كانت إجازات الدكتور الراحل علي كوباني التي يقضيها بالخرطوم قادماً من الإمارات حدثاً رائعاً يجمل أماسي العاصمة، وفي صالون كوباني يجتمع الأحباء والأصدقاء والخصوم من الوسائط الفنية والرياضية والاجتماعية والسياسية، وفي ذات الصالون تكونت صداقات ومعارف عميقة ما كان لها أن تكون لولا علي كوباني، وفيه كان يتسابق نجوم الغناء لتجديد أعمالهم الفنية، وفي أحيان كثيرة يتحول الصالون الاجتماعي إلى منتدى فني ثقافي أو فكري، وكان زملاء المهنة يخرجون بالأخبار الدسمة والتصريحات اللطيفة من كوباني والساخرة من الأستاذ كمال ترباس .. في صالون الكوباني تعرفت على الأخ أشرف الكاردينال قبل أن يطرح نفسه كرياضي، وفيه تعمقت علاقتي بعاشق زهرة أمدرمان نجار علي السيد الكوباني، وكنت أسعد بالجلوس إلى الفنان الصديق (نادر خضر) الذي تجمعتني به صداقة منذ العام 1997 ، وآخرون كثر كانوا يجتمعون عند الكوباني بعد أن أجمعوا على حبه . حتى الخلافات الفنية والرياضية التي تشتعل نيرانها في الصحافة، تتحول إلى أنس بطيب خاطر وتوادد في حضور الكوباني الذي يجمل الأمكنة ويلطفها، حتى الخلاف الشهير حول أغنية (مدد) التي كتبها الشاعر الأستاذ عبدالله البشير وتغنى بها الفنان حسين شندي بلحن الأستاذ صلاح إدريس الأرباب وتغنى بها أيضاً ترباس بلحن مختلف وضعه للأغنية لم يعدُ الأمر أكثر من مداعبات ساخنة لكنها تخلو من الخشونة داخل صالون الكوباني وتتحول إلى مقارنات (تكتل من الضحك ) . طالت الجفوة بين الأرباب صلاح إدريس والدكتور الكوباني بسبب مدد، وهي جفوة رسخت لها بعض الكتابات الصحفية في تلك الفترة رغم أنها وضعت الأخ الأستاذ حسن عبدالرحيم بين نارين لما يجمعه من صلات بين طرفي الخلاف، والخلاف في الأغاني بطبعه يكون لطيفاً لايرقى لمستوى الكلمة، وأذكر أنني في مناسبة زواج بمسرح النيل بأمدرمان حاولت التقريب بين الأرباب والكوباني الذي جمعتهما المناسبة، وطلبت من الأخ المصور محمد المنذر أن يلتقط صورة لمصافحة ستتم بينهما، وكنت وقتها أقف مع كوباني والفنان معتز صباحي ولمحت الأرباب يمضي في اتجاهنا وتقدمت لتحيته فصافحني بحرارة وتوقف دون أن يمضي في اتجاه كوباني وصباحي، بعدها تحدثت إليه طالباً معالجة سوء الفهم بينه والكوباني وترباس، فشكرني على المبادرة، وقال بأن الموضوع يحتاج لجلسة تجمع أطراف الخلاف حتى يعالج من جذوره، وقد كان حيث رتبنا لجلسة بعد يومين أصر الأرباب أن تكون بمنزله بكافوري خلال أيام عيد الأضحى إبداءً لحسن النية وإكراماً لضيوفه، فحضر ترباس برفقة الأخ حسن إدريس وعماد حسين والمرحوم بشير جابر، وتخلف كوباني الذي طلب أن تكون الجلسة في مكان محايد، ورد عليه ترباس بطريقته اللطيفة (ده صلح ولا نهائي إفريقيا) .؟. عادت المياه لمجاريها بين الأرباب وترباس في تلك الجلسة بعد جهد جهيد، واستقبل كوباني الأمر برحابة صدر لكنه لم يخف تعليقاته في مواجهة ترباس، وأذكر بعد أيام أن حديثاً كان يدور بينهما بعد أن طلب كوباني من ترباس أن يبيع له سيارة كان يملكها وقتها، فأعتذر ترباس عن البيع، فرد عليه كوباني: إنت بعته القضية، كيف ترفض بيع العربية؟، وكرر كوباني طلبه بألحاح وقال لترباس: أحسن ليك أنا دكتور وبتلقاني قدااام، فرد عليه ترباس بطريقته اللطيفة: ألقاك وين يا أخوي ..إلا في المشرحة .. بعدين أول مرة أشوف لي دكتور بجيبو ليهو الزول بعد ما يموت . ما بين ترباس والكوباني مواقف مليحة تحتاج إلى مجلدات، كلاهما أصحاب طرفة وتعليقات ضاحكة لكن باطنها يحتشد بالحكم والعبر، وكلاهما أصحاب فضل وإنسانية، في مقال قادم بإذن الله أحدثكم عن الفتاة التي فتحت بلاغاً في الدكتور علي كوباني والفنان طه سليمان وأودت بهما لساحة المحكمة بسبب قصيدة ادعت ملكيتها وأن كوباني قدمها لطه دون الرجوع إليها، وكيف تعامل كوباني مع الفتاة بعد أن حكمت المحكمة لصالحه ..؟