في تلك الأثناء كانت أسرة الحاج موسى يتمدد أفرادها المتمثلين في الوالدة آمنة أحمد، وابنتها الكبرى (المقام) وابنيها الأصغر منها في (حوش) منزلهم المتواضع ويغطون في نوم عميق، هانئو البال يحفهم الاطمئنان من كل جانب، ولم يدر بخلدهم أن الأقدار كانت تنسج خيوطها لإعداد أمر سيكون بمثابة مفاجأة وفاجعة لهم. بعد منتصف الليل والساعة تشير إلى الثانية فجراً والهدوء يملأ المكان، انطلقت صرخة مزعجة وداوية كانت صاحبتها (المقام) الابنة الكبرى التي لم تمهل نفسها من فظاعة ما تعانيه لتقوم مهلوعة وتزيح عن جسدها الغطاء وتتجه مسرعة ناحية (زير) الماء وهي تصدر صرخات متتالية وتصب الماء على وجهها. مع الصرخة الأولى وبقلب الأم الحنون غادرت الأم فراشها وأشقاء المقام ووالدهم الرجل المسن معها، أسرعت الأم ناحية ابنتها وهي تحتضنها بقوة قائلة لها : (يا بتي قولي بسم الله) وكانت تعتقد أن حلماً أو كابوساً مزعجاً قد زعزع منام ابنتها، إلا أن ابنتها كانت تقول (يا أمي كشحوا حاجة سخنة في وشي!!) ظلت (المقام) تردد تلك الجملة الأمر الذي جعل الأم تسارع لإشعال الإنارة للكشف عن ملامح ابنتها التي بدت منهارة تماماً لتتبين ماذا حدث لها. المفاجأة و الفاجعة كانت الفاجعة المؤلمة بعد إشعال الأم الإنارة على وجه ابنتها، أنها وجدته محترقاً تماماً لدرجة الانسلاخ. والدتها كاد أن يغمى عليها من فرط بشاعة المنظر إلا أنها سيطرت على نفسها، وبدأت في الصراخ مع ابنتها حتى اجتمع أهل الحي جميعهم الذين هبوا مفزوعين مستفسرين عما يحدث، ليتأكد لهم جميعاً أن (المقام) قد تم سكب مادة حارقة على وجهها، وأن من فعل فعلته تلك ولى هارباً، لتأتي بعدها الشرطة وترسم الحادث ليتبين وجود ذات المادة الحارقة التي سكبت على وجهها على الأرض وهي تبدو فائرة مع وجود آثار أقدام لشخص غريب كان قد تسلق الجدران ووصل إلى سرير (المقام) وغادر. تفاصيل المستشفى القصة وللأسف الشديد حدثت بتلك المنطقة الوادعة الطيب أهلها التي لم تعتاد مثل تلك الجرائم، وكانت أشهر حادثة قبل سنوات حدثت مع الشابة سناء التي عرفت فيما بعد ب(حريقة موية النار) نسبة لغرابة الحادثة وقتها وكانت قضيتها أثارت الرأي العام. تفاصيل القصة وردت على لسان الحاجة آمنة أحمد والدة (المقام) التي التقيتها من داخل مستشفى النيل الأبيض الخاص ببحري حيث تتلقى ابنتها العلاج. (المقام) كانت ممددة داخل غرفتها بلا حراك ووجهها مغطى بالشاش بعد الأذى الذي حاق به، وصوت أنين خافت يصدر منها، ورغم ما تعانيه (المقام) من الآلآم الجسدية والمعنوية إلا أنها كانت تبدو بمعنويات عالية وهي ترد التحية برأسها ببطء شديد. ماذا قالت الأم عن سيناريو الحادث؟ الحاجة آمنة ابتدرت الحديث ل(السوداني)أمس، بصوت خافت وحزين: إن (المقام) هي ابنتي الكبرى والوحيدة وتبلغ من العمر 23 عاماً، كما أن لي ابنين أصغر منها. وكشفت آمنة عن أن (المقام) كانت متزوجة وتطلقت من زوجها الأول الذي رزقت منه بطفل، وبعد فترة طلب شخص آخر الزواج منها، وتم العقد بالفعل، وأضافت: لكن الزواج لم يكتمل لأن ابنتي شعرت أنه رجل غير مسؤول وتخوفت من تكرار التجربة الأولى، الأمر الذي دفعها لطلب الطلاق إلا أنه رفض، مهدداً إياها أمام شهود بأنها إذا تطلقت سيقوم بتشويه وجهها ب(موية النار). وأكدت والدة الضحية بأن ابنتها حصلت على الطلاق بالفعل بقرار القاضي بعد أن رفض تطليقها، وأضافت: ليمر الزمن وينفذ تهديده ويهرب. وأشارت آمنة إلى أن ما حدث كان متوقعاً بالفعل، وأضافت: منذ وقوع الحادثة وقلبي موجوع ومتقطع على حالة ابنتي.. فشل العملية والدة المقام أكدت أنه عقب الحادثة تم إسعافها إلى مستشفى الأبيض، وأن العلاج الوحيد الذي تعاطته عبارة عن دربات ولا شيء آخر قبل أن يتم تحويلها إلى مستشفى بحري بالخرطوم حيث أمضت فيه قرابة ال4 شهور، مشيرة إلى أن المستشفى منح ابنتها مضادات حيوية، وأن ابنتها حينها كانت تتحرك وعينها الشمال كانت ترى ، وأضافت: بعدها تقرر إجراء عملية جراحة تجميلية لكن العملية لم تنجح، كاشفة عن أنه برغم الفشل تم إخراجهم من المستشفى إلى البيت، واستدركت: لكن وضعها الصحي أصبح متدهوراً ولم تجد العافية مرة أخرى، وقالت لذا قررنا أن نذهب بها إلى أي مستشفى آخر. رحلة العلاج الثانية من جانبه تحدث ابن خال المقام المهندس عبدالرحيم ل(السوداني) أمس، عن رحلة العلاج الثانية بحكم أنه ظل مرابطاً معهم بمستشفى النيل الأبيض، وأضاف: (بالطبع لم تجد أي متابعة في المستشفيات الحكومية بل أنهم في مستشفى بحري تعلموا على جسدها من خلال العملية التي أجريت لها، وذلك بأخذ قطع من الفخذين لترقيع الوجه ولم يمر وقت طويل حتى وقعت القطع المرقعة من وجهها وهو دليل على فشل العملية والتهب الجرح مرة أخرى وأصبحت تتألم بصورة أكبر، كاشفاً عن أن نظافة الجرح كانت تتم بلا (بنج) وأن (المقام) كانت تتمنى الموت حينها من شدة الألم. المهندس أكد أن حريق المقام يبدأ من الوجه والصدر والبطن، وأن جميع تلك الأجزاء تأذت من الحريق، موضحاً بأن العمليات التجميلية ليست أمراً سهلاً وإما المتميزون فيها فهم نادرون. قاطعاً بأنهم بعد أن ذهبوا إلى مستشفى النيل الأبيض الخاص وجدوا اهتماماً كبيراً من طاقم المستشفى حتى النظافة تتم ب(بنج)، وأضاف: حالياً تحسن وضعها الصحي بعض الشيء ومن المفترض أن تجرى لها عملية تجميلية تبرع بعملها أحد اختصاصيي عمليات التجميل مجاناً جزاه الله خيراً فهو رجل إنساني لأبعد الحدود، كما أن أول عملية نظافة كانت بمبلغ 8 ملايين تبرع بها أيضاً. هروب الطليق عبدالرحيم في حديثه أكد أن (المقام) كانت ضحية لجريمة لا تشبه الشعب السوداني على الإطلاق، وأضاف: لكن عندما يكون الشخص سيئ الأخلاق يفعل أفعال الشيطان بدليل ما فعله طليقها بها بتنفيذ تهديده وتشويه وجهها بمادة حارقة. ودلل المهندس على أن طليق المقام هو من قام بذلك لجهة أنه لم يسأل عنها بعد الحادثة كما فعل الجميع، بالإضافة إلى هروبه إلى جهة غير معلومة والمعروف أن (المقام) ليس لديها أي عداء أو خلاف مع شخص غير طليقها.