالم إلى أبعد من ذلك بعدم تأجيل عام دراسي على طلابهم فوجدت معظم الدول البديل عبر استخدام المنصات التعليمية وأشهرها وأوسعها استخداما مثل Microsoft Teams وتعتبر قد حققت نجاحا لابأس به وكما انه زاد من معرفة الطلاب وخاصة بالفصول الأولية بالمعرفة الرقمية وطرق استخدامها وتطويعها في اكتساب المهارات الجديدة وذلك عبر الدخول إلى حسابات الطلاب ومتابعة دروسهم الأكاديمية والمشاركة في الحصص اليومية وحل الواجبات المنزلية والاختبارات الدورية وتحميل حلول هذه الواجبات على المنصات الرقمية. ما أظهره هذا الوباء بواقع حال السودان يوضح جليا مدى ضعف البنية التحتية لهذا البلد المنكوب الذي كنا نظن ضعف بنيته في عدم مقدرته في تصريف مياه أمطار لا تزيد عن الساعتين وتراكم الاوساخ وانعدام للمواصلات الداخلية والخارجية وبؤس المطارات والسكة حديد وضعف المنظومة الصحية وعدم مقدرة الشرطة لوحدها دون الاستعانة بأي قوة نظامية أخرى في ضبط المخالفين لحظر التجوال وتطبيق نظام الغرامات المالية على الأفراد الراجلين والمخالفين لتعميم الحظر وهذا على سبيل المثال لا الحصر؛ لنكتشف اليوم كذلك ضعف بنيتنا التحتية الرقمية وكان الظن بأن هذه التكنلوجيا محصورة على شبكات التواصل الاجتماعي من الفيس بوك الواتس آب لنكتشف بأننا نأخذ الجانب السيء فقط من هذه المعرفة. كل العالم يستخدم هذه التكنولوجيا في التعليم وعمليات التسوق الرقمي وإنجاز المعاملات الحكومية وتحويل الأموال من منازلهم دون الحاجة لأي عنت أو مشقة وحتى في وقت القفل الكامل shout down لمعظم الدول ظل بإمكان الفرد تقديم طلبه أو شكوى أو تجديد بطاقة احوال أو جواز سفر أو رخصة أو استخراج اي إفادة أو سداد فاتورة وهو بمكانه ولا حاجة للخروج من المنزل كما أنه بإمكانه طلب توصيل معاملاته عبر البريد أو عبر شركات التوصيل كل ما عليه فعله هو مزيد من الضغط على الكيبات وكتابة كل ما تحتاجه ليكون امامك خلال ساعات أو ايام معدودة. الموجة الثانية من الوباء تجتاح السودان وفتكت بكبار السن ومصابي الأمراض المزمنة ونحن مازلنا في هل نضع كمامة أو لا نضعها ونحن في حفلة عامة يحضرها ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص؛ الموجة الثانية اجتاحت العالم وطلابهم على وشك الانتهاء من فصل دراسي اول أو ثان أو عام دراسي كامل دون الحاجة للذهاب لمدرسة أو جامعة أو معهد ونحن عاجزون عن فعل اي شيء حتى لو استطاعت وزارة التربية والتعليم شراء منصة تعليمية إلا أن تطبيقها في واقع السودان الحالى يجعل استحالة نجاحها مع عدم إمداد تيار كهربائي مستمر أو عدم توفره في كثير من قرى السودان وبالتالي عدم تغطية شبكات الاتصال لا جيل اول ولا خامس كما موجود الآن بالعالم والأمية المعرفية للآباء لاتمكنهم مساعدة أبنائهم في الدخول إلى تلك المنصات حتى ينطلقوا بعدها في عالم المعرفة والفقر المدقع لكثير من الأسر مما يصعب حصولهم على أجهزة ذكية تمكنهم من الوصول إلى دروسهم وعدم المقدرة على دفع فاتورة انترنت منتظم وقوي. اضعنا سنين عمرنا ما بين نحن مهمشون والبقية منعمون وكم النسبة من اهل السودان باستطاعتهم توفير معينات التعليم الإلكتروني من كهرباء وانترنت وأجهزة ذكية؟! لعمري لن تزيد النسبة عن 0.00001% من شعب السودان إذن كل الشعب في الهامش.